محامون متخوفون من تشتيت نصوص قانون المسطرة المدنية وتقزيم أدوار الدفاع

في ندوة لمناقشة مستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية، رفضت الفعاليات والهيئات الحقوقية بمدينة الدار البيضاء تشتيت مقتضيات مشروع قانون 23.03 المتعلق بالمسطرة المدنية، للنصوص والمحاكم، بالإضافة إلى رفض تقزيم دور المحامي والمس بحقوق المتقاضين.
محمد الشهبي، النقيب السابق بهيئة المحامين الدار البيضاء، قال خلال ندوة نظمتها الجمعية المغربية للقضاة بشراكة مع هيئة المحامين بالدار البيضاء، أن مشروع قانون المسطرة المدنية المعروض حاليا على البرلمان تضمن مقتضيات ستساهم في تشتيت المحاكم والمساطر.
وأوضح في مداخلة له، مساء اليوم الجمعة 7 يونيو الجاري، أن ‘‘لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب عقدت ندوة في موضوع مشروع قانون المسطرة المدنية المعروض عليها حاليا، ووعدونا بعد أن استمعوا للعروض والمقترحات المقدمة، بالتريث’’.
وورد في الفقرة الثالثة حسب النقيب أن ‘‘هذا القانون يعتمد من جهة أولى على تجميع شتات المساطر التجارية والمدنية والإدارية’’، موضحا في هذا السياق، أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي لم يستشر مع المحامين، ولا القضاة ولا الممارسين.
رفض فكرة “التوحيد”
ورفض النقيب السابق أن يكون تجميع نصوص المسطرة المدنية المنظمة والمطبقة أمام المحاكم التجارية، والمدنية والإدارية، موضحا أن هذه المحاكم منذ تأسيسها بالمغرب وهي تسعى لتطبيق نصوصها في احترام تام لنصوص المسطرة المدنية المحالة أمامها دون أي إشكال يقتضي التوحيد.
وأشار المحامي إلى أن هذه المقتضيات الجديدة لم تكن في صيغة مشروع قانون المسطرة المدنية لسنة 2014، وإنما تعد تعديلات وملاحظات حديثة وضعت في عهد وزير العدل الجديد عبد اللطيف وهبي.
وشدد أن خطاب الملك محمد السادس سنة 2010 وردت فيه فكرة إحداث ميثاق وطني لإصلاح العدالة، أما خطاب 8 ماي لسنة 2013 تم فيه تنصيب الهيئة العليا لإصلاح العدالة، وكانت الغاية من هذه الخطابات حسبه وضع خارطة طريق ملزمة للجميع.
ولم يرِد في ميثاق إصلاح العدالة حسب النقيب السابق عن هيئة المحامين بالدار البيضاء أية مقتضيات تنص على وجوب توحيد المساطر أمام المحاكم الإدارية أو التجارية أو المدنية، مضيفا أن الإشكالية الحقيقية هنا تتعلق في إمكانية إبقاء مصير العدالة والمحاكم والمساطر رهين بوزير العدل الحالي.
واسترسل النقيب مفصلا إشكالية توحيد وتجميع المساطر في مسطرة واحدة، أنه عند قراءة هذه المساطر سيتم خلق اضطراب كبير، مجددا قوله أن الكارثة التي ستنتتج عن مشروع المسطرة المدنية هي توحيد المسطرة أمام هذه المحاكم.
هذا التوحيد الذي يعد مستجدا في مشروع المسطرة المدنية المعروض أمام البرلمان، يعتبره المحامي تشتيتا حقيقيا للنصوص كما المساطر.
وأكد المحامي ذاته، أن المحاكم الإدارية والتجارية مكسب من المكاسب الكبيرة التي تستدعي دعمها والحفاظ عليها، وليس العمل على تفتيتها والمساهمة في شتاتها.
وانتقل النقيب السابق لهيئة المحامين بالدار البيضاء، إلى الحديث عن مشروع التنظيم القضائي الذي تضمّن بعض المقتضيات الخاطئة حسبه والمعارضة لتوصيات الهيئة العليا لإصلاح العدالة.
