واقعة التحرش بطنجة تستنفر جمعيات حقوقية ومطالب بكاميرات بالشارع العام

طالبت جمعية التحدي للمساواة و المواطنة “بكل إلحاح” الجهات المعنية بسن تشريعات جنائية كفيلة بزجر الجناة في جرائم العنف والعنف الرقمي ضد المرأة، اعتبارا لمحدودية تطبيق مقتضيات القانون 103.13 المتعلق بالعنف ضد النساء والفتيات، “الذي بلغ مداه، وأكدت تقارير رسمية محدوديته”، وذلك على خلفية واقعة تعنيف والتحرش بمدينة طنجة من قبل عدد من قاصرين ورشداء.
ودعت إلى إعمال تدابير تنظيمية عملية تكفل إمكانية التقاط وتسجيل ما يقع بالشارع العام (من سلوكات مشينة ومجرمة)، بما ييسر سبل الإثبات على النساء ضحايا جرائم العنف، مطالبة الجهات القضائية المعنية، وفي مقدمتها رئاسة النيابة العامة، بإعمال صلاحياتها القانونية في متابعة مختلف المشتبه بهم في ارتكاب جرائم تتعلق بالمس بالمرأة بسبب جنسها، وكذا التسريع بمعالجة الشكايات الموضوعة من قبل النساء والفتيات في جرائم العنف الممارس ضدهن.
كما طالبت الجماعات الترابية، التي ألزمها القانون بإرساء برامج وتدابير من ضمن اختصاصاتها الذاتي، تتعلق بمقاربة النوع الاجتماعي وحماية المرأة وتمكينها، أن تتدخل بالمساهمة في التحسيس، عبر اللوحات الإشهارية التابعة لها والموجودة في مختلف المدن المغربية، من خلال تعريف عموم المواطنات والمواطنين بمخاطر تعنيف النساء على المجتمع ككل وبسبل الولوج للعدالة و الانتصاف القضائي.
وطالبت في نفس السياق، في بلاغ توصلت جريدة “مدار21” الإلكترونية بنسخة منه، من وسائل الإعلام الوطنية، أن تساهم بالقدر الكافي في فتح النقاشات العمومية حول أوضاع النساء بالمغرب، ولا سيما حينما يتعلق الأمر بالانتهاكات الجسيمة لحقوقهن و كرامتهن.
وقالت جمعية التحدي والمساواة والمواطنة إنها تتابع “بامتعاض و أسف”، واقعة تعنيف والتحرش ومحاولة هتك عرض شابة بمدينة طنجة “الذين استغلوا عبور الضحية من ممر عمومي مكتظ باليافعين، لممارسة أفعال مخزية ومشينة، مجرمة بالقانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء و مجموعة القانون الجنائي”.
وأوضحت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة أنه بالاطلاع على شريط الفيديو موضوع الواقعة، تأسف على تدني قيم عدد من الشباب اليافعين (قاصرين ورشداء) الذين تبنوا منطق العنف والكراهية ضد النساء والفتيات، واستغلوا سلطة جماعية تملكوها للحظات، واعتبروا الشابة المارة من أمامهم (حلقة ضعيفة) يجوز التعدي عليها، وعلى حرمة جسدها، وبالتالي إهانة كرامتها الإنسانية.
وأشارت إلى أن العمل اليومي الذي تقوم به الجمعية مع نساء وفتيات من مختلف مناطق المغرب، يؤكد أن العنف ضد النساء بمختلف أشكاله وتجلياته، مستمر رغم السياسات العمومية المحدثة، “عنفٌ لا تترجمه فقط نازلة الحال والتي تيسر للضحية وسيلة الإثبات في سياقها، وسَهُل التعرف إلى الجناة من خلالها”.
واعتبرت أن هذه السياسيات العمومية المحدثة تسائل الآلاف من جرائم التحرش ومحاولات هتك العرض بالفضاء العام وبفضاءات العمل الخاصة وداخل منصات ووسائط التواصل الاجتماعي، لكن الضحايا هنا يستحيل عليهن “الإثبات” الملقى أصلا على عاتقهن مما يقوض ويحد من سبل انتصافهن قضائيا.
وأكدت أن سن سياسات واستراتيجيات بعناوين حماية النساء من العنف، بقدر ما تؤكد على إرادة لدى الدولة المغربية اتجاه الحد من ظاهرة العنف ضد المرأة، فإن هذه الإرادة وفي غياب تدابير وإجراءات عملية، وموارد بشرية ومالية كفيلة بتنزيل هذه السياسات والبرامج تظل مجرد اعلان للنوايا.
وبهذا الصدد، أضافت: “المناهج التعليمية الوطنية هنا، واحدة من هذه السياسات العمومية المسؤولة بشكل مباشر، عن مثل هذه الأفعال والسلوكيات المشجوبة، فغياب مقاربة النوع الاجتماعي عن أقسام الدراسة، بما تمثله كقيمة ومنهج لتنشئة الأجيال المقبلة على القيم الإنسانية”.
وشددت على أن ممارسة هذه الأفعال، من قبل قاصرين، يسائل دور الأسرة من جهة، ودور مؤسسات التنشئة الاجتماعية من جهة ثانية، لكنه يسائل أساسا واقعا ملموسا، “فتعنيف القاصرين للنساء والفتيات، أصبح أمرا متكررا إلى درجة الاعتياد، وهو يدفعنا للتأكيد على أهمية تعزيز مقاربة التحسيس و التوعية في صفوفهم داخل المدرسة وخارجها”.
لكنها في المقابل، لفتت إلى ضرورة أهمية تشديد المقاربة العقابية في حق ممارسي هذه الأفعال، نظرا لخطورتها وأضرارها الجسدية والنفسية المستمرة في الزمن بالنسبة للضحايا، مبرزة أن الإعلام الوطني فاعل أساس في حماية النساء والفتيات والتعريف بمعاناتها اليومية مع العنف المبني على النوع، وبدون انخراط جدي لهذا المجال الحيوي ستظل قضايا المرأة المغربية، مغيبة عن النقاش العمومي.