مجتمع

بن مسعود: المجتمع طبّع مع ظاهرة التحرش الجنسي في المواصلات

بن مسعود: المجتمع طبّع مع ظاهرة التحرش الجنسي في المواصلات

تعاني فئة عريض من النساء من التحرش الجنسي في الشوارع كما في العمل، وأيضا في وسائل المواصلات، بيد أن ضحايا هذا الفعل في وسائل النقل، في كثير من الحالات، يفضلن السكوت، أكثر من غيرهن، مخافة نظرات الاحتقار التي توجه إليهن كلما تعالت صرخة استغاثة من “وحش بشري” متسلل إلى حافلة أو سيارة أجرة أو أي وسيلة نقل أخرى.

وئام طالبة جامعية، تقاسمت مع “مدار21” أسوء تجاربها في وسائل النقل العمومي، وكانت بمثابة “الذكرى الملتصقة” التي تدفعها كل يوم للتفكير في احتمال تكرار الحادث كلما خطر ببالها ركوب إحدى وسائل النقل العمومي.

تحكي وئام، ذات الـ21 ربيعا، عن قصتها مع التحرش داخل وسائل النقل لتقول بنبرة غاضبة ” أصحبت أشعر بالخوف والتوتر في كل مرة أتوجه إلى المواصلات العمومية، لكن ليس لدي خيار آخر، وبالتي أُصبح مضطرة لأستقلها”.

تضيف وئام، بحنق واستياء: “وأنا في الحافلة، أحسست برجل خمسيني يكاد أن يلتصق بي، في البداية ظننت أن هذا بسبب الازدحام فقط، لكن عندما ابتعدت ولحق بي فهمت أنه يحاول التحرش بي”.

تُتابع وئام كلامها: “كنت مصدومة جدا مما حدث، رفعت صوتي، ودفعته بكل قوتي، لكنه تجاهلني كأنني المذنبة وليس هو، ثم صرتُ محط نظرات من في الحافلة، الذين دعوني لتجاهل الحادث، ومسامحة الرجل لأن فعله لم يكن مقصودا”. لم تكن، حينها، قادرة على تبرير تعرضها للتحرش والاعتداء، بعدما شعرت بأن الجميع لم يعاتبوا المتحرش، واكتفوا بتبرير الحادث بازدحام الحافلة، تضيف متحدثتنا.

تصف الشابة شعورها آنذاك بـ”القرف.. تشعرين بالظلم والمرارة، وتضطرين إلى تقبّل فكرة أن حقك لن تنتزعيه، لأننا في مجتمع ذكوري”.

تعلّق وئام تفشي ظاهرة التحرش في وسائل المواصلات على ضعف القوانين الزاجرة والقصور في تطبيقها، وقالت إنه ينبغي “تفعيل قوانين صارمة متعلّقة بالتحرش لردع المتحرشين، لأن التحرش جريمة وليس له مبرر”، موضحة أنه “ينبغي على النساء عدم التزام الصمت لأنه ليس حلّا بل ينبغي منهم التبليغ عن المتحرشين”.

عبد الكريم، وهو سائق سيارة أجرة من الحجم الكبير بمدينة الدار البيضاء، صرّح بأن النساء يتعرضن للتحرش بكثرة في المواصلات العمومية، وأسر للجريدة: “ّفي كل مرة أرى امرأة تتعرض للتحرش أتذكر إحدى الزبونات التي تعرضت للتحرش أمامي داخل السيارة، لكنها خجلت ولم تستطع البوح والتزمت الصمت رغم سؤالي لها عدة مرات لأنني كنت متأكدا بأن الشاب الذي بجانبها ضايقها”، مشددا على أنه لم يصمت وصفع المتحرش أمام باقي الركاب.

ويرفص عبد الكريم، مبررات البعض للتحرش بإلقاء اللوم على لباس النساء، وقال مؤكدا “التحرش جريمة لا مبرر لها، ومحاولة إيجاد مبرّرات لإنقاذ المتحرشين من العقاب لا يُصلح الأمور بقدر ما يفسدها أكثر”.

وختم حديثه: “أنا لا أشجع على العنف، لكنني أشجع على تفعيل القوانين المتعلقة بالتحرش على أرض الواقع، لأنها تبقى الحل الأفضل”.

وفي هذا السياق، ترى سعاد بن مسعود، ناشطة حقوقية، أن الأرقام المصرّح بها لا تعكس الظاهرة أو الواقع أو حقيقة العنف الذي تتعرض له أغلب النساء، لأنه مغلف بتحميل المسؤولية للضحية بسبب لباسها أو المكان الذي تتوجه له.

وتضيف بن مسعود، في تصريح لـ”مدار21″، أنه حسب التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط الصادر سنة 2019، فنسبة العنف الجسدي ضد النساء انخفضت، في وقت ارتفاع العنف الجنسي”، مضيفة أنه حسب التقرير ذاته، العنف الممارس في الأماكن العمومية أو الأماكن العامة يشكل 12.6 في المئة، و7.7 في المئة منه عنف جنسي.

ونبّهت الناشطة الحقوقية إلى أن أغلب النساء يرفضون التحدث والتبليغ عن الانتهاكات والاعتداءات التي يتعرضون لها يوميا بسبب التحرش، مضيفة أن “المجتمع طبَّع مع التحرش، ليصبح ظاهرة طبيعية داخله”.

من جانبها، قالت سناء الملحاوي، دكتورة وكوتش في التنمية الذاتية، إن التربية غير السليمة والثقافة الذكورية هي أسباب انتشار ظاهرة التحرش، موضحة أن “المجتمع المغربي يمنح الرجل أشياء عديدة، على حساب المرأة”.

بدورها، أكدت أن الملحاوي أن اللباس ما هو إلا مشجب يعلّق عليه فعل المتحرش لإيجاد مصوغات لما اقترفه، وقالت “اللباس ليس إلى ذريعة تدعم شعور المتحرش وتبرر له فعله الجرمي.. فإذ كان اللّباس سبب جريمة التحرش، فإن للمرأة الحق أيضا التحرش بالرجل إذا كان لباسه غير محتشم أو مغرٍ”.

وختمت سناء الملحاوي حديثها للجريدة بالقول إن “التربية السليمة هي الحل للقضاء على هذه الظاهرة والتخلص منها”، مردفة أن “الجسد ملك خاص للإنسان، ليس لأي شخص الحق في مس هذه الخصوصية.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News