المسيرة الخضراء.. نصف قرن من المشاريع التنموية بالصحراء المغربية

بقدر ما مثل استكمال الوحدة الترابية حدثاً مفصليا في تاريخ المملكة الحديث عقب المسيرة الخضراء، بقدر ما شكلت تنمية الأقاليم الجنوبية تحديا كبيراً للمغرب، الذي بذل جهودا كبيرة طيلة 49 سنة في سبيل النهوض بالاقتصاد بأقاليمه الجنوبية وتحقيق التنمية الاجتماعية. في ما يلي أبرز المشاريع التنموية الكبرى التي قادها المغرب في صحرائه منذ استردادها سنة 1975:
الشبكة الطرقية
كان آخرها مشروع الطريق السريع تزنيت-الداخلة بمسافة 1055 كيلومترا، والذي ربط بين 4 جهات في الجنوب تضم نحو 2.2 مليون نسمة بكلفة تناهز 10 مليار درهم. ومنذ سنة 1975، تم تنفيذ استثمارات ضخمة بهدف تقوية الشبكة الطرقية للأقاليم الصحراوية، وذلك بالرغم من الصعوبات الكبرى المتعلقة بتعبيد الطرق بالصحراء القاحلة.
ورامت مخططات تهيئة الشبكة الطرقية للجهات الجنوبية تسهيل نقل المواد الأولية الضرورية التي تحتاجها ساكنة تلك الأقاليم، كما ساهمت في ربطها بمراكز الإنتاج والتوزيع الوطنية الكبرى، وخاصة جهة سوس القريبة، ومن ثمة فك العزلة عن ساكنة الصحراء عن طريق ربطها بالشبكة الطرقية الوطنية.
وفي منتصف يونيو الماضي، فتحت وزارة التجهيز والماء الطريق السريع الرابط بين جهتي كلميم واد نون والعيون الساقية الحمراء في وجه المسافرين، أياما بعد الإعلان عن تجاوز نسبة أشغال مشروع الطريق السريع تزنيت-الداخلة 97 في المئة.
الموانئ
تمتد سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة من أكادير إلى الكويرة على طول 1700 كلم؛ أي ما يعادل نصف الواجهة البحرية للمغرب تقريبا. وفي سنة 1975، لم تكن جهات الصحراء تتوفر على أي تجهيزات مينائية.
البداية كانت بميناء طانطان الذي تم إطلاق أشغاله منذ سنة 1977، والانتهاء من شطرها الأول في 1980 بتكلفة بلغت 300 مليون درهم، وذلك بهدف تلبية حاجيات الصيد الساحلي والصيد الصغير وفي أعالي البحار.
حان الدور بعدها على ميناء العيون اعتبارا من سنة 1980، قبل أن ينطلق العمل به فعليا في سنة 1986. وفي سنة 2006 دشن الملك محمد السادس توسعة للميناء بكلفة بلغت 280 مليون درهم.
وفي نونبر 2020، وجه الملك محمد السادس خطابا بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء، شدد فيه على استكمال المغرب ترسيم مجالاته البحرية، مؤكدا أن الواجهة الأطلسية بالجنوب ستكون واجهة بحرية للتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي. فإضافة إلى ميناء طنجة -المتوسط، الذي يحتل مركز الصدارة بين موانئ إفريقيا، سيساهم ميناء الداخلة الأطلسي، في تعزيز هذا التوجه. وتقدر تكلفة إنجاز هذا الميناء بحوالي 10 ملايير درهم.
المطارات
منذ استكمال وحدته الترابية، عمد المغرب إلى تحديث البنيات التحتية لمطارات الصحراء، وفي هذا الإطار، شملت المنجزات الكبرى التي تم تحقيقها إصلاحات مطار الحسن الأول بالعيون، التي انطلقت منذ سنة 1977، وكان آخرها في السنة الجارية، من خلال تقوية مسالك تحرك الطائرات والمدرج وجنباته وتوسيع موقف الطائرات، بكلفة مالية قدرها 118,9 مليون درهم، وذلك في مدة زمنية لا تتجاوز 8 أشهر ودون عرقلة حركة الملاحة الجوية.
ومن جهته، عرف مطار الداخلة عدة إصلاحات منذ سنة 1981 بكلفة إجمالية ناهزت 100 مليون درهم، أهمها بناء مدرجات وتحديث نظام الإنارة وتوسعة مراكز الاستقبال وإعادة تعبيد وتقوية مدرج الإقلاع.
أما مطار السمارة، فكلف حوالي 20 مليون درهم منذ سنة 1977 لبناء مدرج الإقلاع وتوسعة المدرج القديم، وكان استعمال المطار يقتصر على الأغراض العسكرية من طرف القوات المسلحة الملكية المغربية والأمم المتحدة، لكن أشغالا جارية لتأهيل المطار ليشمل النشاط المدني قد بلغت نسبة متقدمة، وخصص لها غلاف مالي يقدر بـ110 ملايين درهم.
المناطق الصناعية
بهدف تسريع القطاع الصناعي وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي للأقاليم الجنوبية، أنشأ المغرب عدة مناطق صناعية بجهات الصحراء المغربية الثلاث.
وتستفيد جهة كلميم واد نون “بوابة الصحراء المغربية” التي تربط الجنوب بشمال البلاد من 4 مناطق صناعية على مساحة 198.40 هكتارا.
فيما توجد 3 مناطق صناعية بجهة العيون – الساقية الحمراء، على مساحة 340.50 هكتارا، لمواكبة نموها الاقتصادي في قطاعات صيد الأسماك والصناعات الغذائية والطاقات المتجددة،, وقد مكنتها قيمتها المضافة من تحقيق معدل نمو للجهة بلغ 12.5% طيلة العقد الماضي.
وبالنسبة لجهة الداخلة – وادي الذهب، التي يعتمد نسيجها الإنتاجي على القطاعات الأولية والثالثة، وتتميز بإمكانيات طبيعية متنوعة تتكون من الصحراء والواحات والمواقع الأثرية والساحل، فتحظى بـ5 مناطق صناعية بمساحة 329 هكتارا.