سياسة

موجة الاستقالات بالجماعات الترابية.. اختلافات طبيعية أم تسخينات انتخابية؟

موجة الاستقالات بالجماعات الترابية.. اختلافات طبيعية أم تسخينات انتخابية؟

أعادت موجة الاستقالات التي تعرفها عدد من المجالس الجماعية من طرف بعض المستشارين الجماعيين أو استقالة رؤساء جماعات محلية النقاش حول تأثير هذه الممارسات على مسار التنمية المحلية في عدد من الأقاليم والمدن المغربية واحتمال استعداد بعض المنتخبين، عبر هذه الاستقالات، لموعد الانتخابات الجماعية، المرتقبة في 2027، لـ”موسم الترحال السياسي”.

وتصاعدت خلال المرحلة الأخيرة موجات الاستقالات الجماعية من طرف مستشارين جماعيين من عضوية مجالس الجماعات، الحضرية أو القروية، سواء من أحزاب الأغلبية أو المعارضة، بسبب “خلافات سياسية” قرأها مهتمون بالشأن السياسي على أنها “تسخينات انتخابية واستعداد للميركاتو السياسي”.

ولم يستبعد المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، عباس الوردي، أن “يكون كل هذا اللغط السياسي مجرد تحضير لموسم الترحال السياسي”، موضحا أن “من يريد أن يغير لونه السياسي في الانتخابات المقبلة لا بد أن يتخلى عن مقعده”.

وتابع المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “الاستقالة من الحزب السياسي لا يمكن أن تتم إلا عبر الاستقالة من المجلس الجماعي”، مشيرا إلى أن “هذه مسألة غير أخلاقية وغير مقبولة لا من طرف هذه الفئة من المنتخبين ولا حتى من الأحزاب السياسية التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها في مثل هذه السلوكات”.

وربط المتحدث ذاته تنامي مثل هذه الظواهر بـ”الضعف الذي تعانيه السياسة المغربية على مستوى الكفاءات المنوط بها تدبير الشأن العام”، مؤكدا أنه “لا يجب أن نستغرب من هذه الممارسات غير الأخلاقية في بعض المجالس”.

وبين الوردي أن “استقالات هؤلاء المسؤولين تزيد الطين بلةً بإجهازها على مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية في عدد من المناطق والمجالات التي هي أصلا في حاجة إلى تنمية حقيقية شاملة”.

“هذا سلوك غير مرغوب فيه” يشدد الأكاديمي نفسه، ويواصل أنه “في الأصل لا يجب لمن يريد الاستقالة، سواء أكان رئيسا أو مستشارا، أن ينخرط في رهان تدبير الشأن المحلي لكون هذه المسؤولية مرتبطة بسيرورة المرفق العمومي”.

وأورد الوردي أن “هذا الكم الهائل من الاستقالات والإقالات هو ظاهرة غير عادية”، مرجحا أن “يكون ذلك مجرد تسخينات انتخابية سابقة لأوانها من طرف عدد من المستشارين الجماعيين وبعض الأحزاب السياسية”.

وتابع المحلل السياسي ذاته أنه “إذا ثبت أن كل هذه الاستقالات والهالات التي تتبعها مجرد حسابات سياسية ضيقة ورهانات انتخابية فإن سلوك هؤلاء المنتخبين غير دستوري بقيادة حملة انتخابية سابقة لآوانها”، مشددا على أن “الحملة الانتخابية منظمة بالقانون وبدايتها محددة بالتشريعات الانتخابية”.

ودعا الوردي الأحزاب السياسية إلى “الوعي بطبيعة المرحلة السياسية والتنموية التي نعيشها”، مشددا على “ضرورة ثني منتخبيها عن مثل هذه السلوكات التي تسيء إلى السياسة ببلدنا”.

ونبه المحلل السياسي نفسه إلى أن “استمرار هذه البنية غير الصحية على مستوى الجسم الترابي سيؤدي إلى مجموعة من الإشكالات المرتبطة باختيار البروفايلات القادرة على مواصلة تدبير الأوراش الاستراتيجية التي فتحها المغرب على المستوى اللاممركز في المرحلة المقبلة من طرف المواطنين بسبب ما يمكن أن تؤدي إليه مثل هذه الممارسة من نفور سياسي”.

وشدد المهتم بالشأن السياسي على أن “البنية الترابية محكومة بالباب التاسع من دستور المملكة بالإضافة إلى القوانين التنظيمية الثلاثة المرتبطة بالجهات والأقاليم والعمالات وكذلك القانون التنظيمي الخاص بالجماعات الترابية”، مبرزا أن “احترام هذه المقتضيات القانونية مهم جدا”.

وعلى المستوى المؤسساتي، أورد المتحدث ذاته أن “موضوع الاستقالات يخضع لرقابة والي الجهة على مستوى مجالس الجهات ورقابة العامل على مستوى العمالات والأقاليم والجماعات”، مسجلا أن “البنية التنفيذية يجب أن تقوم بأدوارها من أجل ضمان استمرار المرفق العمومي”.

وأوضح الوردي أن “المغرب لم يسبق أن عرف مثل هذه الموجة من الاستقالات”، منبها إلى أنه “في حال كانت بالفعل الرهانات السياسية هي من تحكم هذه الاستقالات فإنه من الطبيعي أن يتزايد عددها خلال ما تبقى من عمر ولاية الجماعة”.

وأجاب المصرح ذاته من يدفع بمبرر حجم الاختلالات و”بلوكاج” عدد من البرامج التنموية المحلية في تزايد عدد الاستقالات بالقول إن “مراقبة الاختلالات لها مؤسسات وسلط مكلفة برصدها ومعاقبة كل من تورط فيها”، مستدركا أن “الأمر مرتبط بالدرجة الأولى بسجال سياسي أكثر من ارتباطه بالتدبير الجماعي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News