اقتصاد

من “الشناقة” إلى “الكرايجية”.. أسعار الموز تحت رحمة الوسطاء والاحتكار

من “الشناقة” إلى “الكرايجية”.. أسعار الموز تحت رحمة الوسطاء والاحتكار

ينعتهم البعض بـ”الشنّاقة” أو “الكرايجية” قدحاً، ويفضل البعض الآخر مصطلحا أكثر حياداً “الوسطاء”. تتعدد التسميات والمنطق واحد: الوساطة بين المُنتِج والمستهلك، وأحيانا التاجر، في سلوك شبه طفيلي لتحقيق مكاسب دون أي قيمة مضافة في سلسلة الإنتاج سوى رفع الأسعار النهائية؛ منطقُ لم يعد يقتصر على أسعار المواشي واللحوم، بل تفشى ليشمل كل المواد الاستهلاكية، وآخرها الموز.

ووصلت أسعار الموز بأسواق الجملة إلى ما يتراوح بين 9 و10 دراهم للكيلوغرام، وهو رقم يثير امتعاض تجار الجملة، لأنه ينخر هامش أرباحهم ويمتص قسطاً منه ومن هامش أرباح تجار التقسيط، ويتسبب في غلاء الموز ووصوله لما يناهز 15 درهما للكيلوغرام في الأسواق، مما يدفع عددا من المستهلكين إلى الإحجام عن شراء مادة يَعدونها، في حال الغلاء، ترفاً لا ينتمي للقفة الرئيسية.

في سوق الجملة للخضر والفواكه بإنزكان، تُسجل حالة امتعاض عامة في صفوف التجار، لتقلص هامش أرباحاهم إلى الحد الأدنى “لا نكسب سوى 50 سنتيماً في الكيلوغرام، بحيث يصلنا الموز من مصدره بثمن 8 دراهم ونصف”، يؤكد أحد تجار الجملة لصحيفة “مدار21”.

ويضيف المتحدث “إذا كان هذا السعر في سوق الجملة، فكيف يكون لدى تاجر التقسيط؟ المستهلك المغربي اعتاد على شراء الموز بـ10 دراهم على أقصى تقدير، وهذا ثمن أصبح من غير ممكن، لأننا بدورنا لم نعد نضفر بالموز بـ4 دراهم للكيلوغرام كما كان الحال في السابق”.

وتوجه أصابع الاتهام في هذا الغلاء إلى من يُعرفون في صفوف التجار بالـ”كرايجية”؛ مُصطلح آخر لتوصيف الظاهرة نفسها: “الوسطاء الذين يملكون رساميل ضخمة تخول لهم شراء كميات كبيرة من الموز من الضيعات وتخزينها قبل بيعها لتجار الجملة”.

يقوم هؤلاء الوسطاء بالشراء من أصحاب الضيعات الفلاحية بأثمنة لا تتعدى 4 دراهم، وبأسعار ثابتة، ويتفقون مع الفلاحين على شراء إنتاج هكتارات برمتها، وفقا للمهنيين، وهذه ظاهرة تفشت في الآونة الأخيرة، حيث يعمد بعضهم حتى لشراء الموز قبل نضجه بشهور عديدة.

هذا المعطى الأخير يُعتبر مغريا بالنسبة للفلاحين، حيث أن بيع منتوجه قبل نضجه يتيح له مدخولا مُسبقاً أحيانا، ويُجنبه، على وجه الخصوص، مخاطر فساد المحصول أو جزء منه قبل نضجه، بحيث يُصبح مسؤولية الوسيط المشتري.

“بالتالي لم تعد لدينا القدرة على التعامل مع أصحاب الضيعات مباشرة، مَن يحتكرون الموز المحلي الآن هم هؤلاء الوسطاء ونحن مضطرون للشراء منهم” يؤكد المهني.

الأكثر من ذلك، يضيف مستجوبنا أن الوسطاء صاروا يتكتلون في “مجموعات واتساب”، ويتفقون بها ليلاً على سومة موحدة سيقترحونها على تجار الجملة في اليوم التالي، وهذا يُفقد تاجر الجملة حتى هامش المناورة والاختيار بين الوسطاء والتفاوض على السومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News