تربية وتعليم

كاير يعرض معالم نجاح “مدرسة الريادة” ويبرئ الأساتذة والنقابات من مقاومة التغيير

كاير يعرض معالم نجاح “مدرسة الريادة” ويبرئ الأساتذة والنقابات من مقاومة التغيير

عرض عثمان كاير، رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية، نتائج البحث الذي أجراه المرصد حول مدارس الريادة، بناء على إحالة من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، مؤكدا وجود مجموعة من معالم النجاح إضافة إلى تحديات تستلزم مواجتها، مبرئا من جهة أخرى الأساتذة من “مقاومة التغيير”.

وقال كاير، في ندوة صحفية اليوم الأربعاء، إن “الحوافز المالية للأطر التربوية ضمن مشروع الريادة من الجوانب المساعدة على تحفيز الفاعلين”، مستدركا أنه بالمقابل أنه “حتى الجوانب غير المالية لديها أثر كبير على انخراط الأطر التربوية ضمن هذا البرنامج”، مشيرا إلى مشروع مدرسة الريادة “يخلخل العلاقات التقليدية بين الفاعلين”، راصدا وجود تحولات على المستوى العمودي من الوزارة إلى التلميذ وعلى المستوى الأفقي مع محيط المؤسسات التعليمية.

ومن جهة أخرى أكد كاير على أنه “كان هناك سوء فهم في البداية سواء من طرف الوزارة أو النقابات أو باقي الفاعلين لمشروع مدرسة الريادة”، مشددا بالمقابل على وجود “رغبة لدى الوزارة لتعميم البرنامج وتوسيعه مع ما يتطلبه ذلك من إمكانيات ومجهودات مالية، وأيضا وجود استعداد لدى الأساتذة، عكس الانطباع السائد بأن الأساتذة والنقابات مقاومين للتغيير”.

وتابع رئيس المرصد أنه التحليل الميداني أكد أن “هناك استعداد لدى الأساتذة والنقابات”، مفيدا أنه “طالما كان هناك حوار وإشراك وتفاعل حول انتظارات الفاعلين يكون الانخراط، وهذا ما تجلى من خلال عملية التناظر التي قام بها المرصد بين الفاعلين بمدارس الريادة وباقي المؤسسات الأخرى”.

الإصلاح دخل المدرسة

وأفضى البحث المنجز، بحسب رئيس المرصد، إلى وجود توافق وسط المشاركين على أن “الإصلاح التربوي قد ولج قاعة الدرس، وقد أصبح واقعا يوميا يمارس بمنطق مبني على التسلسل المتدرج المغري على التتبع والمحفز الجماعي على المثابرة في تحصيل النجاعة المطلوبة المقدرة على الوقع التربوي الإيجابي لدى الطفل المتعلم”، مع الاتفاق على أن البرنامج “يعد مكسبا تربويا وجب تثمين نتائجه الإيجابية الأولية وتحصين مكتسباته باعتبارها رهانا جماعيا للنهوض بالمدرسة العمومية خلال السنوات المقبلة”.

المتحدث ذاته أشار إلى أن البحث انتهى إلى حصول وعي لدى الأساتذة والمفتشين على أن “القاعدة المثالية لإنجاح تحديات البرنامج تكمن في التعبئة الجماعية والقبول بضرورة الثقة في جدوى الإصلاح وما تستلزمه هذه الثقة من تغيير ثقافي لمنظور العملية التربوية”، لافتا إلى أن “الغاية الأسمى ليست المطاوعة السلوكية القهرية للقاعدة البيداغوجية، كما هي مشروطة في الدلائل التربوية التوجيهية، وإنما تجسيد الأثر على عملية اكتساب المعرفة لدى التلميذ والتأكد من وجوده عبر قواعد تقييم شفافة وموضوعية ومعيارية وموحدة غير محسوم -قبليا- في نتائجها”.

وخلص البحث الذي أجراه المرصد إلى أن “السببية الموجدة للرغبة في الانخراط في إنجاح رهانات برنامج “مدارس الريادة” مركبة تجمع بين عوامل مترابطة، منها على وجه الخصوص، ما تردد بشكل لافت في إجابات المساهمات والمساهمين في البحث الميداني: فضاء يغري على الاجتهاد، طريقة إدارة الدرس تحفز على الانخراط فيه..”.

وواصل عثمان كاير عرض النتائج بالإشارة إلى أن “الإحساس بالآمان لدى الاساتذة في علاقتهم بمستلزمات المراقبة التربوية الروتينية، حيث الإبداع والاجتهاد في التدبير الزمني للدرس لم يعد في رأيهم مخالفة مهنية أو عيبا منهجيا وجب تداركه، وإنما مبادرة قابلة للتثمين والتقويم في إطار مقاربة نقدية مبنية على الحجاج البناء”.

