المحكمة الدستورية تجيز النظام الداخلي للنواب وترفض الاستماع للفاعلين الخواص

صرحت المحكمة الدستورية بمطابقة عدد من التعديلات التي أدخلها مجلس النواب على نظامه الداخلي للدستور، بما فيها تلك المتعلقة بمدونة الأخلاقيات ولجنة تتبعها، في وقت أكدت عدم مطابقة الاستماع للفاعلين الخواص داخل البرلمان.
وعُرض النظام الداخلي لمجلس النواب على المحكمة الدستورية، “بعد إعادة فهرسته، يتضمن، من جهة، تعديلات، ترتيبا لأثر قرار المحكمة الدستورية رقم 209/23 م.د، ومن جهة أخرى، يتضمن تعديلات جديدة”.
وأكدت المحكمة أنه “فيما يتعلق بالمواد المعدّلة ترتيبا لأثر قرار المحكمة الدستورية”، فإنه، يبين من فحص كافة التعديلات المدخلة “أنها مطابقة للدستور”.
ولفتت المحكمة الدستورية إلى أن إحداث مدونة للأخلاقيات وإلزام النواب بمقتضياتها ليس فيه ما يخالف الدستور لأن ذلك يتم “دون المساس بحريتهم الكاملة في أداء مهامهم الدستورية، لكونهم يستمدون إلى جانب أعضاء مجلس المستشارين نيابتهم من الأمة طبقا للفقرة الأولى من الفصل 60 من الدستور”.
وبخصوص إسناد تطبيق مدونة الأخلاقيات البرلمانية للجنة خاصة محدثة من لدن مكتب مجلس النواب، أوردت المحكمة أنه “ليس فيه ما يخالف الدستور، على أن لا يتعدى موضوع مهام جميع الأطراف الموكول لهم هذا الأمر، نطاق توضيح وتطبيق مقتضيات النظام الداخلي الخاصة بمدونة الأخلاقيات البرلمانية، وألا يحدثوا في ممارستهم بشأن إنفاذها قواعد أخرى تشكل من حيث موضوعها جزءا من النظام الداخلي الذي يخضع لزوما لمراقبة المحكمة الدستورية قبل الشروع في تطبيقه”.
وحول المادة التي تمنع استعمال أو تسريب معلومات توجد في حوزة النواب بصفة حصرية حصلوا عليها بمناسبة ممارسة مهامهم النيابية بهدف تحقيق مصلحة شخصية أو مصالح فئوية معينة، رأت المحكمة الدستورية أنه ليس فيها ما يخالف الدستور الذي ينص على أن: “…جلسات لجان البرلمان سرية”، كما السر المهني يعتبر التزاما عاما.
الاستماع للخبراء للفاعلين الخواص
وتنص المادة 130 على أنه: “يمكن للجان الدائمة بمبادرة من مكاتبها وضمن الاختصاصات الموكولة لها أن تطلب الاستماع إلى آراء خبراء أو ممثلين عن منظمات أو هيئات أو فاعلين من القطاع الخاص”.
ورأت المحكمة نفسها أن الشق المتعلق بـ”الاستماع إلى آراء خبراء أو ممثلين عن منظمات أو هيئات”، ليس فيه ما يخالف الدستور شريطة، من جهة أولى، ألا يشمل طلب الاستماع إلى آراء ممثلي الهيئات المنصوص عليها في الفصول من 161 إلى 170 من الدستور، إلا في إطار القوانين المنظمة لها، لما ما تتمتع به من استقلالية، ومن جهة ثانية، ألا تعقد اللجان الدائمة جلسة الاستماع المنصوص عليها في هذه المادة إلا بعد عرض طلب مكتب اللجنة المعنية على مكتب مجلس النواب الذي يعود إليه البت فيه قبل إحالته على الجهة المقصودة بالطلب.
ومن جهة ثالثة، “أن تظل الاستجابة لطلب الاستماع رهينة بالموافقة المسبقة للمعنيين بالأمر، ومن جهة رابعة، أن تكون آراء الخبراء وممثلي المنظمات أو الهيئات على سبيل الاستئناس والاستفادة مما اكتسبوه من تجربة، ليس إلا، ومن جهة خامسة، أن يتقيد أعضاء اللجان الدائمة بالحياد والموضوعية والنزاهة وعدم تسريب المعلومات أو استعمالها، التي يحصلون عليها أثناء جلسة الاستماع هذه إلا فيما يتصل بأداء مهامهم النيابية، طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 393 من هذا النظام الداخلي والقوانين ذات الصلة”.
وفيما يتعلق بالمقتضى الأخير من نفس المادة الذي ينص على أنه: “… أو فاعلين من القطاع الخاص”، اعتبرت المحكمة أن توسيع نطاق الاستماع الى الآراء ليشمل “فاعلين من القطاع الخاص”، يمثل “وسيلة جديدة لا سند لها في الدستور، مما يكون معه ما نص عليه هذا المقتضى الأخير من هذه المادة من إمكانية الاستماع إلى آراء فاعلين من القطاع الخاص، غير مطابق للدستور”.
واعتبرت أن “العلاقات بين مختلف السلط منظمة بموجب فصول الدستور، وأن اللجان الدائمة لمجلسي البرلمان لا تمارس اختصاصاتها إلا في نطاق أحكام الدستور والقوانين التنظيمية، كما هو الأمر عليه في الفصل 102 منه، الذي حصر طلب استماع هذه اللجان إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، وذلك بحضور الوزراء المعنيين، وتحت مسؤوليتهم”.
وأردفت بأنه “لا يوجد في أحكام الدستور ولا في القوانين التنظيمية ذات الصلة باللجان البرلمانية الدائمة ما ينظم علاقة هذه الأخيرة بالقطاع الخاص، إلا في حدود ما خوله الدستور للبرلمان من صلاحيات، وأن هذا القطاع لا يندرج ضمـن فئة الخبراء أو المنظمات أو الهيئات التي لا يمكن للجان البرلمانية الدائمة الاستماع إلى آرائهم إلا وفق الشروط المذكورة أعلاه، كما أنه لم يرد فيها ما يخول لهذه اللجان الدائمة حق طلب الاستماع إلى آراء الفاعلين من هذا القطاع”.