سياسة

تنبيهات الملك بتأخر مشاريع السياسة المائية تُطلق دعوات لاستشعار خطورة المرحلة

تنبيهات الملك بتأخر مشاريع السياسة المائية تُطلق دعوات لاستشعار خطورة المرحلة

خصص الملك محمد السادس حيزا كبيرا من خطاب الذكرى الـ25 لعيد العرش للحديث عن إشكالية الماء، معتبرا أنها “تزداد حدة بسبب الجفاف وتأثير التغيرات المناخية والارتفاع الطبيعي للطلب إضافة إلى التأخر في إنجاز بعض المشاريع المبرمجة في إطار السياسة المائية”، وهو ما اعتبرته فعاليات بيئية “دعوة مباشرة للإسراع في تنزيل برامج السياسة المائية المتأخرة وتجاوز الوتيرة البطيئة التي لا تتناسب مع الوضعية الخطيرة والمقلقة التي تعيشها الموارد المائية بالمغرب”.

وأشار الملك محمد السادس، في الخطاب الذي ألقاه أمس الإثنين بمناسبة الذكرى 25 لعيد العرش، إلى أن “توالي ست سنوات من الجفاف، أثر بشكل عميق على الاحتياطات المائية، والمياه الباطنية، وجعل الوضعية المائية أكثر هشاشة وتعقيدا”، مشددا على أن “لمواجهة هذا الوضع، الذي تعاني منه العديد من المناطق، لاسيما بالعالم القروي، أصدرنا توجيهاتنا للسلطات المختصة، لاتخاذ جميع الإجراءات الاستعجالية والمبتكرة لتجنب الخصاص في الماء”.

وضمن ما  اعتبره العاهل المغربي رهانا استراتيجيا، لفت إلى “تسريع إنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية: من حوض واد لاو واللكوس، إلى حوض أم الربيع، مرورا بأحواض سبو وأبي رقراق”، مبرزا أهمية “تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر، حسب البرنامج المحدد لها، والذي يستهدف تعبئة أكثر من 1,7 مليار متر مكعب سنويا”.

مصطفى بنرامل، خبير بيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، اعتبر أن “مضامين خطاب العرش لسنة 2024 هي تتمة لمسار اهتمام خطب الملك محمد السادس بلفت الانتباه إلى الوضعية المائية المقلقة نتيجة تراجع التساقطات لمدة 6 سنوات متواصلة ونضوب أغلب العيون والأنهار وتراجع حقينة سدود المملكة وعلى رأسها حوض أم الربيع والأحواض الجنوبية”.

وعن السياق الذي يأتي فيه تجديد تنبيه الملك بخصوص خطورة الوضع المائي بالمملكة، أشار بنرامل، في تصريح لجريدة “مدار21” إلى “تأخر وبطء المشاريع المواكبة لهذه الوضعية الاستثنائية، سواء البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027 أو برنامج ربط الأحواض المائية الذي دُشِّنت بداياته بربط حوض سبو بحوض أبي رقراق”، مشددا على أن “تنزيل البرامج في شأن السياسة المائية تنزل بشكل بطيء وبصورة لا تتناسب مع الوضعية الخطيرة والمقلقة التي تعيشها الموارد المائية بالمغرب”.

وسجل المهتم بالشأن البيئي أنه “لولا الأمطار التي تساقطت خلال الـ15 يوم الأخيرة من شهر مارس وبداية أبريل لكانت الوضعية جد مقلقة أكثر من اليوم”، مستدركا أنه “حتى السيناريوهات الموضوعة في أفق 2027 بخصوص السياسات المائية فمن المفترض أن تأخد بعين الاعتبار عامل تراجع التساقطات المطرية والحاجة المتزايدة من الماء الشروب ومياه السقي”.

“كان من المنتظر ربط حوض لوكوس وحوض سبو من أجل زيادة الصبيب وتزويد حوض أم الربيع في مرحلة ثانية”، يضيف المتحدث ذاته، ويواصل أن “مشاريع الربط بين الأحواض تشكل أهمية كبيرة على مستوى إقرار عدالة مائية على مستوى الأحواض المائية”.

وفي ما يتعلق بغايات تنزيل سياسة الربط بين الأحواض المائية، أورد المهتم بالسياسيات المائية أنها “تتجلى في تحقيق عدالة مائية”، مبرزا أن “هذه العدالة تتضمن البعد التضامني من أجل توزيع المياه بشكل عادل”، متأسفا عن “تأخر هذا المشروع لقرابة عقدين من الزمن بحكم أن بدايته كانت بداية التسعينيات”.

وعلى مستوى مشاريع تحلية ماء البحر، التي شغلت حيزا كبيرا من الخطاب الملكي، سجل بنرامل أنه “كان من المنتظر أيضا أن يكون عددها اليوم أكثر من العدد المتوفر اليوم في المرحلة الحالية”، مفيدا أنه “حتى الـ12 محطة التي من المنتظر أن تكون جاهزة في أفق سنة 2027 فهو عدد غير كافٍ بالنظر لانتظارات المغرب سواء على مستوى المياه الصالحة للشرب أو مياه السقي خصوصا في المناطق المزروعة وفي المناطق الجنوبية الممتدة على خط أكادير الداخلة”.

وصلةً ببرنامج معالجة مياه الصرف الصحي واستثمارها في سقي المناطق الخضراء في المدن، أبدى الخبير البيئي قلقه بشأن “تأخره هو الآخر”، مبرزا أنه “من المستعجل تعميم هذا البرنامج في جميع المدن المغربية عوض الاكتفاء به في المدن الكبرى كالرباط وفاس والدار البيضاء ومدن أخرى”.

وبخصوص دعوة الملك إلى تطوير صناعة وطنية في مجال تحلية المياه وإحداث شعب لتكوين المهندسين والتقنيين المتخصصين في هذا المجال، أورد بنرامل أن “هذه الخطوة تدفع القطاع الخاص من أجل مواكبة التحديات التي طرحها الملك محمد السادس”، مسترسلا أنها “ستساهم في إنجاح هذا الورش بالإضافة إلى توفير فرص الشغل للشباب من مهندسين ومتخصصين في هذا المجال”.

وتفاعل المصدر نفسه مع اعتبار الملك الحفاظ على الماء مسؤولية وطنية بأن “مسألة الماء في المغرب هي مسؤولية تتقاسمها جميع مكونات المجتمع بخصوص عقلنة وترشيد استهلاك الموارد المائية”، مشددا على ضرورة “زجر مرتكبي الجرائم المائية سواء كانت من طرف المواطن أو الفاعلين في القطاع الخاص أو حتى من طرف القطاعات العمومية والجماعات الترابية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News