وفي السياق ذاته يضيف كاير “كما أن المنتظر من الدرس ليس إتمامه وفق ما تضمنته الكتب المدرسية من معلومات وأفكار وتمارين بطريقة خطية محسومة سلفا بدون استشارة للأستاذ، وإنما الحرص على ملاءمته مع السياق النفسي والاجتماعي للمتعلمين في إطار من المسؤولية المشتركة بين الأستاذ والمفتش المواكب”.

وأشار رئيس المرصد الوطني للتنمية البشرية إلى “التركيز على تجويد وتحسين مردودية الاكتساب لدى التلميذ والقياس المستمر لحصول الأثر لديه على مستوى التعلمات الأساسية جعل منظور التغيير المنشود من الإصلاح التربوي يتحول من منطق تحقيق العدالة المشروطة بالمساواة في الاكتساب وفي التحصيل إلى منطق العدالة المرهونة بإنصاف المتعثرين وفق تصور يوافق أحد القيم الكونية التي تتأسس عليها أهداف التنمية المستدامة 2030، حيث المبدأ الموجه لكل إصلاح تربوي عميق هو: ألا يُتركَ أحدٌ جانبا”.

وضمن النتائج كذللك، أشار كاير إلى التواصل المبني على القرب وعلى التفاعل الآلي مع الحاجة للمواكبة وللمعلومة، سواء لدى الأستاذ أو لدى التلميذ أو لدى أوليائه، مسجلا أيضا أن الاستئناس بالتكنولوجية الرقمية في التواصل بين الأستاذ والمفتش المواكب، وفي إعداد وتقديم الدرس، “حفز الأستاذ على تنويع أدوات الشرح واختبار مهارتي الفهم والاستيعاب لدى التلاميذ، كما مكن التلميذ من التركيز أكثر وعلى المشاركة داخل القسم”.

وشدد كاير على أن “هناك فرق ظاهر للعيان في المزاج العام بين المدرسة المحتضنة للبرنامج وبين المدرسة التي ما تزال تعتمد المقاربة التربوية المعيارية التقليدية. موجزه، أن محفزات العناية والاهتمام بالأثر التربوي على مستوى التعلمات لدى التلميذ متوفرة أكثر داخل مدارس الريادة”. كما أن الثقة في قدرات الأستاذ داخل هذه المدارس “جعلت منه ميسرا للتغيير ومرافعا عليه، كما جعلت منه آلية ناجعة لتحسيس وتكوين الأقران”.

تحديات وتوصيات

وبخصوص التحديات، دعا كاير إلى “الاستفادة من الصعوبات التي شهدتها عملية تثبيت البرنامج في بداية المرحلة التجريبية خلال الدخول المدرسي 2023-2024، خاصة فيما يتعلق بإنهاء أوراش تأهيل الفضاءات الداخلية للمدارس، وتجهيز الأقسام بالمعدات التكنولوجية.

ولفت المتحدث نفسه إلى ضرورة “استباق حاجيات الأساتذة للتكوين المستمر والمواكبة في مرحلة الاستئناس باستعمال التكنولوجيا الرقمية في العملية التربوية”، مع “مأسسة التواصل والتتبع الإداري والتربوي للبرنامج وتأطير التواصل بشأن ذلك بمنهجية مؤمنة -إداريا- ومقننة بقواعد مسطرية توازن بين شرط السرعة في التفاعل وتقاسم المعلومات وبين شرط التأطير الإداري المتعارف عليه داخل القطاع”.

وأوصى المرصد بـ”تأطير مرحلة تعميم البرنامج بنظام لمؤشرات النجاعة ومراقبة مساري التثبيت والتنفيذ وفق رؤية ونظرية تغيير مشتركة ومتقاسمة بين مختلف الفاعلين المعنيين”، مع “تثمين المقاربة الجديدة المعتمدة في إعداد الدروس، وتعميق البحث في درجة ملاءمة التقطيع الزمني للحصص مع شرط التأكد من الوقع الإيجابي على عملية الاكتساب لدى التلميذ”.

وأبرز عثمان كاير وجود “إجماع لدى الأساتذة على ضرورة انخراط الأسر وأولياء التلاميذ في البرنامج، لأن من شأن ذلك أن يضاعف حظوظ نجاح المدرسة العمومية في التحكم -إيجابيا- في المسار التربوي للتلميذ، مع وجود “توجس عام لدى الأساتذة من التأثير -سلبا- لعامل الاكتظاظ على مردودية البرنامج”.

وأكد وجود مطلب لدى عامة الأطر التربوية بـ”ضرورة استدامة البرنامج عبر تأمين تواصل مستمر وتقييمات منتظمة وتفاعل سريع للإدارة الوصية مع حاجيات صيانة المعدات وتزويد المؤسسات بالإمكانيات والتجهيزات اللازمة لاستباق انقطاع الكهرباء، خاصة في المجال القروي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News