اقتصاد

قلة المشاريع التجريبية للهيدروجين الأخضر.. هل يشتري المغرب الوهم؟

قلة المشاريع التجريبية للهيدروجين الأخضر.. هل يشتري المغرب الوهم؟

يُراهن المغرب على الهيدروجين الأخضر، الذي يوصف بـ”نفط الغد”؛ على المدى المتوسط لتحقيق أمنه الطاقي بل التحول إلى قوة تصدير، لما تتوفر عليه المملكة من مؤهلات طبيعية تسمح بذلك، غير أن معطيات الوكالة الدولية للطاقة، التي تفيد بأن 7% فقط من مشاريع الهيدروجين المعلنة وصلت إلى مرحلة القرار النهائي للاستثمار، تطرح أكثر من علامة استفهام حول فعالية هذا الخيار الاستراتيجي.

“النسبة المذكورة تُعتبر ضعيفة للغاية، ولا تسمح حقا بالقول إن الهيدروجين سيكون طاقة المستقبل النظيفة دون أدنى شك” يؤكد الخبير في القطاع الطاقي سعيد غمرة.

الأسباب متعددة؛ نقص في المعطيات القابلة لإقناع البنوك بتمويل المشاريع، غياب المشترين، والأهم من ذلك غياب المشاريع التجريبية التي تتيح معرفة “معامل الحمولة” لإنتاج الهيدروجين؛ إذ يوضح الخبير أن “هذا العامل هو ما سيحدد إمكانية الانتقال إلى المشاريع الكبرى على مستوى الجيغاواط أم لا”.

واعتبر غمرة أن مشروع نيوم (Neom) بالمملكة العربية السعودية يعد مثالا على مشروع عالي المخاطر، إذ إن مطوريه انتقلوا مباشرة إلى بناء مشروع ضخم بالجيغاواط دون أي معرفة مسبقة بخصائص الإنتاج عن طريق مشروع تجريبي، بخلاف المنهجية التي تتبعها دولة تشيلي، والتي أطلقت 10 مشاريع تجريبية بهدف معرفة خصائص إنتاج الهيدروجين في كل منطقة.

وبتطبيق نسبة الوكالة الدولية للطاقة على الحالة المغربية، حيث يتم تطوير ستة أو سبعة مشاريع هيدروجين، فإن أفضل السيناريوهات سيُبقي مشروعاً واحداً فقط قائماً، وهو ما سيمثل فشلا ذريعاً يحبط رهان المغرب على هذه الطاقة النظيفة.

واقترح غمرة لتدارك ذلك إطلاق 5 مشاريع تجريبية للهيدروجين في المغرب بقدرة 20 ميغاواط من الطاقات المتجددة، وذلك في خمس مناطق إنتاج بجنوب المغرب، على أن توضع بيانات إنتاج الهيدروجين في صيغة مفتوحة (Open Data) رهن إشارة المستثمرين والباحثين، ما سيسمح بالعمل على مواضيع بحثية متعددة.

وأوضح أن الهيدروجين المنتج من ذلك يمكن بيعه على شكل أمونياك للمكتب الشريف للفوسفاط بموجب عقد شراء طويل الأمد. مضيفا أن الكلفة الإجمالية للمشاريع التجريبية ستتراوح بين 240 و280 مليون دولار، بينما ستبلغ مداخيل بيع الأمونياك بين 17 و20 مليون دولار سنوياً.

ولفت الخبير إلى أهمية المشاريع التجريبية باعتبارها الحل الوحيد لتطوير المشاريع الكبرى للهيدروجين، على غرار تجربة تشيلي التي اعتمدت مقاربة حذرة، وهو ما مكنها في الوقت الراهن من امتلاك 75 مشروعاً للهيدروجين.

وخلص غمرة إلى أن سرعة الرياح والإعفاءات الضريبية ليست كافية لجعل مشروع هيدروجين عال الجيغاواط ممكناً، بل البحث العلمي والمعطيات الموثوقة عن إنتاج الهيدروجين على نطاق صغير.

واعتبر أن الطريق ما زال طويلاً على مستوى البحث والتطوير قبل الوصول إلى كلفة مقبولة للهيدروجين؛ و”لهذا، فمن الضروري معرفة خصائص إنتاج الهيدروجين على نطاق صغير في خمس مناطق مناخية جنوب المغرب، بالموازاة مع القيام بقفزة نوعية للبحث العلمي المغربي”.

وأشار إلى أن البيانات المفتوحة على الإنترنت للمشاريع التجريبية هي الوسيلة الوحيدة لجذب المستثمرين في مجال الهيدروجين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News