وخلص إلى أن عدد كبير من المحاكم التجارية حسب تقرير ندوة سابقة نظمت بطنجة في موضوع قضاء الأعمال ناقشت وضعية المحاكم التجارية، وجدت أن عدد كبير منها مثقل كاهله بالقضايا التي لا تستدعي قاض تجاري متخصص مثل الأوامر المبنية على طلب، وقضايا الكراء التجاري والأوراق التجارية.
هل نحتاج إلى التعديل؟
تساءل المحامي بهيئة الدار البيضاء، بوشعيب زلواش، في حديثه حول مشروع قانون المسطرة المدنية حول ‘‘هل نحتاج فعلا إلى تعديل قانون المسطرة المدنية؟’’.
وأكد ضمن تصريح لجريدة “مدار 21” الإلكترونية، أن مشروع قانون المسطرة المدنية المعروض حاليا على البرلمان في إطار لجنة التشريع، “عديمة التشريع” حسبه، وصلت فيه اللجنة إلى قراءة أكثر من 300 فصل، دون إشراك أي جهة قضائية.
وتساءل زلواش بخصوص الوتيرة التي يسري بها مناقشة وقراءة هذا المشروع،‘‘ ما الجدوى من هذه الندوات المتتالية، إن لم يتم إشراك الهيئات القضائية من قضاة ومحامون وخبراء ومفوضين ومساعدين القضائين.
وأبرز المتحدث ذاته، أن قانون المسطرة المدنية لا يحتاج إلى تعديل وإنما إلى تحيين يتناسب والرقمنة والتطور التكنولوجي، بالإضافة إلى تماشييه مع المستجدات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.
وخلص المحامي إلى أنه ‘‘من الجيد أن نجد تحركات رجال القضاء لقراءة ومناقشة سلبيات وإيجابيات هذا المشروع ومقارنته مع القوانين السابقة’’.
تقزيم لأدوار المحامي
بدوره اعتبر خالد هلال، محامي بهيئة الدار البيضاء، أن مشروع قانون 23.03 المتعلق بالمسطرة المدنية أجهز على مجموعة من اختصاصات المحامون الذين لم يتم إشراكهم في مناقشة مضامين هذا المشروع ووضع آليالت له، إضافة إلى القضاة المتخصصون على مستوى المحاكم التجارية والإدارية.
وأكد ضمن تصريح لجريدة “مدار 21” الإلكترونية، أن هذا المشروع يتضمن العديد من المقتضيات القانونية التي تتعلق بتقصير آجالات النقض والاستئناف، والتي تشكل جلها حسب هلال مساسا بحقوق المتقاضين وتقزيما لأدوار المحامي.
وسجل المتحدث ذاته أن جل المداخلات العلمية كانت ضد مشروع قانون المسطرة المدنية، الذي يستدعي إعادة النظر فيه، نظرا لتعلقه بالمحاكمة العادلة والتقاضي العدل وكذا حقوق المتقاضين.
وأوضح المحامي، أن مشروع قانون المسطرة المدنية المحال على البرلمان حاليا، يعتبِر المتقاضي سيئ النية، ويُعرضه لأداء غرامات مالية رغم تتقاضيه بحسن نية.
وطالب المحامي بإعادة النظر في المشروع دفاعا على حقوق المتقاضين التي سيتم المساس بها في العديد من الجوانب منها مسائل الخبرة والتقاضي.
كما طالب بضرورة تدخل المشرع المغربي من أجل إعادة النظر في هذا المشروع، ‘‘كي لا نكون مستقبلا أمام قانون يخالف المقتضيات الدستورية’’ يضيف هلال.
وناقش العديد من الأكاديميون والمحامون مستجدات مشروع قانون 20.03 المتعلق بالمسطرة المدنية بإيجابياته وسلبياته، كما حضر هذا اللقاء كل من نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء، ذ محمد حيسي، ورئيس الجمعية المغربية للقضاة، ذ.زهير مطروكي، و ذ.محمد الشهبي،المحامي والنقيب السابق لهيئة المحامين بالدار البيضاء، بالإضافة إلى ذ محمد بن يعيش، رئيس هيئة لدى محكمة النقض، وآخرون.