“مجلس العدوي” يفضح فوضى “الفوريانات” و”الديباناج” بالدار البيضاء

عرّى المجلس الأعلى للحسابات فوضى تدبير المحاجز الجماعية بجهة الدار البيضاء-سطات، التي لا تتوفر 97 بالمئة منها على قرارات إحداثها باعتبارها مرفقا عموميا طبقا لما ينص عليه القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات رقم 113.14، موصيا وزارة الداخلية بوضع إطار قانوني لمرفق المحجز الجماعي يوضح ويؤطر العلاقة بين كافة المتدخلين.
وكشف مجلس الحسابات، في تقريره السنوي برسم سنة 2032-2024، بناء على مهمة موضوعاتية شملت عينة مكونة من 31 محجزا توجد في 21 جماعة، ركزت على تقييم طرق تدبير مرفق المحجز الجماعي، بما في ذلك الجوانب المرتبطة بعملية القطر والإيداع بالمحجز، أن جميع الجماعات لا تتوفر على قرارات تنظيمية للعمليات والإجراءات اللازمة لتدبير المحاجز، من قبيل ضبط عملية إيداع وسحب العربات والآليات، وتنظيم المحجوزات حسب طبيعتها داخل المحجز. كما سجل غياب وسائل تقنية ولوجيستيكية، مثل الرافعات (Clark) لتنظيم حركية التنقل داخل المحجز، وعدم توفير أماكن إضافية للركن، فضلا عن عدم تفعيل آلية الشباك الوحيد بإدارة المحجز لاستخلاص واجبات المخالفات ورسوم المحجز.
66% من المساحة ملك للأغيار
وعلاوة على ذلك، يضيف التقرير، يتم إيداع بعض المحجوزات التي من شأنها أن تشكل خطرا على المرفق وما يضمه من محجوزات أخرى وعلى محيطه المباشر، كما الحال بالنسبة لقنينات الغاز والمحروقات ومواد بلاستيكية قابلة للاشتعال.
لاحظ قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن الجماعات المعنية لا تملك سوى 34 بالمئة فقط من المساحة الإجمالية المخصصة للمحاجز بالجهة، في حين أن 66 بالمئة المتبقية هي عبارة عن ملك للأغيار (الدولة:51 بالمئة، الخواص:14 بالمئة، أراضي سلالية: 01 بالمئة).
وحسب المعطيات المدلى بها من طرف مصالح العمالات والأقاليم بالجهة، تتوفر جهة الدار البيضاء سطات على 94 محجزا جماعيا، توجد على مستوى 86 جماعة وتشغل مساحة إجمالية تزيد عن 33 هكتارا.
وفي ما يخص تهيئة محاجز الجهة، سجل المجلس أن 76 بالمئة منها عبارة عن أراض غير مهيئة، وأن 60 لا تتوفر على عدادات للماء والكهرباء، كما أن 95 من هذه المحاجز غير مزودة بعلامات التشوير لتنظيم حركة المرور بداخلها.
فوضى القطر وأسطول متهالك بلا فحص تقني
وبخصوص تدبير مرفق القطر، سجل “مجلس العدوي” أن 98 بالمئة من جماعات الجهة لا تشرف على تدبير مرفق قطر العربات، إذ يقوم بعض المهنيين بمزاولة نشاط قطر العربات وإيداعها بالمحجز في غياب إطار تعاقدي مع الجماعات المعنية لتنظيم هذه العملية.
وأبرز تحليل المعطيات المدلى بها من طرف الوزارة المكلفة بالنقل واللوجستيك والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، أن أكثر من 50 بالمئة من أسطول عربات القطر بجهة الدار البيضاء – سطات يتجاوز عمره 20 سنة، وهو ما يعني أن جزءا مهما منه قديم ومتهالك، مما من شأنه أن يؤثر على استمرارية المرفق، كما سجل المجلس أن حوالي 30 بالمئة فقط من عربات القطر بالجهة تتوفر على فحص تقني ساري المفعول بتاريخ 2023/12/31.
