غلاء السلع المستوردة ينقل حمى الغلاء إلى “حوايج العيد”

مع اقتراب عيد الفطر يُقبل المغاربة على اقتناء ثياب جديدة لأطفالهم إحياءً لتقليد عتيق دأبوا عليه جيلا بعد جيل، غير أن الحفاظ على الموروث الثقافي أصبح مُكلفاً في السنوات الأخيرة نتيجة ارتفاع أسعار الملابس والمنسوجات وخصوصا المستوردة منها.
وأكدّ تجار ملابس بإحدى “القيساريات” الشعبية لصحيفة “مدار21″، أن الأسبوع الأخير من شهر رمضان عرف وما زال يعرف إقبالاً هاماً للزبائن على اقتناء الملابس، خاصة ملابس الأطفال استعداداً للعيد، وهو موسم ما انفك ينعش معاملات قطاع النسيج والألبسة.
ولفت المصدر ذاته إلى وفرة العرض وجودة المعروض من السلع، سواء من المنتجات المحلية أو نظيرتها المستوردة؛ “بيد أن هناك ارتفاعاً مسجلا في أسعار المنتجات المستوردة سواء من الصين أو تركيا أو بلدان الاتحاد الأوروبي”.
وشدد على أنّ ارتفاع أسعار الملابس ظاهرة عالمية وغير منحصرة في المغرب، مردها لعوامل عدة في مقدمتها ارتفاع أسعار المواد الأولية عالميا فضلاً عن مصاريف الشحن، وذلك نتيجة للحرب في أوكرانيا والاضطرابات التي شهدتها منطقة البحر الأحمر.
كما أوضح أن ارتفاع تسعيرة الرسوم الجمركية فاقم هذه المشكلة؛ “بالنسبة للسلع التركية فتبلغ تكلفة شحنها ما بين 90 و100 درهما للكيلوغرام، والمعروف عن سلع الفترة الشتوية أنها ثقيلة الوزن مقارنة بنظيراتها الصيفية، مما يجعل استيرادها أمراً مكلفاً”.
وكان المغرب قد فرض على السلع التركية رسوماً جمركية جديدة عقب تعديل الاتفاق التجاري الذي كان يجمع الطرفين ويعفي منتجاتهما من تلك الرسوم، بحيث بررت الحكومة آنذاك هذا الاتجاه بالحفاظ على قطاعات وطنية، من قبيل قطاع النسيج الوطني الذي تضرر من المنافسة التركية.
وعممت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، منذ متم شهر ماي 2022 دورية تتعلق بدخول الاتفاقية المعدلة للتبادل التجاري الحر بين المغرب وتركيا، حيز التنفيذ، والتي جرى توقيعها بالرباط في 24 غشت 2020.
وسن الاتفاق المعدل رسوما جمركية لمدة خمس سنوات على عدد من المنتجات الصناعية التركية، لتبلغ 90 بالمئة من قيمة الرسوم الجمركية المطبقة.
وبالإضافة إلى غلاء الأسعار من المنبع، وتدهور القدرة الشرائية نتيجة تعاقب سنوات الجفاف وتداعيات الصدمات الاقتصادية المتتالية، بدءا من أزمة “كورونا”، تشكل كلها عوامل تحرج المستهلكين وتهدد قطاع تجارة الملابس والمنسوجات.
لكن المتحدث بشر، في الوقت ذاته، بقدرة المنتج المحلي المغربي على تعويض إشكالية نظيره المستورد، “في تقديري يمكن للمواطن أن يشتري طقم العيد ابتداءً من 100 درهم” يقول مستجوَبنا.
وتابع بأن التجار حاولوا توفير أطقم تتراوح أسعارها بين 100 و600 درهم لتتلاءم مع القدرة الشرائية لكل شريحة اجتماعية وتراعي جيوب ذوي الدخل المحدود؛ مبرزاً أن الفئة المستهدفة هم الأطفال من 4 سنوات إلى 14 سنة.
ويشكل قطاع النسيج والملابس أحد ركائز الصناعة المغربية، بحيث يضم أكثر من 1600 شركة، توظف ما يقرب من 190 ألف شخص وتحقق حجم مبيعات يبلغ حوالي 50 مليار درهم. كما يعتبر المغرب شريكا مميزا لمجموعات دولية كبيرة، مثل شركة “إنديتكس”، المالكة للعلامة التجارية “زارا”، التي أقامت وحدات إنتاجها في المملكة.