اقتصاد

الفلاحون الصغار.. الحلقة الأضعف في بداية الموسم الفلاحي

الفلاحون الصغار.. الحلقة الأضعف في بداية الموسم الفلاحي

يعول المغرب كثيراً على تحقيق موسم فلاحي عادي هذا العام لإنعاش نموه الاقتصادي، بعد توالي سنوات صعبة من الجفاف وندرة الموارد المائية وبالتالي انخفاض المحاصيل. الظروف الجوية الراهنة تبدو مبشرة، وتوقعات أبرز المؤسسات العالمية كذلك، فماذا عن ارتسامات الفلاحين وخاصة الصغار منهم؟

وأجمعت مختلف المؤسسات الاقتصادية على تحقيق المغرب نموا في ناتجه الداخلي الخام في سنة 2025، غير أن المخاطر المناخية ما زالت تجثم كالكابوس على كاهل الفلاحة الوطنية ومن ثمة على الاقتصاد المغربي برمته.

وفي كل بداية/منتصف أكتوبر يتناول الفاعلون بالقطاع الفلاحي معاولهم ويتطلعون إلى السماء ترقباً لغيوم تحمل في أحشائها فرجا وخِصبا وفيراً، بيد أن شح التساقطات المطرية ليس المشكلة الوحيدة للفلاح المغربي، الصغير على وجه الخصوص.

ديون ثقيلة وبذور غير مناسبة

تواصلت صحيفة “مدار 21″ مع فلاحين صغار من مناطق مختلفة، فأكد البعض منهم أنهم تركوا النشاط نهائياً بسبب هزالة المردودية وتآكل الدخل في السنوات الماضية. بينما قلص البعض الآخر مساحته المزروعة بما يصل إلى 50 في المئة لعجزه عن تحمل كلفة الإنتاج.

عبد المالك حجاجي، فلاح ورئيس تعاونية فلاحية بإقليم برشيد، قال لـ”مدار21” إن الفلاح الصغير “يعاني في صمت” على حد تعبيره، مشيراً إلى مشكلة تراكم الديون على كاهل هؤلاء؛ “بعض الفلاحين باتوا عاجزين عن الاقتراض بغاية الاستثمار، نظرا لتراكم ديونهم لدى البنوك، بل بات البعض مفتقرا حتى للقدرة على تحمل تكاليف العيش إثر توالي سنوات الجفاف وغلاء أسعار المدخلات”.

ومن جهة أخرى، لفت المتحدث إلى أهمية توفير بذور مختارة وملائمة لشح التساقطات، بدل البذور التقليدية المنتشرة في السوق، والتي دأب الفلاحون على استخدامها خلال سنوات ما قبل الجفاف، والمستهلكة للكثير من المياه.

كما شدد على مشكلة غلاء الوقود في موسمي الحرث والحصاد، وعدم مواكبة الفلاحين الصغار وتوفير الاستشارة التقنية لهم في مواجهة بعض المشكلات الطبيعية كالحشرات أو النباتات المضرة.

أمطار مبشرة

وتعد أمطار شهر أكتوبر حاسمة بالنسبة للمحاصيل الشتوية، وفي مقدمتها الحبوب، إذ تعتمد عليها جاهزية الأراضي للحرث والزراعة، وتتكفل بزيادة منسوب المياه الجوفية وتعزيز نمو المحاصيل.

ذلك ما أكده الخبير الفلاحي والمستثمر في زراعة الحبوب، رياض وحتيتا، الذي اعتبر أن التساقطات المبكرة في الشرق والجنوب الشرقي ستمكن من استرجاع خصوبة التربة.

وأضاف أنها ستجنب تلك المناطق أخطر أنواع الجفاف، بعدما عانت المملكة من الجفاف المائي المتعلق بالتساقطات المطرية، ثم جفاف ضعف الفرشة المائية، فـ”الأخطر هو التعرض لجفاف التربة، الذي يفقدها خصوبتها وقدرتها الإنتاجية”.

بالإضافة إلى ذلك ستحد هذه التساقطات، وفقا للمستشار الفلاحي، من زحف الرعاة نحو المناطق الداخلية، بسبب انتعاش المساحات الرعوية.

واعتبر أن منطقتي الغرب والشمال ستستبشران بهذه التساقطات، رغم قلتها إلى حدود الآن، “لكنها ستمكن الفلاحين من الشروع في تقليب الأرض وإطلاق عملية البذر، لا سيما أن هذه المناطق تعد مناطق مرجعية وتساهم بأكثر من 80 في المئة من المحصول الوطني”.

الحاجة إلى جهود حكومية إضافية

خلال اجتماع مع المتدخلين في سلاسل الإنتاج الفلاحية، بتاريخ الخميس 10 أكتوبر الجاري، أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن الأخيرة ستعزز مواكبتها لمختلف مهنيي سلاسل الإنتاج الفلاحية، بهدف ضبط وتحسين أداء هذه السلاسل على أساس التدبير الأمثل للمدخلات وعوامل الإنتاج.

وأورد أخنوش أن الحكومة ستسهر على تتبع تنزيل مختلف الإجراءات ‏المستعجلة، التي من شأنها المساهمة في خفض أسعار المنتجات الفلاحية، حفاظا على القدرة الشرائية‎ ‎للمغاربة، وكذا السهر على ضمان التموين ‏المستمر والكافي للأسواق الوطنية.

بالنسبة لوحتيتا، لا بد للسلطات الوصية على القطاع من تكثيف حملاتها التحسيسية في صفوف الفلاحين، لحثهم على اعتماد تقنيات زراعية بديلة، على غرار تقنية البذر المباشر، التي تساهم في تقليص كلفة الإنتاج.

وبدوره، لفت للحركية الكبيرة لآليات الحرث في الوقت الراهن، والتي تصطدم بارتفاع أسعار البنزين خلال هذه الفترة وكذا فترة الحصاد، مما يستوجب اتخاذ إجراءات لمساندة الفلاحين في هذا السياق.

تجدر الإشارة إلى أن بنك المغرب توقع نمو الاقتصاد المغربي بنسبة 4.4 في المئة في المئة خلال سنة 2025، بينما كانت الحكومة أكثر تفاؤلا، محددة سقف طموحاتها عند 4.6 في المئة، أما وكالة “فيتش سولوشنز”، فذهبت أبعد من ذلك حين حددت توقعاتها في 4.9 في المئة.

وفي المقابل كان صندوق النقد الدولي أكثر حذراً في استشرافه لنمو السنة المقبلة، بحيث اكتفى بنسبة 3.3 في المئة كنمو محتمل للاقتصاد الوطني خلال 2025، أخذا في الاعتبار التغيرات المحتملة في أداء القطاع الفلاحي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News