محجوزات بلا سجلات ولا تأمين
وكشف مجلس الحسابات أن 22 بالمئة من الجماعات لا تمسك السجلات المتعلقة بالمحجوزات، فضلا عن عدم اعتماد نظام معلوماتي لضبط تسيير المرفق من خلال جمع ومعالجة واستغلال المعلومات الأساسية المتعلقة بالمحجوزات، مسجلا أن 60 بالمئة من الجماعات لا تقوم بتتبع الشكايات المتعلقة بالمحاجز، وذلك في ظل غياب مسطرة واضحة ودقيقة للتعامل مع الحوادث التي قد تشهدها هذه المرافق (تضرر المحجوزات، حالات سرقة، حالات حريق).
وسجل أيضا أن 93 بالمئة من الجماعات لم تقم بتأمين محاجزها على الخسائر المحتملة والأضرار التي تترتب عنها مسؤولية هذه الجماعات باعتبارها حارسا قانونيا للمحجوزات طيلة مدة الإيداع بالمحجز.
بيع خارج القانون!
وبخصوص تدبير مداخيل المحجز وعمليات بيع المحجوزات، لاحظت المهمة الموضوعاتية للمجلس الجهوي للحسابات، أن مدخول رسم المحجز يعتمد بالأساس على الإجراءات التي تقوم بها السلطات الآمرة بالإيداع (الشرطة والدرك وفرق المراقبة الطرقية) في مجال تفعيل مقتضيات مدونة السير، موضحا أن “الجماعات المتميزة بحركية مهمة للسير والجولان تعرف نشاطا في محاجزها نتيجة عمليات مراقبة العربات من سيارات وشاحنات ودراجات مما ينعكس إيجابا على مدخول رسم المحجز”.
وأكد في السياق ذاته أن “المدخول يتأثر بنفاذ الطاقة الاستيعابية للمحجز وعدم قدرته على استقبال المزيد من المركبات أو الدراجات النارية، خصوصا مع مرور آجال مهمة دون سحب المحجوزات خلالها من طرف أصحابها وهو ما يؤثر سلبا على مدخول رسم المحجز”.
ووقف المجلس الأعلى للحسابات على “غياب إطار قانوني يؤطر عمليات بيع المحجوزات من خلال توضيح المساطر والإجراءات الواجب اتباعها لمباشرة عمليات بيع المحجوزات، ويخول لهذه الجماعات حق وإمكانية التصرف فيها عن طريق بيعها، خصوصا وأنها تعتبر حارسة على المحجوزات وليست مالكة لها. وفي غياب هذا التأطير القانوني تتباين مساطر وإجراءات بيع المحجوزات من جماعة لأخرى”.
إطار قانوني ينهي الاختلالات
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات وزارة الداخلية بوضع إطار قانوني لمرفق المحجز الجماعي “يوضح ويؤطر العلاقة بين كافة المتدخلين خصوصا في عملية الإيداع بالمحجز، وينظم أيضا عمليات بيع المحجوزات المستوفية للآجال من خلال ضبط المساطر الواجب اتباعها بهذا الخصوص”.
ودعا قضاة مجلس الحسابات إلى تطوير نظام معلوماتي لتدبير المحاجز والخدمات المقدمة وتعميمه على جميع الجماعات الترابية، وإلى مراجعة الإطار الجبائي من حيث تحديد سعر رسم المحجز حسب طبيعة كل محجوز.
وحثّ المجلس وزارة الداخلية على حث الجماعات على تحديد ضوابط ومعايير عملية لإحداث المحاجز، تراعي المواصفات المطلوبة لتقديم خدمات ذات جودة للمرتفقين، وعلى ضبط نشاط قطر العربات وإيداعها بالمحجز من خلال اعتماد إطار تعاقدي يؤطر العلاقة بين الجماعات المعنية والمهنيين المكلفين بهذا النشاط، فضلا عن اعتماد آلية الشباك الوحيد لتيسير عمليات سحب المحجوزات من طرف أصحابها.
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات بوضع قواعد تنظيمية للتدبير اليومي للمحجز، تتعلق بالمسك الرقمي للسجلات وتتبع أنشطته ومآل الشكايات المتعلقة بهذا المرفق، وحث على القيام بإجراءات تأمين المحاجز ضد الأخطار والحوادث التي قد تعرفها بتنسيق مع الجهات المختصة ولاسيما الوقاية المدنية، وعلى إيلاء العناية اللازمة لتهيئة المحاجز حفاظا على المحجوزات وعلى قيمتها وتوفير الشروط الضرورية بها من عدادات للماء وللكهرباء ومعدات إطفاء الحريق ومكاتب إدارية وكاميرات للمراقبة.