جهويات

متى ستُحوّل العاصمة الإسماعيلية المعرض الدولي للفلاحة إلى مُحرك اقتصادي؟

متى ستُحوّل العاصمة الإسماعيلية المعرض الدولي للفلاحة إلى مُحرك اقتصادي؟

على مدار سنوات، تحولت مدينة مكناس المغربية إلى قبلة سنوية للزوار والمهنيين الزراعيين من مختلف أنحاء العالم، وذلك بفضل استضافتها للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب (SIAM).

هذا الحدث الضخم، الذي يُقام على أرض مدينة تُعدّ واحدة من عواصم المغرب التاريخية، يفترض أن يكون محركاً اقتصادياً قوياً للمدينة، لكن هل تستفيد مكناس فعلاً بالقدر الذي تستحقه من هذا العرس الفلاحي السنوي؟

بين أروقة المعرض الفسيحة، تُعقد الصفقات، وتُعرض أحدث التقنيات الزراعية، وتُتبادل الخبرات بين الفلاحين والمنتجين. لكن، بمجرد أن تطوي فعاليات المعرض صفحتها، يعود الهدوء النسبي إلى شوارع مكناس، وتتبدد الحشود، تاركة وراءها أسئلة حول المردود الحقيقي على اقتصاد المدينة وسكانها.

يرى العديد من ساكنة المدينة أن استفادة مكناس تقتصر بشكل كبير على الجوانب اللوجستية المؤقتة خلال فترة المعرض، مثل إشغال الفنادق والمطاعم وبعض الخدمات المتعلقة بالنقل. لكن، يبقى الأثر الاقتصادي المستدام والملموس على القطاعات الأخرى في المدينة محدوداً.

في هذا السياق، يقول الباحث في الاقتصاد الحسين البشتاوي، إنه “من المؤسف أن مدينة بحجم وتاريخ مكناس لا تستثمر هذا الحدث العالمي بالشكل الأمثل. المعرض الدولي للفلاحة يمثل فرصة ذهبية لتنشيط قطاعات متنوعة في المدينة تتجاوز الفنادق والمطاعم”، معتبرا أ غياب استراتيجية واضحة ومتكاملة تربط بين فعاليات المعرض واحتياجات وموارد المدينة، يحول دون تحقيق استفادة حقيقية ومستدامة.

وأضاف البشتاوي في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية: “على سبيل المثال، لماذا لا يتم تشجيع الصناعات المحلية المرتبطة بالزراعة، مثل الصناعات الغذائية التحويلية أو الحرف اليدوية ذات الصلة بالمنتجات الفلاحية، على التواجد بقوة في محيط المعرض أو حتى داخله؟ لماذا لا يتم استغلال هذا الزخم لتسويق المنتجات المحلية المكناسية عالية الجودة للزوار الدوليين؟”.

وسجّل أن هناك فجوة بين التنظيم الدولي الرفيع للمعرض وبين قدرة المدينة على استيعاب واستثمار هذا الحدث لخدمة اقتصادها المحلي على المدى الطويل. “فبينما تستفيد مدن أخرى تستضيف فعاليات مماثلة من خلق فرص عمل جديدة، وتطوير بنيتها التحتية بشكل مستدام، وتعزيز علامتها التجارية، تبدو مكناس وكأنها تكتفي بدور المستضيف المؤقت”.

وقال إن من بين التحديات التي تواجه تحقيق استفادة أكبر، ضعف التكامل بين القطاع السياحي المحلي وفعاليات المعرض. “فبدلاً من أن يكون المعرض نقطة جذب لاستكشاف المدينة ومعالمها التاريخية والثقافية، يقتصر الأمر في الغالب على زيارة الحدث الزراعي فقط”.

ولفت الباحث في الاقتصاد إلى أن تعظيم استفادة مكناس من المعرض الدولي للفلاحة يتطلب رؤية استراتيجية واضحة، وتنسيقاً فعالاً بين مختلف الجهات المعنية في المدينة، بما في ذلك الجماعة الحضرية، والغرفة التجارية والصناعية والخدمات، والفاعلين الاقتصاديين المحليين.

ودعا بهذا الصدد، في حديثه للجريدة، إلى التفكير في كيفية ربط فعاليات المعرض بالمبادرات المحلية، وتشجيع الاستثمار في القطاعات ذات الصلة، وتسويق المدينة كوجهة سياحية متكاملة تستفيد من هذا الحدث السنوي.

وأكد أن المعرض الدولي للفلاحة مكسب مهم للمغرب ككل، لكنه تساءل “متى ستتمكن مدينة مكناس من تحويل هذا الحدث الضخم إلى محرك تنموي حقيقي ومستدام يعود بالنفع على اقتصادها وسكانها بشكل ملموس؟” معتبراً أن الفرصة سانحة، لكنها تتطلب إرادة حقيقية وتخطيطاً استراتيجياً فعالاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News