اقتصاد

دراسة: تدبير المياه بالقطاع الفلاحي يهدد بعجز 7 ملايير متر مكعب في 2050

دراسة: تدبير المياه بالقطاع الفلاحي يهدد بعجز 7 ملايير متر مكعب في 2050

سلطت دراسة حديثة الضوء على “الاختيارات السياسية” في القطاع الفلاحي التي أدت إلى ما يعيشه المغرب في الآونة الأخيرة من شح في الموارد المائية، مُعتبرة أن السياسة العمومية رامت منذ البداية خدمة الفلاحين الكبار والمساحات المسقية والتوجه نحو التصدير بدل تحقيق الاكتفاء الذاتي.

وتوقعت الدراسة، التي أجرتها لجنة البيئة بجمعية “أطاك المغرب”، وحملت عنوان “واقع تدبير الثروة المائية بالمغرب: استحواذ، نهب وتسليع”، حدوث خلل متزايد في التوازن بين احتياجات المياه ومدى توفرها، بحيث قد يصل العجز المائي إلى 7 مليير متر مكعب سنويا بحلول سنة 2050.

وأكدت أن سياسات تدبير الثروات المائية بالمغرب تميزت منذ الاستقلال “بتوجه طبقي واضح، خاصة في الميدان الفلاحي الذي يظل المستهلكَ الأول للمياه بنسبة تفوق الثمانين بالمئة”.

وأوضحت أن السياسة المائية خدمت بالأساس الفلاحين الكبار والمساحات المسقية، التي لا تتجاوز 19 في المئة من مجمل الأراضي المزروعة، مقابل إهمال شبه تام للمساحات البور، التي تمثل أكثر من 80 في المئة.

وفي هذا الصدد، نقلت الدراسة عن تقرير المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، الصادر في فبراير من هذه السنة، “اهتمام الدولة بتوفير العرض المائي دون الاكتراث بتدبير استغلاله، وتركيز السياسات العمومية المائية على المجالات المسقية مقابل تهميش تام لأراضي البور”.

وشددت على أنه “مع تواتر سنوات الجفاف وتراجع حقينة السدود وغياب المراقبة، أصبحت المياه الجوفية، بما فيها المياه غير المتجددة، المورد الأساس للزراعات المسقية للفلاحين الكبار بالعديد من المناطق، الذين يتوفرون على الإمكانيات اللازمة لحفر آبار تضاعف عمقها بمرور الأعوام”.

كما انتقدت توجه القطاع الفلاحي نحو إعطاء الأولوية للسقي المكثف وتصدير المحاصيل “عالية القيمة” التي تتطلب استهلاكا كبيرا للمياه، مؤكدة أن “القطاع الفلاحي يستهلك أكثر من 85 في المئة من المياه المتاحة ولا يروي سوى 19 في المئة من المساحة الزراعية المستغلة”.

وقالت إن “هذا التوجه تَعَمّق مع مخطط المغرب الأخضر الذي حصلت فيه الركيزة الأولى، المخصصة للزراعات ذات القيمة المضافة العالية، على حصة الأسد من الاستثمارات العمومية، مقارنة بالركيزة الثانية أي الفلاحة التضامنية”.

وبالرغم من هذه الاستثمارات التي استفادت منها زراعات مرتبطة بالسوق الدولية، ظل الميزان التجاري الفلاحي المغربي يعاني عجزا بنيويا، وفقا للدراسة، بحيث أن نسبة تغطية الصادرات الفلاحية لا تتعدى 52 في المئة من كلفة الواردات.

وحذرت الجمعية من سياسة الخوصصة والتدبير المفوض، والتوجه نحو إزاحة “المكتب الوطني للماء والكهرباء” مقابل فسح المجال للشركات الخاصة والذي يبرز من خلال “التوجه إلى تحقيق الأرباح من  خلال الزيادات المتتالية في أسعار الماء والكهرباء وتغيير نظام الأشطر قصد رفع أثمان الفواتير”.

ولتجاوز الأزمة المائية، اقترحت التخلي عن المنطق الذي أرساه مخطط “المغرب الأخضر” في القطاع الفلاحي، والذي يروم التصدير المكثف نحو الخارج كنموذج فلاحي صناعي تجاري، واستبداله بمنطق تلبية الحاجات الأساسية الداخلية لضمان السيادة الغذائية وإنتاج المواد الرئيسة محليا.

كما طالبت بالتراجع عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال تدبير الماء والخروج مما وصفته بـ”المنطق التجاري القاضي بتسليع الماء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News