وسيط المملكة: صمت الإدارة وعدم تنفيذها الأحكام يرفع استياء المواطنين

أفاد محمد بنعليلو، وسيط المملكة، اليوم الأربعاء، أن صمت الإدارة وعدم جوابها عن التظلمات يرفع الاستياء ويؤثر على الثقة، مشيرا إلى عدم تنفيذ الإدارة للأحكام القضائية.

وكشف بنعليلو، أمام أعضاء لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، خلال تقديمه الملخص التركيبي للتقرير السنوي لمؤسسة الوسيط لسنة 2021، بأن التقرير جاء في سياق مطبوع بالخصوصية “لأنه التقرير الوحيد الذي وثق لمرحلتين حكومتين، خاصة وأن تعديل الحكومة لم يقتصر على توزيع الحقائب الوزارية بل تعداه إلى إعادة تشكيلة قطاعات وزارية، مما جعل تقرير هذه السنة مختلفا”.

وخلص التقرير، وفق بنعليلو، لإبراز التقدم الحاصل في انخراط الإدارة في فلسفة الوساطة المؤسساتية، مفيدا أن “هناك علاقة جيدة بين المؤسسة والإدارة ولا أقول بين هذه الأخيرة والمواطن”، مضيفا أنه تم تسوية 1176 ملفا بالتواصل مع الإدارة، مشيرا أيضا إلى 228 توصية للمؤسسة تم تنفيذها ما يعني 120 في المئة مقارنة بسنة 2021 التي صدرت بها التوصيات، إضافة إلى 340 جلسة بحث.

وتأسف وسيط المملكة لتسجيل المؤسسة عدم انسيابية تجاوب الإدارة، لأن وتيرة العلاقة بين الإدارة والمؤسسة ما تزال تختل عند كل تغيير في قيادات القطاعات المعنية، ذلك أنه إذا تغير المخاطب تأثرت العلاقة.

ولفت الوسيط “نسعى لمأسسة العلاقة بين المؤسسة والإدارة وليس بين المؤسسة والقائم على الإدارة. وهذا فرق جوهري ومحدد”.

وأكد أن التقرير مناسبة لتكرار الدعوى لبذل مزيد من الجهد لمأسسة هذه العلاقة بين الإدارة والمؤسسة، مضيفا أن هذه هي الوسيلة الوحيدة إذا أردنا مواكبة التغيير المنشود في النموذج الارتفاقي، لأن المغاربة لم يعودوا يقبلون بالنموذج الارتفاقي التقليدي لأنهم يعيشون زمن الهاشتاج، وبالتالي يجب تغييره وإعادة النظر في آليات العلاقة بين الإدارة والمواطن.

وتابع بأن تقرير 2021 ركز على بعض الممارسات التي عبّر المواطن على الإنزعاج منها، والتي اعتبرتها المؤسسة مسا بالحقوق الارتفاقية المشروعة، مشيرا إلى أن الإدارة تعاملت معها “بالتجاهل وعدم الجواب والاكتفاء بالسكوت الذي لا يعلن موقفا ولا يمنع ولا يمنح حقا”.

وشدد وسيط المملكة على أن “الإدارة لا يجب أن تصمت بل أن تجيب بالإيجاب كما بالنفي، مع تعليل القرار الإداري، موضحا أن السكوت يؤدي إلى ازدياد درجة الاستياء عند المواطن.

وتابع “صحيح قد يكون المواطن غير محق، لكن الفراغ الذي يتركه الصمت يؤدي إلى الاستياء ويؤثر على جدوى عدد من البرامج والسياسات والمبادرات المعلنة والمتبعة، ذلك أن هناك مجموعة من البرامج لكنها تتأثر من خلال هذا الصمت الذي جعل التوتر يطفو إلى الوجود”.

وأبرز بنعليلو أن التقرير مناسبة أيضا لتوجيه الدعوى للقطاعات الإدارية المعنية، لإيلاء مزيد من العناية لسياسة القرب من المواطنين والإنصات الجيد للمرتفقين والتجاوب مع اهتماماتهم وتكييف الخدمات بحسب انتظاراتهم، مؤكدا أن هذه ممارسات صعبة لكنها غير مستحيلة.

وأوضح أن مكونات أساسية لتقوية الثقة، وليس إعادتها، لأن الثقة مفتاح أساسي، كما يجب رأب الصدع بين الإدراة والمواطن، والفارق الذي سببته ترسبات قديمة ولكن بأثار جديدة ومتجددة، موضحا أنه رغم أن المغرب تغير وتطور ما زلنا نسمع خطابا تقليديا لدى الجميع عن الإدارة.

وأشار إلى عدم تنفيذ الأحكام الصادرة في حق الإدارة، وهذا الموضوع يخلف ردود أفعال، لأن الإدارة المفترض أن تجسد سيادة القانون وأن الأحكام ملزمة للجميع ولا تفرق بين الأشخاص والإدارة، موردا أن الأمن القضائي يؤثر على القرار الاستثماري، ولا يجب أن نذهب إلى القضاء ونصدر أحكاما تبقى على الرفوف.

وأوضح أن 210 من التظلمات همت عدم تنفيذ الأحكام، ما يشكل 6 في المئة من التظلمات، وهو ما يعني زيادة 22.81 في المئة، مفيدا أن الجماعات والمجالس المنتخبة على رأس الجهات التي لا تنفذ الأحكام، ثم قطاع الاقتصاد والمالية، وقطاع التجهيز والنقل.

وأردف بنعليلو بتقديم ملاحظة أساسية مفادها أن الحكومة يجب أن تشتغل على التوصيات غير المنفذة من تقرير 2021، والتي بلغت 132 توصية تهم عدم تنفيذ الأحكام المتراكمة، موضحا أن ذلك يشكل 15.87 في المئة من التوصيات غير المنفذة.

ونبه وسيط المملكة إلى أن الآثار التي يخلفها عدم تنفيذ الأحكام لا تقاس بالمنطق العددي، وهو أمر ليس عبثيا بل مبدئيا، مفيدا أن الإدارة ينبغي أن تستوعب حجم هذا الموضوع وأن تستحضر سياق معاناة مواطن استنفذ كل الإجراءات في التقاضي وصولا لتوصية الوسيط، ثم لا يتم تنفيذها.

ودعا وسيط المملكة إلى بذل المجهود للحد من هذه الإشكالية وتعزيز سيادة القانون ومستوى النضج الديمقراطي ببلادنا وعلاقته بتنفيذ الأحكام.