ثقافة

“الرباط عاصمة الأنوار”.. سردية بصرية تحتفي بسحر “مختبر الغد”

“الرباط عاصمة الأنوار”.. سردية بصرية تحتفي بسحر “مختبر الغد”

في إصدار حديث يحمل عنوان “الرباط مدينة الأنوار”، من إنتاج مؤسسة “أكسيون للتواصل” بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ترتدي عاصمة المملكة ثوبها الليلي لتقديم للقراء والراغبين في سبر أغوار المدينة رؤية شعرية وبصرية تستحضر التاريخ وتستشرف المستقبل.

عمل فني وثقافي ينضاف إلى المكتبة المغربية ليوثق التحول العمراني والثقافي الذي شهدته العاصمة الرباط، ويبرز الهوية المركبة للمدينة التي جمعت عبر قرون من الحضارات بين الروح العسكرية والإشعاع الثقافي، وبين صرامة المعمار ودفء العيش. ويُعرض الكتاب في أربعة أجزاء، تُمكّن القارئ من التوغل في مختلف أبعاد المدينة؛ من عمقها التاريخي المتجذر، إلى الحيوية اليومية في أحيائها الشعبية، مروراً بغناها الثقافي ومؤسساتها الفنية، وصولاً إلى وجهها السياحي الليلي الآسر.

وفي كلمة تقديمية، قال وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، إنه “بموقعها في ملتقى نهر خفي ومحيط هائل، تتماهى مدينة الرباط مع هذين العنصرين المائيين في غموضهما وتأرجحهما بين التواضع والضخامة. ما الضباب الذي يغطيها في الصباح ورذاذ المحيط الذي يجتاحها في المساء، غير أغطية زائلة، لأن الرباط تفصح بتدرج عن كل طبقات الحضارة التي يتراكم بعضها فوق بعض أكثر عراقة أو غموضا”.

ويتابع أنه “بتعاقب المؤثرات الفينيقية والمورية والرومانية والبورغواطية والموحدية والمرينية، فإن هذا الكل وأكثر، انصهر في بوتقة واحدة اسمها الرباط. كانت عدة مرات عاصمة إمبراطورية أو مدينة عسكرية”، مبرزا أن هذه الصبغة الإدارية والعسكرية للمدينة لم تحجب “أبعادا أخرى ثقافية أو روحية”.

ويضيف بنسعيد “كانت الرباط على الدوام مدينة العبر والإلهام، مولية وجهها نحو المحيط الأطلسي.. عرفت الرباط كيف تحافظ على هذا الماضي بالتسامي به في أدراج حداثة قائمة على التوازن وعلى التناغم الهندسي والإقدام التعميري”، مبرزا أن “هذا التراث المصان منذ أكثر من ألفي عام هو الذي يسعى هذا الكتاب إلى تمجيده بالنصوص والصور الفتوغرافية”.

ويبرز المسؤول نفسه الاستمرارية التي تخترق القرون بين قبور المرينيين بشالة وضريح المرحوم محمد الخامس، وبين صومعة حسان وبرج محمد السادس، وبين قصبة الأوداية ومتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، ملخصا القول “نفس الإلهام ونفس التقليد المقرون بالجرأة الجمالية، يربط البنايات التي تفصل بينها الأزمنة المديدة والثقافات، ويوحدها، مع ذلك، نفس الولع هو العيش في المدينة – المرآة التي تنعكس عليها التراكمات الحضارية”.

وأفاد بنعسيد أنه تحت القيادة الملكية، اعتمد المغرب “توجها صاعدا قائما على الاستدامة والإدماج والرأسمال البشري”، مبرزا أنه “في إطار هذه الرؤية الملكية، لم تكن الرباط مجرد عاصمة إدارية فحسب، بل مدينة مسخرة لتصبح عاصمة الروح المغربية وبصمة التنوع الهوياتي والغنى التراثي الذي يميز المملكة ويمنحها فرادتها”.

