الموجه: تكوين الحكام واستثمار الموارد بالشكل الأمثل أهم من “الفار”

شهدت البطولة الاحترافية في الموسم الماضي جدلاً واسعًا حول التحكيم، ما يطرح تساؤلات مهمة بشأن الإصلاحات المطلوبة في تكوين الحكام، جودة النقل التلفزيوني، واستثمار التكنولوجيا لتقليل الأخطاء وضمان نزاهة المباريات.
وفي هذا الصدد، اعتبر محمد الموجه، الحكم الوطني السابق، تقنية الفيديو وسيلة مساعدة وليست أساسية، فالقرار النهائي يبقى بيد الحكم.
كما أقر الموجه في حوار مع جريدة “مدار21″، بوجود الأخطاء التحكيمية بالبطولة الوطنية التي تؤثر على نتائج المباريات، مطالبا بضرورة استثمار الاعتمادات المالية لتكوين الحكام ودعمهم وضمان جاهزيتهم.
نص الحوار:
كيف يمكن للمديرية الوطنية للتحكيم والشركة الناقلة العمل معًا لتقليل الأخطاء التحكيمية وتحسين استخدام تقنية “الفار” في البطولة الوطنية؟
الموسم الماضي عرف احتجاجات كثيرة مرتبطة بالجانب التحكيمي، خصوصاً من الأندية الكبيرة.
ومن خلال تعيين إسماعيل الفتح مكلفا بمهمة إجراء خبرة شاملة لمنظومة التحكيم الوطني يوم 18 مارس الماضي وتقديمه للحصيلة الأولية حول مشاكل البطولة الوطنية، تبين أن هناك إشكاليات في توظيف تقنية الفار واستثمارها.
هذه الإشكالات، تنقسم إلى ما هو ذاتي وما هو موضوعي. فالذاتي يتعلق أساساً بطريقة تكوين الحكام ومستوى استيعابهم لهذه التقنية، حيث توجد اختلافات واضحة في التكوين وفي كيفية التعامل مع المواقف، وهو ما يفرض على مديرية التحكيم أن تعمل على تقريب وجهات النظر، مع التنبيه إلى أن تقنية الفار وسيلة مساعدة وليست أساسية، لأن القرار النهائي يظل بيد الحكم.
أما الموضوعي، فيرتبط بالنقل التلفزيوني وبالشركة الناقلة للمباريات، سواء من حيث عدد الكاميرات أو تموضعها أو جودة صورها.
وهذا الأمر يصعب المأمورية على بعض الحكام، ويجعل بعض اللقطات التحكيمية غير واضحة، وهو ما يفتح المجال للانتقادات والتفاعلات في وسائل التواصل الاجتماعي، ويمنع الحكم من الوصول إلى المستوى المطلوب لاتخاذ القرار الأنسب.
شهد الموسم الحالي احتجاجات متكررة من الأندية على القرارات التحكيمية، وصلت أحيانًا إلى التشكيك في نزاهة المنافسة.. في رأيك، ما هي أبرز مواطن الخلل في منظومة التحكيم المغربي، وما الأولويات التي يجب إصلاحها قبل انطلاق الموسم المقبل؟
التشكيك في نزاهة حكام البطولة الوطنية يظل مسألة نسبية ما دامت لا توجد معطيات ملموسة تسمح بالخوض فيها، وبالتالي فهي مجرد حكم قيمة لا يمكن إسقاطه على جميع المباريات.
بعض الجماهير تندفع بدافع الانتماء إلى فرقها فتقع في المبالغة سواء في الاحتجاج أو في المطالبة بقرارات معينة من الحكام.
مع ذلك، الأخطاء التحكيمية كانت حاضرة وأثرت على نتائج بعض المباريات، وحرمت أندية من نقاط مهمة، وهذا يفرض على المدير الوطني ومديرية التحكيم التوقف عندها خلال التربصات والدورات التكوينية التي تنظم سنوياً من أجل معالجة مثل هذه الهفوات.
تقنية الفيديو أثارت الكثير من الجدل، أولاً بسبب طول فترة المراجعة، التي تتجاوز في أحيان كثيرة عدة دقائق، مما ينعكس سلباً على الطراوة البدنية للاعبين.
وثانياً بسبب كثرة التدخلات التي جعلت الحكام أقل اعتماداً على قراراتهم الفردية، إذ ينتظرون تدخل التقنية للفصل، إذ إن بعض المباريات شهدت ست أو سبع تدخلات في مباراة واحدة، وهو رقم مبالغ فيه يسيء لصورة البطولة الوطنية.
العصبة الوطنية خصصت مبالغ مهمة للتحكيم (أجور الحكام، تكاليف ال VAR، المعسكرات..) ومع ذلك ما يزال الجدل قائما. هل الخلل في حجم الموارد المرصودة، أم في كيفية استثمارها في تكوين وتقييم الحكام؟
العصبة الاحترافية ومنذ سنتين بعد أن كلفتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بملف التحكيم، وفرت اعتمادات مالية مهمة لتطوير أداء الحكام في المباريات، سواء من خلال التعويضات الخاصة بتنقل الحكام، أو عبر الاستثمار في تحسين تقنية الفيديو بالشراكة مع الشركة الناقلة.
لكن رغم توفر هذه الاعتمادات، يظل الجدل قائما، فالموارد المالية لا تعني بالضرورة القضاء على الأخطاء بشكل نهائي، وإنما تساهم في تقليصها إذا ما استُثمرت بشكل جيد.
الأمر يتطلب الوقوف إلى جانب الحكام ومنحهم دعماً فعلياً يضمن لهم دخلاً قاراً يساعدهم على تدبير تداريبهم وحياتهم الشخصية، حتى يكونوا دائماً في كامل الجاهزية لتأدية مهامهم التحكيمية.
تكررت انتقادات بخصوص طريقة تعيين الحكام للمباريات، إذ يُنظر أحيانًا إلى وجود ازدواجية أو غياب معايير واضحة. ما الذي ينبغي تغييره في آليات التعيين لضمان عدالة وشفافية أكبر؟
بالنسبة لي، تقنية الفيديو ومفهومها وفلسفتها منذ ابتكارها بين سنتي 2016 و2017، كانت بهدف منح الحكام فرصة لمراجعة بعض القرارات الكبيرة.
في البداية، كانت تدخل في أربعة مواضع أساسية، مثل تسجيل الأهداف وإشهار البطاقة الحمراء، لإعطاء فرصة ثانية للحكم لاتخاذ القرار الصحيح.
لكن هذه التقنية لا تمنع الجدل تماماً، ولا تضمن القضاء التام على الأخطاء والهفوات التحكيمية، بل تقلل منها فقط إذا استثمرت بشكل صحيح.
وهذا يتطلب أولاً جهوداً في الجانب البشري، من خلال تكوين الحكام واستثمار مقاطع المباريات التحكيمية المتنوعة، والتي تختلف من مباراة لأخرى، ما يصعّب المهمة أحياناً على الحكام.
كما أن مشاكل النقل التلفزيوني في البطولة الوطنية تلعب دورا كبيراً في تعقيد المسألة، بسبب قلة عدد الكاميرات، وضعف تموضعها في الملعب، إضافة إلى جودة التصوير، إذ تظهر أحياناً لقطات غير واضحة، لا تساعد الحكام على اتخاذ القرار المناسب في الوقت الأنسب.