متقاعدون ينشدون “الاعتراف بالجميل” ويرفضون اعتبارهم “موتى إجتماعيا”

على الرغم من مرور قرابة 4 أشهر على توقيع الاتفاق الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية، مازال نقاش “إنصاف” المتقاعدين مستمرا على مستوى الزيادة في المعاشات وسن إجراءات ترتقي بالمستوى المعيشي لهذه الفئة لمواجهة الغلاء والتضخم غير المسبوقين، إذ يرفض المتقاعدون الاقتصار على إجراء تحديد حد أدنى للمعاش في أقل من 2000 درهم وإجراءات الإعفاء الضريبي وكأنهم “موتى اجتماعيا”، منادين بـ”الاعتراف لهذه الفئة بما قدمته طوال سنوات من الاشتغال”.
ولم تتضمن بنود الاتفاق الاجتماعي الذي وقعته الحكومة مع الفرقاء الاجتماعيين، في الـ29 من أبريل المنصرم، أي إجراء يعني فئة المتقاعدين لا بالزيادة في المعاشات أو بتخفيض نسبة الاقتطاعات من المعاش لفئة منهم، معتبرين أن هذا “إقصاء غير مقبول”.
وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أشارت إلى “العناية الخاصة التي تحظى بها فئة المتقاعدين التي تتمثل في استفادتها على مدى سنوات من مراجعة نسبة الإعفاء من الضريبة على الدخل المطبقة على المعاشات والتي تمكن المتقاعدين من نسبة خصم مهمة تصل إلى 70 في المئة قبل تطبيق الضريبة عليها”.
بالإضافة إلى ذلك، أوردت المسؤولة الحكومية، في جواب كتابي، أنه “تم تنزيل الإجراء المتعلق بالرفع من مستوى الحد الأدنى المعاشات المتقاعدين والتي أصبحت توازي اليوم 1000 درهم شهريا بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و1500 درهم بالنسبة لنظامي المعاشات المدنية والعسكرية وكذا النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد”.
وسجلت المسؤولة الوزارية ذاتها أنه “الحكومة تواصل سن إجراءات تستهدف فئة المتقاعدين منذ سنة 2022 بالزيادة في المعاشات التي يصرفها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنسبة 5 في المئة مع حد أدنى قدره 100 درهم في معاشات الزمانة أو الشيخوخة أو المتوفى عنهم وبأثر رجعي ابتداء من يناير 2020”.
عبد العزيز الصقلي، رئيس جمعية قدماء موظفي وزارة الاتصال، اعتبر أن “هذه الإجراءات التي تتبجح بها الوزيرة هي إجراءات غير كافية”، مبرزا أنه “إذا كانت هناك زيادة يمكن أن نعتبرها مقبولة فلا يمكن أن تكون أقل من الحد الأدنى للأجر المعمول به وليس أن يرفع إلى 1000 أو 1500 درهم”.
وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن “هذه الإجراءات لا تشمل جميع المتقاعدين”، مسجلا أنه “لازالت بعض الأرامل اللاتي يستخلصن أقل من 500 درهم بعد وفاة أزوجهن المتاقاعدين نتيجة خصم قرابة نصف المعاش بعد وفاة صاحبه”.
وأورد المصرح نفسه مثالا عن المعاناة التي يعيشها المتقاعدون بالإشارة إلى أن “العديد منهم يضطر إلى العمل بعد إحالته على التقاعد رغم سنه المتقدم”، منبها إلى أنه “يمكن الاستفادة من تجارب هؤلاء المتقاعدين في العديد من المجالات عوض اعتبارهم موتى بعد تقاعدهم”.
وتساءل المسؤول المدني، في نبرة استغرابية، “لا أعلم هل الوزيرة التي تعتبر إجراءات الحكومة كافية وتصون كرامة المتقاعد على علم بالمستوى المعيشي الذي وصلناه خلال السنوات الأخيرة”، مسترسلا “ما الذي يمكن أن تغطيه اليوم 1000 أو 1500 درهم من تكاليف الحياة؟”.
وعلق الصقلي على جولات الحوار الاجتماعي الأخير التي أفضت إلى إقرار زيادة في أجور الموظفين العموميين بـ1000 درهم وزيادة الحد الأدني للأجر في القطاعين العام والخاص بأنها “جولات لا تمثلنا بحكم أنه لم تحضر أي تمثيلية عن المتقاعدين لأننا لا نؤمن بتثميل النقابات لهذه الفئة”.
وذَكَّر المسؤول المدني أنه “سبق وراسلنا رئيس الحكومة والأحزاب السياسية والفرق البرلمانية سواء من الأغلبية أو المعارضة دون أن نتلقى أن إشارات إيجابية وكأننا أصبحنا خارج المجتمع وبالتالي خارج الحوار الاجتماعي وغير معنيين بمخرجاته”.
ولم يبد المصدر ذاته قبوله “استمرار العمل بالضرائب المفروضة على معاشات المتقاعدين”، متسائلا “كيف يعقل أن تقتطع الحكومة من أجر المتقاعد أثناء الفترة التي يشتغل فيها وحينما يحال على التقاعد تسن إجراءات للاقتطاع من معاشه؟”.
وضمن الإجراءات التي تنصف فئة المتقاعدين، سجل المتحدث ذاته أنه “يمكن أن تبادر الدولة لتعميم استفادة المتقاعدين المغاربة من امتيازات في النقل والسياحة في غير أوقات الذروة وتسهيلات في التطبيب والصحة”، مشددا على أن “هذا يدخل ضمن ثقافة الاعتراف بالجميل والعرفان وهو ما ينقصنا في هذا البلد السعيد”.