سياسة

اشكالات قانونية تُرافق تطبيق إجبارية جواز التلقيح بالأماكن العامة

اشكالات قانونية تُرافق تطبيق إجبارية جواز التلقيح بالأماكن العامة

أثار قرار الحكومة فرض اجبارية جواز التلقيح، جدلا وساعا داخل الأوساط الحقوقية والأكاديمية التي رأت فيه مسّاً بالحقوق الدستورية المكفولة للمواطنين، فبينما برّرت الحكومة اعتماد هذا القرار بالوصول إلى المناعة الجماعية وتفادي تسجيل انتكاسة وبائية، اعتبر عدد من المتتبعين والباحثين أن قرار إجبارية جواز التلقيح مشوب بالكثير من الاشكالات القانونية، خاصة ما يتعلق بتعارضه مع بعض مقتضيات قانون الطوارئ الصحية.

وفي ظل تساؤلات عديدة للشارع المغربي حول كيفية تنزيل هذا الإجراء والإشاكالات التي يمكن أن تواجه الأشخاص غير الملقحين والذين لم يحصلوا بعد على الجواز، من المقرر أن يدخل قرار فرض إجبارية جواز التلقيح، يوم غد الخميس حيز  التطبيق،حيث  قررت الحكومة بابتداء من تاريخ  21 أكتوبر 2021، اعتماد مقاربة احترازية جديدة قوامها “جواز التلقيح،  كوثيقة معتمدة من طرف السلطات الصحية، وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من التدابير.

وفي هذا الصدد، أكد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش عبد الرحيم العلام، أنه “فضلا عن المشكلات التي قد تصاحب تطبيق بلاغ إجبارية جواز التلقيح، فإن هناك ملاحظات من حيث الشكل والمضمون”، مشيرا إلى  أنه من شروط سريان قانون ما أو إجراء ما، أن يتم نشره بشكليات محددة، وأن يكون في متناول العموم، سيما فيما يتعلق بالنشر في الجريدة الرسمية”.

وسجل العلام، أن هذا الأمر غاب عن بلاغ جواز التلقيح الذي لم ينشر في الجريدة الرسيمة ولا يوجد على موقع رئاسة الحكومة، ولا في أي مكان رسمي آخر، ما عدا نشره على موقع “وكالة المغرب العربي للأنباء” التي هي وسيلة إعلامية لا تتيح الولوج لجميع أخبارها إلا للمشتركين، فضلا عن كونه لا يحمل أي توقيع لرئيس الحكومة، ولا يتضمن أي إشارة لشعار الحكومة، ولم ينشر بأي موقع لمؤسسة دستورية.

وتساءل أستاذ القانون الدستوري بجامعة مراكش، في منشور على حسابه بموقع “فايسبوك” “هل يمكن معاقبة الناس ومنعهم من خلال بلاغات غير موقعة هي أقرب لقصاصات إخبارية؟ أين هو النص الحامل لشروط القانون لكي تستند عليه السلطة العمومية والمحاكم والأفراد والباحثين في مجال القانون؟

من جهة أخرى، أوضح العلام، أن البلاغ الذي لا يحمل الشروط الشكلية لبلاغ قانوني، استند إلى قانون الطوارئ الصحية الذي يجيز للحكومة اتخاذ تدابير عبر بلاغات، قبل أن يستدرك “لكن  البلاغ ربما قد يكون وقع في تناقض مع الفقرة الثانية من المادة الثالثة ” التي جاء فيها: “لا تحول التدابير المذكورة دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين”.

وفي الوقت الذي نص فيه بلاغ على “ضرورة إدلاء الموظفين والمستخدمين ومرتفقي الإدارات بجواز التلقيح لولوج الإدارات العمومية والشبه عمومية والخاصة…”، أكد العلام أنه يمكن منع مواطن من ولوج مرفق صحي هو في حاجة ماسة إليه، وقد يترتب عن هذا المنع أضرار صحية، ومن ثم سيَحُولُ البلاغ دون استفادة المرتفق من حق دستوري لا يمكن أن يسقط حتى بموجب قانون الطوارئ الصحية.

وفي السياق ذاته، سجل الجامعي ذاته، أن “أعمال التأكد من هوية المواطنين وإصدار عقوبات المنع في حقهم هي من الاختصاص الحصري للسلطات العمومية، ولا يمكن تفويضها للأغيار”، مشيرا إلى أن “بلاغ فرض جواز التلقيح” قد يكون في تعارض مع المادة 3 من قانون إعلان حالة الطوارئ الصحية، التي جاء فيها: “عملا بأحكام المادة الثانية أعلاه، يتخذ ولاة وعمال العمالات …جميع التدابير ….أو فرض قيود مؤقتة على إقامة الأشخاص…أو إغلاق المحلات المفتوحة للعموم، أو إقرار أي تدبير آخر من تدابير الشرطة الإدارية”.

وشدد أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاضي عياض، على  أن جميع التدابير التي تعلن عنها السلطات، يجب أن توكل مهمة تنفيذها للشرطة الإدارية وليس للأغيار الذين سيسمح لهم البلاغ بالاطلاع على معطيات خاصة بالمرتفق، لافتا إلى أن نفس البلاغ نص على ضرورة حمل جواز التلقيح، لكن لم يحدد شكل هذا الجواز، لاسيما أن هناك أشكالا متعددة من الجوازات، التي يمكن بسهولة تزويرها”.

وبناء على ذلك، سجل العلام، أنه “غياب تعميم وثيقة التلقيح الرسمية التي تحمل طابعا معينا، وشكلا موحدا، فإن المسؤولين العموميين، لا يمكنهم التأكد من صحة الجوازات، وبالتبع لا يمكنهم الطعن في صحتها، من دون تزويدهم بوسائل لوجسيتة وتقنية تسهل هذا الأمر، خاصة مع ما سيطرحه ذلك من اكتظاظ ومشاكل أمام المرافق العمومية من ثانويات وجامعات ومستشفيات وملاعب”.

وخلص الجامعي ذاته، إلى أن “عدم إصدار الحكومة لبلاغ رسمي تتوفر فيه شكليات البلاغات التي يجب أن تصدر بالصيغة الصحيحة، وتُنشر في المواقع الرسمية، يبقى أمرا غير مفهوم”، متسائلا في السياق ذاته، عما “إذا كانت الحكومة فعلا أصدرت بلاغا قانونيا يفرض حمل جواز السفر أم يتعلق الأمر بتوصيات تحفيزية للمسؤولين أم ماذا”؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News