مجتمع

أسبوع من التساقطات يكشف هشاشة البنيات التحتية بمغرب “السرعة الثانية”

أسبوع من التساقطات يكشف هشاشة البنيات التحتية بمغرب “السرعة الثانية”

فضحت التساقطات المطرية التي عرفتها أقاليم متفرقة بالجنوب الشرقي للمملكة خلال الأسبوع الجاري هشاشة البنيات التحتية والطرقية لمغرب “السرعة الثانية”، بعدما انهارت عدد من المسالك الطرقية والسدود التلية نتيجة عدم اكتمال أشغالها أو ضعف جودتها، ما أدى إلى انقطاع الطرق المؤدية إلى مغرب “السرعة الأولى” وتضرر أملاك مواطني العالم القروي.

تساقطات مطرية متقطعة ومتفرقة لأقل من أسبوع واحد كانت كافية لكشف واقع البنية التحتية في جماعات ومدن الجنوب الشرقي (إقليم ورزازات، إقليم زاكورة، وإقليم تنغير)، بالإضافة إلى تضرر دواوير جهات أخرى بمداشر أزيلال من هذه الأمطار الرعدية.

وليست هذه المرة الأولى التي تكشف فيها تساقطات مطرية محدودة ما تعانيه البنيات التحتية من هشاشة وضعف بقرى وأقاليم “المغرب المنسي”، حيث تتجدد، كل عام تقريبًا، مشاهد الانهيارات والفيضانات التي تعزل القرى وتعرض حياة السكان وممتلكاتهم للخطر.

وفي خطاب العرش الأخير، نبَّه الملك محمد السادس، أنه “ما تزال هناك بعض المناطق، لاسيما بالعالم القروي، تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الأساسية، وهو ما لا يتماشى مع تصورنا لمغرب اليوم، ولا مع جهودنا في سبيل تعزيز التنمية الاجتماعية، وتحقيق العدالة المجالية، فلا مكان اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين”.

خالد جمقري، رئيس فرع التعاضدية المغربية لحماية المال العام والدفاع عن حقوق الإنسان بورزازات، قال إن “قطرات مطرية متقطعة ومتفرقة أدت إلى كل هذه الانهيارات والأضرار التي لقيت جماعات قروية متعددة في أقاليم بالجنوب الشرقي للمملكة”، مشيرًا إلى أن “الأدق من هذا هو أن العالم القروي وجماعات قروية متعددة هي التي تضررت بنياتها الطرقية الهشة والبنيات التحتية الخاصة بها بالدرجة الأولى”.

وأورد الناشط الحقوقي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “الهشاشة التي تكشفها مثل هذه التساقطات في هذه الجهات (جهات الجنوب الشرقي) وصلت إلى مستوى لم يعد معه من الممكن تمييز العالم القروي من العالم القروي”، مبرزًا أنه “على سبيل المثال، فمدينة ورزازات لا تزال تعيش العزلة كلما سقطت أمطار متوسطة القوة، نتيجة الانهيارات التي تعرفها الطريق المؤدية إلى مدينة مراكش، بحكم أنها المنفذ الأقرب للساكنة لولوج عالم (السرعة الأولى)”. 

واعتبر المتحدث ذاته أن “الغريب في هذا الأمر هو أن هذه الأمور تتكرر في كل سنة، مرتين أو ثلاث مرات، دون أن يتم أي تحرك فعلي وجدي لإنهاء هذه الأزمات الممتدة لسنوات منذ الاستقلال”، مؤكدًا أن “السبب الرئيسي في حدوث مثل هذه الحوادث في كل سنة هو الإصلاحات غير المكتملة للطرقات، والغش في بعض الأحيان في تأهيلها بالشكل اللازم”.

وسجل الفاعل الحقوقي أن “ما حدث خلال هذا الأسبوع ينذر بخطر كبير، بحكم أنها تساقطات جاءت في فصل الصيف”، مشيرًا إلى أنه “يجب التعجيل بإصلاح هذه البنيات الطرقية والتحتية قبل حلول فصل الشتاء، الذي يعرف تساقطات ثلجية كثيفة تؤدي، في كثير من الأحيان، إلى انهيار أجزاء من بعض الجبال، وبالتالي انقطاع المسالك الطرقية المؤدية إلى عدد من المدن والجماعات القروية في مغرب السرعة الثانية”.

وفي ما يتعلق بالأضرار التي لحقت عددًا من الدواوير بأقاليم جهة درعة تافيلالت بسبب الأمطار الرعدية التي أدت إلى سيول جارفة، أوضح الناشط الحقوقي أن “هناك أزمة حقيقية في جودة وسعة السدود التلية التي تُشيّد على هامش الدواوير بغرض توفير الموارد المائية للساكنة”، مسجلًا أن “بعض السدود التلية ضعيفة الجودة أو غير المهيأة بالشكل الجيد تنهار غالبًا بسبب الأمطار الغزيرة، وتلحق أضرارًا بحقول الفلاحين وبعض المرافق الحيوية، كما وقع لمسجد بجماعة (إمينولاون)”.

وتابع المصدر عينه أن “الشركة الحاضنة لأي مشروع بناء سد تلي يجب أن تكون قد ضبطت قدرته الاستيعابية ومستوى صموده عند وقوع أمطار قوية”، مورِدًا أن “الإشكال الآخر هو من يرخص ببناء مساكن بالقرب من مثل هذه السدود التلية، التي تؤدي إلى كوارث إنسانية في حال وقوع فيضانات قوية”.

وانتقد المصرح نفسه “أسلوب بعض المسؤولين الذين لا يتحركون إلا بوقوع أزمات وحوادث تودي بحياة الناس أو تهدد استقرارهم”، مبرزًا أن “الأصل هو الاشتغال على المدى البعيد ووفق استراتيجية، والعمل على مراقبة الصفقات العمومية التي يتولاها القطاع الخاص، لتجنب تكرار المآسي الإنسانية التي تضر بمواطني الجنوب الشرقي، ومغرب السرعة الثانية عمومًا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News