مجتمع

تشيكيطو: الزجر غير كافٍ لمحاربة الرشوة والرقمنة تقلّل فرص الفساد

تشيكيطو: الزجر غير كافٍ لمحاربة الرشوة والرقمنة تقلّل فرص الفساد

يواجه المغرب تحديات كبيرة في مكافحة الفساد، الذي أضحى حجرة عثرة أمام التنمية بمختلف جهات المغرب، بالتهامه ما يناهز 50 مليار درهم سنويا، ما يشكل بين 4 إلى 6 بالمئة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي، وفق التقرير الأخير للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.

وتشكل الرشوة من بين تمظهرات الفساد الأكثر جلاء بالمغرب، والتي أكدت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان في بلاغ بمناسبة اليوم الوطني لمحاربة الرشوة، أنها “أضحت سلوكا يرسخ ثقافة الفساد، ويؤدي إلى تدهور القيم الأخلاقية داخل المجتمع، كما أنها آفة تعرقل التنمية وتزيد من معاناة الفئات الهشة، حيث تعيق الحصول على الخدمات الأساسية، وتُضعف كفاءة الإدارة العمومية، وتؤدي إلى هدر الموارد العامة”.

وانتقدت العصبة قصور الجهود المبذولة لمحاربة الرشوة في المغرب التي لخصتها في وضع استراتيجيات وطنية وتأسيس هيئات مكلفة بمحاربة الفساد، مؤكدة أن الظاهرة “ما زالت مستشرية، ما يستدعي مراجعة شاملة وشُجاعة لمكامن الخلل، خاصة أمام قتامة الأرقام والتقارير الصادرة عن مؤسسات وطنية ودولية، والتي تشير إلى استمرار تفشي الرشوة، وتدق ناقوس الخطر، وتفرض علينا جميعًا التحرك بشكل عاجل وجدي”.

بهذا الصدد، دعا رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عادل تشيكيطو، إلى تطوير آليات جديدة لتطويق الفساد المستشري في المجتمع المغربي، مؤكدا أن المقاربة الزجرية لوحدها ليست حلا ناجعا لاجتثاث هذه الظاهرة.

ويرى تشيكيطو، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن اعتقال المتورطين في قضايا الرشوة “أمر إيجابي ويُظهر أن هناك جهودًا قانونية لمحاربة هذه الظاهرة”، بيد أنه شدّد على أن “المسألة تحتاج إلى معالجة شاملة تتجاوز الحلول الزجرية”.

وأكد تشيكيطو ضرورة تطوير آليات صارمة للرقابة والمحاسبة على مستوى جميع الإدارات العمومية، والحد من التعامل المباشر بين المواطنين والموظفين عبر اعتماد الرقمنة، للتقليل من فرص الابتزاز والفساد.

وطالب رئيس عصبة حقوق الإنسان أيضا بتشجيع الإبلاغ عن حالات الفساد من خلال توفير آليات آمنة لحماية المبلغين وضمان سرية المعلومات، بالإضافة إلى نشر ثقافة النزاهة والشفافية من خلال برامج تربوية وإعلامية تبرز مخاطر الفساد وآثاره السلبية.

وشدد المتحدث عينه على ضرورة ضمان استقلال القضاء وتسريع البت في قضايا الفساد لتحقيق الردع والعدالة، وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة ومحاربة الفساد التي تم الإعلان عنها منذ سنوات، “ولكنها لم تُترجم بعد إلى إجراءات فعالة وشاملة”، يضيف تشيكيطو.

وسجل المصرح ذاته أن الفساد والرشوة في الإدارات العمومية “يؤثران بلا شك على جودة العمل الإداري، كما أن هذه الظاهرة تُضعف ثقة المواطنين في المؤسسات، وتُعطّل الاستثمار، وتزيد من الإحساس بعدم العدالة، كما أنها تُشكّل عقبة رئيسية أمام تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية”.

وكان التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لسنة 2023 كشف أن نسبة 23 بالمئة من المقاولات التي شملتها الدراسة تعرضت على الأقل لأحد أشكال الفساد خاصة الرشوة بنسبة 13 بالمئة.

وصرحت ثلاثة أرباع المقاولات التي واجهت طلب رشوة بأن الطلب قد تم بطريقة غير مباشرة، من خلال التلميحات، و18 بالمئة من خلال طلبات صريحة ومباشرة من لدن الموـظفين المعنيين، بينما قالت نسبة 3 بالمئة فقط من المقاولات التي تم استجوابها أنها قدمت رشاوى ببادرتها الخاصة تحت ستار الشكر عن الخدمة المقدمة.

ومن زاوية متابعات القضاء الجنائي والمالي، أظهر تقرير الهيئة حصيلة الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة التابع لرئاسة النيابة العامة، والذي مكن منذ بداية العمل به من ضبط 243 عملية للمشتبه فيهم في حالة تلبس بجريمة الرشوة، يتوزعون أساسا على جهات مراكش آسفي، والدار البيضاء سطات، والرباط-سلا-القنيطرة.

وحسب المصدر ذاته، حصل المغرب على درجة  38 من أصل 100 في مؤشر مدركات الفساد برسم سنة 2023، حيث تراجع بخمس نقط خلال السنوات الخمس الأخيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News