حقوقي: أرقام القاصرين بـ”هجرة الفنيدق” تكشف واقعا مريرا وإحباطا اقتصاديا

ما تزال أزمة الهجرة الجماعية من الفنيدق نحو سبتة بطريقة غير نظامية، تخلق نقاشا وطنيا ودوليا، بين ملق باللوم على الشباب الذين وضعوا المغرب في هذا المأزق، وقرروا الهجرة بطريقة غير نظامية وأسر المراهقين الذين لم يُخضعوا أطفالهم للمراقبة، وبين من حمل المسؤولين للأزمة الاقتصادية بالبلاد لفقدان الأمل في تحقيق هذه الفئة ذواتهم على أرضهم.
وتدق الأرقام المهولة لمحاولات القاصرين والأطفال الهجرة بطريقة غير شرعية، وتعريض حياتهم للخطر، ناقوس الخطر بحسب حقوقيين، كما تسائل في الوقت ذاته محيطهم الأسري والدولة التي ينوط بها حمايتهم عن طريق التوعية والتحسيس وفتح آفاق مستقبلية لهم.
وفي هذا الإطار، يقول مراد فوزي، رئيس جمعية حقوقية تدافع عن حقوق الإنسان وتسهر على حماية القاصرين، إن ظاهرة الهجرة السرية تعد أمرا مقلقا سواء تعلق الأمر بالراشدين أو القاصرين، غير أن ما حدث بمدينة الفنيدق يوم 15 شتنبر، كشف عن أرقام خيالية بشأن نزوح القاصرين بنسبة قد توازي عدد البالغين.
وأفاد بأن هذه الأرقام المهولة تكشف عن واقع مرير وإحباط اقتصادي، خاصة بعد جائحة كورونا وارتفاع التضخم، مبرزا أنها “أزمة تعكس من ناحية غياب فرص الشغل المحلية والضغوط الاجتماعية التي تدفع المواطنين إلى البحث عن مستقبل بديل خارج الوطن، حتى وإن كان ذلك على حساب حياتهم، وتعكس من جهة أخرى أن التعليم لم يعد يشكل وسيلة للرقي بأحوال الناس ولم يعد لا هؤلاء الأطفال ولا أولياء أمورهم يعتبرونه وسيلة لبناء مستقبل أفضل”.
ويضيف في تصريح لجريدة “مدار21” أنه “لا شك أن عمليات التهجير هذه تحمل في جزء منها جرائم يعاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي إذا تعلق الأمر باستغلال الهشاشة مما يشكل جناية الاتجار بالبشر”.
وفي رده على سؤال حول من يتحمل مسؤولية هذه الأزمة التي طالت القاصرين، أوضح أن “عدة أطراف تتحمل مسؤولية هذه الأزمة، ويجب على السلطات العمومية وأصحاب القرار تكثيف الجهود لتوفير بدائل واقعية لهؤلاء الشباب، من خلال الاستثمار في برامج التعليم، التكوين، والتشغيل، خصوصًا في المناطق الأكثر تهميشًا”.
ويشير في السياق ذاته إلى أن “للأسر، المجتمع المدني، والقطاع الخاص وخاصة الإعلام دوراً هاماً في مرافقة هؤلاء الأطفال وتقديم آفاق مستقبلية لهم”.
وبخصوص حماية الأطفال، يقول إنه “من الضروري تعزيز آليات الدعم والوقاية لتحسيس هؤلاء الشباب بمخاطر الوقوع في أيدي شبكات الاتجار بالبشر أو اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر، إذ يجب أن يكون هناك شراكة وتنسيق بين جميع الأطراف المعنية لضمان سلامة وعيش الأطفال في ظروف سليمة وآمنة”.