رأي

دروس “بيلماون” وحاجتنا الجماعية لترسيخ الوعي الهوياتي بالذات

دروس “بيلماون” وحاجتنا الجماعية لترسيخ الوعي الهوياتي بالذات

كرنفال “بوجلود” أو “بولبطاين” أو بالأمازيغية “بيلماون بودماون” تراث مغربي أمازيغي أصيل يقام عادة في اليوم الثاني من أيام عيد الأضحى، حيث يرتدي الشباب جلود الأغنام والماعز بعد تنظيفها وتجفيفها ويضعون أقنعة على وجوههم لخلق جو من الاحتفالية والكرنفالية ايام العيد السعيد للترويج عن النفس وخلق جو من المتعة وسط الأطفال والشباب. وهو يحمل بعدا تضامنيا حيث يجمع الشباب الذين يشاركون في هذه الاحتفالات تبرعات من الأهالي، تشمل نقوداً وبيضاً وسمنًا ولحوم الأضاحي، يتم توزيعها فيما بعد على الأسر المعوزة ومساعي إنسانية أخرى.

على هذا الأساس فهو حدث بجذور أنتروبولوجية تستحضر سنة الأضحى وما تحمله من دلالات عن التضحية، ويوم النحر والعيد الكبير وعيد الحجاج.

ما خلق ربما بعض ردود الفعل السلبية هي بعض التفسيرات التي ترجع اصل هذا التراث إلى تقديس الحيوان، وهو طرح غير مقنع. بحيث إذا سلمنا به سنكون في تناقض كبير مع ذواتنا. كون ملابسنا اليوم جلها مصنوعة من الصوف والجلد، فالغريب أن أصحاب الفتاوي الجاهزة لا يرون مانعا في لباس “جاكيتات” من الجلد الرفيع وبأسعار خيالية!

في هذا الإطار وجب التذكير يالمقابل إن هذا الطقس الأصيل يحتاج إلى حمايته من بعض السلوكات المشينة حتى لا يفقد جوهره الثقافي والتضامني ودلالاته الرمزية والنبيلة، من قبيل التحايل وإجبار المارة على المساهمة تحت التهديد.

وطبعا ثرات من هذا الحجم وجب ضمان التنظيم اللائق به. وخلق جمعيات تعنى بالتعريف باهدافه ومراميه. والسهر على التقيد بمقاصده وأهدافه.

من جهة أخرى، وتفاعلا مع أطروحات النحريم والتجريم لمثل هذه المبادرات الثقافية الراسخة في الثراث الامازيغي الأصيل، نؤكد من منطلق مرجعيتنا الفكرية اننا دوما ضد الفكر النمطي المغلق من أي جهة كانت، كما نحن ضد المنظور الجنائزي الضيق لمختلف القيم المغربية المتأصلة بعمقها الانساني والحضاري والتاريخي.

فما علاقة منطق الحلال والحرام باحتفال “بيلماون”؟ خاصة انه ينظم في مجتمعات لها ارتباط عميق بالقيم الدينية السمحاء والدليل هو ربط هذا الإحتفال بعيد الأضحى الأبرك!

خلاصة القول أننا نعتبر أن الإشكال اليوم ليس مختزلا في طقس ثقافي من قبيل بوجلود أو بيلماون، بل هو أكبر من ذلك بكثير، إنه إشكال القدرة عن بناء الحوار الهادئ والبناء والعجز البين عن استيعاب الفلسفة الدستورية الجديدة التي أسست لمغرب المصالحة مع تاريخه، مغرب يحتضن كل اللغات والثقافات في إطار مبدأ الوحدة في التنوع، مغرب دستوري جديد وأصيل أحدث تحولا جدريا في الوعي الهوياتي بالذات ورسخ الحاجة إلى سياسة لغوية وثقافية وطنية قادرة على نقل المغرب الشعبي إلى المغرب الرسمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News