مجتمع

حريق فاس يحيي جدل “ظروف التشغيل” ويستدعي رفع التهميش الاقتصادي

حريق فاس يحيي جدل “ظروف التشغيل” ويستدعي رفع التهميش الاقتصادي

أعاد حريق “قيسارية الدباغ” بمنطقة باب الفتوح بالمدينة العتيقة لفاس، الذي اندلع الأربعاء، وخلف 5 وفيات و37 مصابا، إلى الأذهان السيناريوهات القاتمة التي يخلفها عدم احترام ظروف التشغيل وانتشار معامل سرية ووحدات تصنيع تشتغل خارج الضوابط القانونية، إضافة إلى تنبيهه “للتهميش الاقتصادي” الذي تعيش على وقعه العاصمة العلمية، التي يلجأ كثير من أبنائها إلى الاشتغال في ظروف غير ملائمة، تفاديا لخيار الرحيل عن المدينة صوب وجهات أخرى.

وبعد فاجعة فيضانات طنجة التي أغرقت معملا سريا وأفضت إلى إزهاق أرواح 24 شخصا أغلبهم نساء، جاء “حريق فاس” لينبه إلى الأوضاع الهشة التي تطبع اشتغال كثير من المغاربة خارج ظروف السلامة، مما سبب خسائر بشرية ومادية جسيمة إثر احتراق أزيد من 25 محلا بقيسارية متخصصة في تجارة الملابس الجاهزة والخياطة وتخزين البضائع، كما يدق ناقوس التنبيه إلى ما تعيشه مدينة فاس من نقص كبير على مستوى الفرص الاقتصادية.

وفي هذا الصدد، كشف عثمان زويرش، الكاتب الإقليمي للحزب الاشتراكي الموحد بفاس أنه إلى جانب الأسباب المباشرة لحريق “قيسارية الدباغ”، هناك أخرى غير مباشرة “تشمل نقص الوعي بمتطلبات السلامة، وعدم تطبيق المعايير اللازمة في الأماكن العامة والأسواق”، منبها أيضا إلى “ظروف العمل غير اللائقة وعدم توفير معدات السلامة المناسبة”، الأمر الذي يمكن أن يسهم بشكل كبير في تفاقم مثل هذه الكوارث.

ولتفادي مثل هذه الحوادث بالمدينة، دعا زويرش، إلى ضرورة أن “فرض رقابة صارمة من قبل السلطات المحلية لضمان توفر شروط السلامة في كل المؤسسات التجارية والصناعية.”

من جهة أخرى، اعتبر المتحدث نفسه أن انتشار المعامل السرية يشكل خطراً كبيراً على الساكنة وحقوق العمال، لأن الاشتغال بها “غالبا ما يتم في ظروف غير آمنة وبدون رقابة صحية أو بيئية”، مفيدا أن “هذا النوع من النشاط يساهم في تعزيز الاقتصاد غير الرسمي، مما يحرم العمال من حقوقهم الأساسية مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، ويعزز بيئة عمل غير آمنة وغير مستدامة”.

وشدد الكاتب الإقليمي للاشتراكي الموحد بفاس أنه “بينما قد يبدو ذلك فرصة اقتصادية على المدى القصير، إلا أنه على المدى الطويل يضر بالاقتصاد المحلي والاستقرار الاجتماعي”.

وأكد المتحدث أن التهميش الاقتصادي يلعب دوراً كبيراً في انتشار المعامل السرية وظروف الاشتغال غير المناسبة، لافتا إلى أنه “عندما يكون هناك نقص في فرص العمل الرسمية والاقتصادية، يلجأ الناس إلى الحلول البديلة، حتى وإن كانت غير آمنة وغير قانونية، لتأمين معيشتهم”.

هذا الأمر يستدعي، حسب زويرش، أن يكون هناك تركيز على تطوير الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل كريمة ومستدامة لدمج الجميع في الاقتصاد الرسمي”، مطالبا بضرورة “تحسين وتفعيل الرقابة على شروط السلامة في جميع الأماكن العامة والمؤسسات التجارية”.

وطالب بضرورة “زيادة الوعي بأهمية السلامة وطرق الوقاية من الحرائق بين أصحاب الأعمال والعاملين، مع تقديم الدعم اللازم لتحديث البنية التحتية للأسواق والمراكز التجارية، وتوفير بدائل اقتصادية للمعامل السرية من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وخلق فرص عمل جديدة”.

هذا ولفت زويرش إلى ضرورة “تعزيز التعاون بين السلطات المحلية والمجتمع المدني لتحقيق بيئة عمل آمنة ومستدامة”، مع “تشجيع الاستثمار في المدينة لتوفير فرص عمل رسمية ومستقرة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News