اقتصاد

“يُصدر لأمريكا مُنتجاتِهَا”.. معطيات تهوِّن “رسوم ترامب” على المغرب

“يُصدر لأمريكا مُنتجاتِهَا”.. معطيات تهوِّن “رسوم ترامب” على المغرب

يبدو أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عازم على المضي قدماً في سياسته الحمائية المتشددة وإن على حساب أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، فرغم كون المغرب أحد البلدان القليلة التي تربطها اتفاقية تبادل حر مع الاقتصاد الأول عالمياً، إلا أن ذلك لم يشفع للمملكة في تفادي “الحُمى الجمركية” التي يبثها ترامب في العالم.

وقرر ترامب، يوم أمس، فرض رسوم جمركية ثقيلة على عدد من بلدان العالم، أقلها 10 في المئة. بحيث يرى مراقبون أن المغرب “محظوظ” إلى حد ما بالخضوع للحد الأدنى من هذه الرسوم، في وقت تعرضت دول مجاورة لرسوم أكبر من قبيل الجزائر (30 في المئة)، وتونس (28 في المئة).

وإذا كان إعلان ترامب قد عُدَّ زلزالا اقتصادياً وتهديداً للعديد من البلدان التي تربطها بـ”العم سام” علاقات تجارية كبيرة، فثمة الكثير من التفاصيل تجعل من الضرر المتوقع على المغرب ضئيلاً، وفقا لعلي بوطيبة، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط.

ولا يتعلق الأمر فقط بكون المغرب خضع لواحدة من أقل التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب، “بل أيضاً لكون المبادلات التجارية بين البلدين تُعد ضعيفة ولا تتجاوز 5 ملايير دولار، وأن المغرب يُسجل عجزاً تجارياً كبيراً مع أمريكا؛ والأخيرة، بعبارة أوضح، هي المستفيد من التبادل التجاري بين البلدين” يؤكد الخبير.

ووفقاً لأحدث المعطيات المتاحة (سنة 2022)، بلغ إجمالي الصادرات المغربية إلى الولايات المتحدة 16,3 مليار درهم، تتصدرها الأسمدة الكيميائية في المرتبة الأولى بـ3.35 ملايير درهم، ما يمثل حصة قدرها 20.8% من إجمالي صادرات المغرب إلى الولايات المتحدة.

وفي المقابل، استورد المغرب من الولايات المتحدة ما قيمته 54.7 مليار درهم خلال الفترة ذاتها، ما يظهر حجم العجز في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية الذي يقدر بنحو 40,3 مليار درهم.

وإذا كان المغرب يسجل عجزاً تجاريا مع اقتصاديات دولية أخرى، كفرنسا، فالأمر أقل ضرراً بكثير وفقاً لبوطيبة؛ “لكون هذه البلدان تقدم فوائد اقتصادية غير تجارية للمغرب؛ ففرنسا مثلاً هي أول مستثمر وأول مصدر للسياح إلى المغرب، وأكبر عدد من مغاربة العالم موجودون في فرنسا مع كل ما يقدمونه اقتصاديا للمغرب عن طريق تحويلاتهم المالية، وهو ما يعوض عجز الميزان التجاري من خلال ميزان الأداءات”.

“بالإضافة إلى ذلك فإن جزءًا مهماً من الصناعات التي يصدرها المغرب للولايات المتحدة هي صناعات أمريكية بالأساس، أتحدث مثلاً عن صادرات قطع وأجزاء الطائرات في إطار الشراكة التي تربط المغرب بشركات من قبيل الرائد العالمي الأمريكي في صناعة الطائرات (بوينغ)” وفقا للخبير الاقتصادي.

ويتابع الخبير: “هذا المعطى يصل بنا إلى بيت القصيد؛ فالغاية الحقيقية من وراء ما أقدم عليه الرئيس الأمريكي هي إرجاع المستثمرين والاستثمارات الأمريكية بالخارج إلى الولايات المتحدة، بحثاً عن تعزيز النمو الاقتصادي للبلاد وفرص الشغل وزيادة قيمة التحصيل الضريبي”.

وأوضح أنّ القرار يحمل طابعاً سياسياً مختبئاً في جلباب اقتصادي؛ “يرى ترامب أنّ قيام مجموعات اقتصادية عالمية من قبيل مجموعة دول “بريكس” بوضع سلطة الدولار الأمريكي محط نقاش يمثل خطراً على الاقتصاد الأمريكي، القائم أساساً على هيمنة العملة الأمريكية على التجارة العالمية وعدم خضوعه لرقابة المؤسسات الدولية؛ وبالتالي فقد قرر الرد على هذا النوع من التحركات بفرض الرسوم الجمركية لإرجاع التوازن للميزان التجاري الأمريكي المختل بدوره تجاه بقية العالم”.

ولفت بوطيبة إلى كون “الولايات المتحدة الأمريكية هي الحضارة الوحيدة عبر التاريخ التي يقوم اقتصادها ليس على قوة الإنتاج بل على الاستهلاك، وهذه القوة مردها إلى كون الدولار يُطبَع دون رقابة من المؤسسات العالمية وعلى مزاج الإدارة الأمريكية، وأي مساس بسلطته التجارية العالمية هو تهديد للاقتصاد الأمريكي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News