ولفت بنسعيد إلى أن “تهيئة ضفتي أبي رقراق ومضاعفة المؤسسات الثقافية كالمسارح والسينمات والمتاحف وتجديد البنايات وترتيب المعالم، كل ذلك يساهم بطموح عالي في جعل الرباط مختبر مغرب الغد، أمة ثقافة، تكون فيها الوطنية حضارية، عارضة تسامحها وفن عيشها ومهاراتها في محيطها الجهوي والقاري”.

وفي كلمتهما، يقول كل من محمد نبيل بنعبد الله وسعد الحصيني، أن “الرباط، عاصمة المغرب، مدينة ساحرة يمتزج فيها التاريخ والثقافة والحداثة بأناقة نادرة”، مضيفين أن هذه المدينة عرفت “كيف تحافظ على روحها، وفي الآن نفسه كيف تجري ما يلزم من تحولات لتصبح ملتقى حيا للحضارة والمعرفة والتعايش”.

تمهيد بنعبد الله والحصيني يلخص الكتاب في كونه دعوة إلى “اكتشاف عاصمة المملكة من وجهة جديدة عبر سحر الليل. كل فصل من هذا المؤلف هو سفر شعري يحتملكم إلى الزوايا السرية والمضيئة للمدينة، تحت الأضاءات الليلية الكاشفة”.

ويتألف هذا الكتاب من أربعة أجزاء مختلفة، يمنح كل واحد منها إطلالة حميمية وفريدة على الرباط، تمكن القارئ من اكتشاف المدينة في كل رفعتها، إذ خصص الجزء الأول لتاريخ الرباط كعاصمة تنغرس جذورها في أعماق القرون الماضية، إذ من خلال الصور الفوتوغرافية الملتقطة ليلا “تكشف الرباط عن وجهها التاريخي تحت إضاءة ناعمة وساحرة، تعطي مشهدا جديدا لهذه المعالم الرفيعة بأبوابها المحصنة وأحيائها القديمة”.

أما الجزء الثاني من هذا الكتاب فهو، وفق التمهيد، يسري في “أعماق الروح الأصيلة للرباط”، إذ أنها ليست “مجرد مدينة فحسب، بل مكانا حقيقيا للعيش وفضاء تترسخ فيه التقاليد باستمرار”، ويقدم هذا الفصل الأضواء الكاشفة على المدينة العتيقة للرباط “كمكان حي ونابض تروي فيه الأزقة الضيقة والأسواق النشيطة والمقاهي التقليدية، قصة ثقافة غنية ومتنوعة”، وذلك من خلال رصد “الأجواء التي تحتفي بالصناعة التقليدية المحلية، والطبخ المغربي وهدوء عيش السكان”.

ويركز الجزء الثالث من هذا الكتاب على “الغنى الثقافي للرباط كمركز حي للفن والمعرفة والتجديد. مدينة ملهمة تشع أنوارها غير متاحفها وأروقتها الفنية ومسارحها. وتأتي مؤسساتها التربوية المرموقة كالجامعات والمدارس العليا لتستكمل تفاصيل اللوحة الزاهية لمدينة متجهة نحو المستقبل وحريصة في الوقت نفسه على تمجيد ماضيها”.

أما الجزء الأخير من الكتاب فيأتي، حسب بنعبد الله والحصيني، “لاستكشاف المحور السياحي للرباط كمدينة يمتزج فيها فن العيش ببيئة طبيعية استثنائية”، مضيفا أن الرباط، المدينة-الحديقة تمنح “لسكانها وزوارها إطارا للعيش منقطع النظير”.

ويتابع: “بين الحدائق الغناء والمساحات الخضراء والكورنيشات المنتشرة على طول المحيط الأطلسي ونهر أبي رقراق، تعرف المدينة تحولا ليليا يكشف عن جمال صافي تحت أضواء المصابيح الموجهة والأنوار الخافتة الرباط قطب سياحي حقيقي بعرض فندقي فاخر ومطاعم تقدم ألذ أطباق الطبخ المغربي والطبخ العالمي في الليل، تصبح هذه الفضاءات لوحات حية يتعانق فيها الهدوء والجمال مانحة للمسافرين لحظات من النزهة والتأمل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News