ديباجة قانون الإضراب تثير نقاشا دستوريا والسكوري يقترح صيغة توافقية

أثارت تعديلات تقدمت بها فرق من المعارضة والأغلبية ونواب مستقلون، اليوم الثلاثاء، متعلقة بإضافة ديباجة أو تصدير أو تمهيد لمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 يحدد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب، نقاشا دستوريا في لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب.
وبينما دافعت الفرق، في اجتماع المصادقة على تعديلات قانون الإضراب، على إضافة تقديم يتضمن المرجعيات والأسس التي يستند إليها القانون التنظيمي وأهدافه، إضافة إلى المواثيق الدولية والدستور والخطب الملكية، أثارت الحكومة مخاوف من رفض المشروع من طرف المحكمة الدستورية، استنادا إلى قرار سابق، وذلك بحكم وجود مرجع للقوانين التنظيمية في الدستور، عكس باقي القوانين.
وردا على مختلف التعديلات التي تم تقديمها، رد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن هذه “البداية غير سهلة لأن مفهوم الديباجة كان موضوع قرارين للمحكمة الدستورية”.
وأورد الوزير أن القوانين التنظيمية مستمدة من الدستور لأنه يصعب على المحكمة الدستورية التيقن من دستورية المقتضيات، حتى لا نأخذ المجازفة مع المحكمة الدستورية”.
وأوضح الوزير “سنقبل التعديلات من ناحية المضمون وليس الشكل”، مفيدا أن “هذه المضامين ستضمن في المادة الأولى دون تسميتها باسم ديباجة أو تقديم”، مؤكدا أنه سيتم اعتماد صياغة من اللجنة لتضمين المقتضيات المشار إليها، في أفق تقديم الصيغة النهائية في الجلسة العامة.
وأورد أنه “من الناحية المسطرية الديباجة أو التمهيد لا يمكن قبولها كتعديلات، وسيتم تضمين مختلف الأمور في الصيغة”.
وأمام إلحاح النواب، قدم السكوري مقترحا لصياغة المادة الأولى من القانون التنظيمي متحت من مختلف التعديلات التي تقدمت بها الفرق والمجموعة البرلمانية والنواب المستقلين.
وكشف الوزير يونس السكوري عن مسودة جماعية للمادة الأولى في انتظار تجويدها أكثر من ناحية الصياغة.
واستغرق النقاش حول موضوع الديباجة ما يناهز ساعة ونصف، قبل أن يتم الخلوص إلى سحب مختلف تعديلات الفرق والمجموعة والنواب غير المنتسبين، مع الاتفاق على صيغة توافقية.
ودعا الفريق الاشتراكي ضمن تعديله المسحوب إلى إضافة باب تمهيدي متعلق بديباجة القانون التنظيمي. وأكد سعيد بعزيز في تعليل للتعديل أنه “إن كان المشرع قد اختار عدم وضع ديباجة للقوانين التنظيمية عكس مجموعة من القوانين بعلة أن القوانين التنظيمية تكمل الدستور، والهدف منها يقتصر على توضيح أو تفصيل بعض أحكامه، وتوفير إطار قانوني وعملي لتطبيقها، إلا أن الأمر غير ذلك بالنسبة لحق الإضراب”.
وتابع بعزيز أن “هذا النص يجمع بين تتميم الدستور في الشق المتعلق بالإضراب كحق دستوري مضمون، وبين القانون بتنصيصه على العديد من الأحكام والقواعد التي يكون موقعها في القانون وليس قانون تنظيمي”.
ويتعين، وفق المتحدث نفسه، أن “يعتبر أولا وأساسا مشروعا مجتمعيا يتطلب التشاور حلا واسعا والتوصل إلى توافقات بناءة، مع إشراك جميع الأطراف المعنية لضمان أن يعكس القانون مصالح فئات المجتمع ككل. وهو ما يجعل هذا النص يفتقر إلى ديباجة تذكر بالأسس والمبادئ التي يستند عليها”.
بدورها، قدمت مجموعة العدالة والتنمية بابا تمهيديا، حيث أكد رئيس المجموعة عبد الله بووانو أهمية هذا التعديل لأن القوانين التنظيمية جزء لا يتجزأ من الدستور، مطالبا بأن تكون مذكرة التقديم تشرح القانون، بالارتكاز على ديباجة تضم الخطاب الملكي والاتفاقيات الدولية.
من جانبه، رشيد الحموني دافع عن إدخال مادة تمهيدية تحدد الأسس وتشرح الأهداف من القانون التنظيمي، مؤكدا “نعتقد أنه من الضروري إضافة ديباجة أو مادة تمهيدية تؤكد على الأسس والمبادئ العامة والمرجعيات الأساسية لهذا النص التشريعي الهام والمجتمعي الذي طال انتظاره لعقود”.
النائبة البرلمانية فاطمة التامني قالت بدورها إنه بغض النظر عن ضرورة الإحالة على مجلس المستشارين، وإنجاز المشروع بطريقة أحادية من الحكومة، وكون القانون التنظيمي بدون ديباجة، داعية إلى إضافة فقرة تقديمية للمادة الأولى من القانون، وذلك لكونه ينظم العلاقة بين عدة أطراف ويكرس الحقوق وتقديم يضم الاتفاقيات الدولية والدستور واحترام روح الاتفاقية 87.
ومن جهتها، أوردت النائبة البرلمانية نبيلة منيب تعديلا ينص على إضافة ديباجة في هذا القانون ضرورية من أجل الالتزام بحماية حق الإضراب، مقترحة صياغة تضم الاتفاقيات الدولية والدستور والمرجعيات التي يستند إليه ممارسة هذا الحق.
وبدورها دافعت الأغلبية على إضافة فقرة تنص على أن حق الإضراب مضمون ويمارس وفق أحكام هذا القانون التنظيمي، ويعد باطلا كل تنازل عنه.
وتابعت الأغلبية بأن “هذا القانون التنظيمي يحدد ضمانات تتعلق بممارسة حق الإضراب باعتباره حقا دستوريا، وبتعزيز وتوسيع مجال الحريات عبر ممارسة حق الإضراب استنادا إلى الدستور وانسجاما مع المواثيق والمبادئ الدولية ذات الصلة، ويصون حقوق المضربين وتكريس حرية العمل في ارتباط مع ممارسة حق الإضراب”.