مجتمع

العنف الرقمي ضد النساء.. باحثون ينبهون لضعف القوانين الحالية

العنف الرقمي ضد النساء.. باحثون ينبهون لضعف القوانين الحالية

يتواصل النقاش المجتمعي حول تصاعد مظاهر العنف الرقمي الموجه ضد النساء والفتيات بالمغرب، وسط تحذيرات من خطورته المتنامية وتأكيدات على محدودية الحماية القانونية المتوفرة حاليًا.

وشكل ذلك موضوعا لندوة استضافتها “قاعة أفق”، يوم الخميس، بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، حملت عنوان
“العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي”.

وفي هذا السياق، أوضحت المحامية بهيئة الدار البيضاء، الزاهية عمومو، وهي ناشطة ضمن عدد من الجمعيات الحقوقية، أن خطاب الكراهية المنتشر عبر الإنترنت لا يقتصر على فئة دون أخرى، لكنه يصبح أكثر حدّة عندما يستهدف النساء، فيتحول إلى أداة عنف رقمية قائمة على النوع الاجتماعي.

وتابعت الزاهية عمومو أن هذه الظاهرة تطرح تساؤلات عميقة حول مدى كفاية الإطار القانوني الحالي، مشيرة إلى أن جمعية التحدي، منذ سنة 2016، تلقت العديد من طلبات الدعم من نساء تعرضن لهذا النوع من العنف، في فترة لم يكن فيها قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء قد دخل حيز التنفيذ، “مما اضطر الجهات الحقوقية إلى الاعتماد على مقتضيات القانون الجنائي العام، رغم محدوديته في معالجة هذه الإشكالات النوعية” على حد تعبيرها.

وأكدت عمومو أن مفهوم العنف الرقمي يجب أن يُفهم بوصفه فعلاً عدائيًا يستهدف النساء باستخدام التكنولوجيا، وغالبًا ما يؤدي إلى نشر “ثقافة الفضائح” التي تهدف إلى إذلال النساء، مستفيدة من هشاشة معرفتهن الرقمية ومن مظاهر استعراض القوة عبر المنصات الإلكترونية.

كما لفتت المحامية بهيئة الدار البيضاء إلى أن الجمعية تعمل على التصدي لهذه الظواهر من خلال التوعية والتنسيق مع مكونات المجتمع المدني، مؤكدة أن النساء غالبًا ما يلتزمن الصمت تجاه هذا العنف، بسبب الخوف من التهديدات، أو غياب الدعم الأسري، أو الجهل بالقوانين.

وأوضحت أن “فقدان الثقة في المساطر القضائية وغياب البنيات الداعمة في عدد من المناطق يزيدان الوضع تعقيدًا، ما يدفع الجمعية إلى توسيع تدخلها الجغرافي خارج الدار البيضاء، سعياً إلى مرافقة النساء وتمكينهن من كسر حاجز الصمت”.

بدوره، شدد الباحث في قضايا الأسرة أنس سعدون على أن القانون يجرّم العنف الرقمي، ويطبّق أحكامه على جميع الضحايا دون تمييز بين الجنسين، مشيرًا إلى أن تركيز النقاش على النساء يعود إلى هشاشتهن الناتجة عن تراكمات ثقافية ومجتمعية تاريخية.

هذه الوضعية، بحسب سعدون، “تضع النساء أمام عوائق أكبر عند مواجهة انتهاكات عبر الفضاء الرقمي، إذ قد تدفع بهن إلى الانعزال، أو الانقطاع عن العمل أو الدراسة، وهي نتائج لا تكون بنفس الحدة لدى الضحايا من الذكور”.

وأبرز سعدون، في السياق ذاته، أن خطورة العنف الرقمي تتجلى في قدرته على المس بحقوق النساء الأساسية، من قبيل السلامة الجسدية والكرامة والعدالة.

وفي الاتجاه نفسه، أوضحت رجاء حمين، المسؤولة عن الترافع والتنسيق بجمعية تحدي المساواة والمواطنة، أن العنف الرقمي يختلف عن الأشكال التقليدية لكونه عنفًا متغيرًا ومتحولًا باستمرار، عابرًا للحدود، ويتطور مع تطور الوسائط التكنولوجية.

وأفادت رجاء حمين بأن الجمعية، عبر مراكز الاستماع التابعة لها، تواكب النساء والفتيات، خاصة الشابات والمراهقات، ممن يتعرضن لعنف رقمي يتخذ أشكالًا متعددة، أبرزها التحرش، الابتزاز، المطاردة الإلكترونية، التهديد بنشر صور أو معطيات خاصة، والتشهير.

كما أوضحت أن هذا النوع من العنف يستمد خطورته من طبيعته المستمرة والقابلة للتفاقم، في ظل استمرار النظرة المجتمعية التي تُحمّل النساء المسؤولية عن الانتهاكات التي يتعرضن لها.

ولفتت حمين إلى أن جمعية التحدي راكمت تجربة كبيرة منذ 2016، من خلال توفير الدعم القانوني والنفسي المباشر عبر مراكز الاستماع الثابتة والمتنقلة، وتنظيم حملات توعوية رقمية وميدانية، وورشات تحسيسية لفائدة التلاميذ والطلبة.

“بالإضافة إلى قوافل تكوينية لفائدة الفاعلين المحليين، والأطر الاجتماعية، والصحافيين، وهيئات الدفاع، بهدف تعزيز الوعي المجتمعي بخطورة العنف الرقمي” وفق قولها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News