سبتة تغلي بمحاولات هجرة القاصرين من المغرب والسلطات تطلق “عملية الفران”

في وقت تشهد فيه مختلف مسارات الهجرة غير النظامية إلى إسبانيا تراجعًا ملحوظًا، برزت مدينة سبتة المحتلة كممر رئيسي ووحيد يسجل ارتفاعًا مقلقًا في تدفقات المهاجرين، لا سيما القاصرين المغاربة، وفق ما كشفه تقرير موسع حديث نشرته صحيفة El Confidencial الإسبانية.
مئات المغاربة يحاولون العبور سباحةً
خلال الأيام الماضية، حاول أكثر من مئة مغربي، بينهم قاصرون، السباحة نحو سبتة المحتلة تحت جنح الضباب الذي صعب عمليات المراقبة والرصد، وفق El Confidencial، ورغم أن الجمعية الموحدة لحرس المدنيين الإسبان قدرت عدد القاصرين الذين حاولوا السباحة بين يومي الثلاثاء والأربعاء بأكثر من 60، فإن حكومة سبتة المحتلة قللت من الرقم مؤكدة أن 7 فقط وصلوا فعلاً، بينما تم اعتراض الباقين وإعادتهم.
أما خلال النصف الثاني من شهر يوليوز، فقد سجلت وزارة الداخلية الإسبانية وصول 361 شابًا، كثير منهم قاصرون، إلى شواطئ المدينة، بزيادة مهولة بلغت 429% مقارنة بمتوسط الوافدين بين يناير وبداية يوليوز، وسجل اليومان 18 و25 يوليوز أعلى نسب الوصول، بـ71 و60 قاصرًا على التوالي.
اكتظاظ غير مسبوق في مراكز الإيواء
نقلت El Confidencial عن ألبرتو غايتان، مستشار الرئاسة في حكومة سبتة المحتلة، أن المدينة أصبحت تحتضن حاليًا 452 قاصرًا تحت الرعاية، إضافة إلى نحو 60 آخرين فروا من مراكز الإيواء، مشيرا إلى أن نسبة الاكتظاظ في هذه المرافق بلغت 414%، وهو رقم غير مسبوق في المدن الإسبانية، أي بمعدل قاصر واحد لكل 187 ساكنًا.
غايتان عبر عن أمله في أن يصادق مجلس الوزراء الإسباني على مرسوم مرتقب يوم 26 غشت الجاري، ينص على توزيع القاصرين غير المصحوبين على الأقاليم المستقلة وفق حصص عادلة، لافتا في الوقت نفسه أنه وفق تقديرات الحكومة، لا يفترض أن تستضيف سبتة المحتلة أكثر من 27 قاصرًا، أي أقل بـ16 مرة من العدد الفعلي الحالي.
“عملية الفران”: تشديد التفتيش على الشاحنات
وتزامنًا مع تزايد محاولات التسلل، أطلقت قوات الأمن الإسبانية ما وصفته بـ”عملية الفران” لتفتيش شاحنات الألعاب والمعدات الترفيهية المغادرة من سبتة المحتلة إلى شبه الجزيرة، حسب ما أوردته El Confidencial، لافتة أنه جرى العثور، في بداية العملية، على قاصر مغربي (16 عاما) مختبئ داخل مركبة، رغم تصريحات مندوبة الحكومة في سبتة المحتلة، كريستينا بيريز، التي أكدت أن “المراقبة الحدودية مشددة وتمنع المهاجرين من الوصول إلى الشاحنات”.
ورغم أن وزارة الداخلية تحاول تقديم أرقام الوافدين على سبتة المحتلة على أنهم دخلوا عبر البر، فإن El Confidencial شددت على أن الغالبية الساحقة منهم دخلوا بحرًا، إذ بلغ عدد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى المدينة منذ بداية 2025 وحتى نهاية يوليوز 1.455 شخصًا.
طرق جديدة ومخاطر أكبر
وأوضحت الصحيفة أن هناك مستجدات مثيرة للقلق؛ من بينها استعانة بعض القاصرين بقوارب صيد مغربية صغيرة تقلهم، مقابل المال، إلى مسافات قريبة من الساحل الإسباني، حيث يلقون بأنفسهم في البحر. كما يحاول آخرون تجنب الرصد عبر الابتعاد عن الرصيف البحري الفاصل بين الفنيدق وسبتة المحتلة، ما يجعل الرحلة أطول وأكثر خطورة.
ونقلت El Confidencial عن غييرمو لورينزو، الكاتب العام لجمعية Jucil لحرس المدنيين بسبتة المحتلة، أن البحر لفظ خلال السنة الجارية 14 جثة مجهولة الهوية، مرجحًا أن يكون عدد الضحايا الحقيقي أكبر بكثير، لأن البحر لا يُعيد كل الجثث.
وطرحت العديد من الجمعيات الأمنية في إسبانيا، وفق El Confidencial، مقترحًا بتمديد الرصيف البحري الفاصل بين المغرب وسبتة المحتلة لردع محاولات التسلل البحري، غير أن السلطات الإسبانية لم تتخذ أي خطوة عملية في هذا الاتجاه دون موافقة الرباط، التي لم تمنح بعد الضوء الأخضر. بالمقابل، طالبت الصحيفة بتحسين المراقبة الليلية على الجانب المغربي.
الحدود آمنة بين المغرب وإسبانيا
وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، أشار بدوره في تصريح لإذاعة Onda Cero، إلى أن الحدود الإسبانية المغربية “آمنة تمامًا اليوم”، خلافًا لما كانت عليه في عهد حكومة الحزب الشعبي، وفق تعبيره.
وذكّرت El Confidencial بأن الرباط كثّفت جهودها في محاربة الهجرة غير النظامية منذ مارس 2022، عقب دعم مدريد لخطة الحكم الذاتي المغربية بخصوص الصحراء.
ووفق بيانات وزارة الداخلية الإسبانية، فقد تراجعت أعداد المهاجرين غير النظاميين عبر البحر بنسبة 32.5% ما بين يناير ويوليوز (20.258 وافدًا)، مع تسجيل انخفاض بارز في جزر الكناري بنسبة 46.1%، ويرجع ذلك بالأساس إلى جهود موريتانيا التي أصبحت نقطة الانطلاق الرئيسية نحو الأرخبيل.
مسار الجزائر وجزر البليار: أزمة صاعدة
وختمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن المسار الوحيد الذي يُثير قلقًا كبيرًا حاليًا هو المتجه إلى جزر البليار، حيث تسجل أعداد المهاجرين أرقامًا قياسية، مع وصول 3.822 مهاجرًا غير نظامي حتى نهاية يوليوز، بزيادة 124% مقارنة بنفس الفترة من 2024.
وأكدت أن أغلب القادمين ينطلقون من الجزائر، ومعظمهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء، خاصة الصوماليين، الذين باتت بعض القوارب مخصصة لهم دون اختلاط بجنسيات أخرى، متوقعة أن تتجاوز أعداد المهاجرين غير النظاميين في جزر البليار، بحلول نهاية 2025، الرقم القياسي المسجل العام الماضي والذي بلغ 5.882 مهاجرًا.