الفينة: “الدولة الاجتماعية” مكلفة اقتصادياً وهدفها عدم ترك أحد بدون دخل

باتت “الدولة الاجتماعية” شعار المرحلة بالمغرب، وهو ورش ترفعه الحكومة باعتباره في صدارة إنجازاتها، من خلال توفير الدعم الاجتماعي المباشر وتعميم التغطية الصحية الإجبارية، غير أن المبدأ في حد ذاته يطرح تحديات كبيرة، وفقا للخبير الاقتصادي إدريس الفينة، الذي ينبه إلى أنه لم يحقق المرجو منه في بلدان كاليونان والأرجنتين.
وأوضح الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي أن المقصود بنموذج الدولة الاجتماعية هو ألا تترك الدولة أحداً بدون دخل، ولو في حده الأدنى، مشيراً إلى أن النموذج المقابل لها هو النموذج الأمريكي أو الفرنسي الذي يعرف بالتشغيل الكامل.
ويقوم مبدأ التشغيل الكامل وفق ما أعرب عنه الفينة خلال مروره ببرنامج “تنوير21” على قناة “مدار21” على أنه بدل منح مساعدات للمواطنين، ينبغي تشغيلهم لتوفير مدخول لهم؛ “أي يجب أن نجد فرص شغل للجميع، وهذا يعني أن نعبئ الطاقات والموارد البشرية لتعمل، ونعطيها جميع الفرص والمساعدات لذلك على أساس أن المدخول يجب أن يأتي من عملها”.
ونبه رئيس المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية إلى أن بلداناً سبقت المغرب إلى تبني الدولة الاجتماعية، على غرار اليونان والأرجنتين، لكن أوضاعها الاقتصادية لم تتطور بالشكل المطلوب، واضطرت لطلب الإغاثة الخارجية لكي تنقذ الدولة اجتماعية.
وفي ذات السياق، أوضح بأن الدولة الاجتماعية وإن كانت تصوراً جيداً إلى أنها مكلفة اقتصادياً، وهي “تؤدي كذلك إلى نوع من الاتكالية بحيث يصبح كل المواطنين طامعين في المساعدات، حتى من لديهم إمكانية العمل يفضلون الحصول على المساعدات”.
وفي حين تعد الكلفة الاقتصادية للدولة الاجتماعية باهظة، فالدعم الاجتماعي الذي تم توفيره للفئات الهامشية “ضعيف جداً” يقول الفينة، معتبراً أنه بات من اللازم فتح نقاش حقيقي حول هذا المنطق، “نقاش عميق بين الفاعلين السياسيين والاقتصاديين لكي نعرف مدى فاعلية هذا المنطق ليس فقط في لحظة معينة ولكن على المدى البعيد”.
واعتبر أنه ثمة نماذج أخرى فعالة للإقلاع الاقتصادي؛ على رأسها النماذج التي اتبعتها اليابان والصين حاليا وحتى كوريا الجنوبية؛ “لأن هذه الدول تسير بسرعة كبيرة في التنمية، وفي نفس الوقت تحد بفاعلية من الفقر وتتقدم بسرعة؛ لأن الصعوبة لا تكمل في التقدم بل في التقدم بسرعة”.
واعتبر الخبير أن البرنامج الذي جاءت به الحكومة مؤخراً والذي يهم التشغيل أهم و”كان يستحق أن تعطاه الأسبقية بحكم البطالة المرتفعة التي يسجلها المغرب، والتي ستجعل كلفة “الدولة الاجتماعية” عالية جداً.
“ينبغي أن تعطى لبرنامج التشغيل أهمية أكبر لدعم حاملي الشهادات على ولوج سوق الشغل، والتوجه نحو منطق التشغيل التام لليد العاملة، واستهداف خفض البطالة إلى أرقام معقولة في حدود 2 أو 2,5 في المئة”.