فن

الجوهري: “العبد” يخاطب ضمائر وفكر المغاربة وأنتصر في أفلامي للتراث

الجوهري: “العبد” يخاطب ضمائر وفكر المغاربة وأنتصر في أفلامي للتراث

قال المخرج عبد الإله الجوهري إنه يفضل الاشتغال في أفلامه على مواضيع فكرية محترمة ومستنبطة من الواقع المغربي، كونه يستهدف الجمهور المغربي ويهدف لتمثيل الثقافة المغربية، سيما أن أفلامه في غالبها تنتج بأموال الدعم، مما يحتم عليه صناعة أعمال تبقى في التاريخ، وتوثق للتراث والثقافة والتاريخ والكرامة المغربية.

وأضاف الجوهري، الذي يعرض حاليا فيلم “العبد” في القاعات السينمائية ويعالج فيه قضية اجتماعية فكرية، في تصريح لجريدة “مدار21” قائلا: “كفانا من صناعة أفلام تُرضي الآخر سواء فنيا أو تقنيا، وحان الوقت لنراهن على ثقافتنا وأن نعالج قضايا تهمنا بشكل راق من خلال مواضيع فكرية وفلسفية، لذلك أنتصر دائما في أعمالي للوفاء لقيم البلد وثقافته ومجده”.

وعما إذا كان يخشى عدم استيعاب الجمهور للأفكار التي يطرحها فيلمه “العبد”، قال الجوهري إنه “يجب على كل مخرج حينما يصنع فيلمه ألا يفكر في الجمهور أو النقاد أو المهرجانات بقدر ما يجب أن يكون وفيا لقناعاته، وأن تكون هذه القناعات وفية للتربة التي نشأ فيها، إذ بالنسبة لي أشتغل على قضايا معنية ولا أهتم بقابلية الإعجاب بها من عدمها، بقدر ما يهمني أن أكون وفيا لثقافتي وتاريخي ورؤيتي الفنية، وأي مخرج يكون وفيا لهذه الأمور سينجح عمله داخل وطنه أو خارجه”.

وتابع في السياق ذاته: “صحيح أنني لا أملك تلك القاعدة الجماهيرية التي يمتلكها بعض المخرجين الذين يشتغلون على قضايا شعبية تجارية، ولكن على الأقل أحظى باحترام الجمهور والنقاد والصحافيين، وسعيد اليوم أن الجمهور حينما يغادر القاعات السينمائية بعد مشاهدته لفيلم العبد يعبر عن امتنانه لاحترام ذوقه الذي يخاطب ضميره ويخاطب الخلفية الفكرية لوطنه وفق ما أفصحت لي عنه المسؤولة عن توزيع الأفلام بالقاعات، لذلك أعتقد أن هذا يعد أكبر مكافأة في اللحظة التي ينتقد فيها الجمهور بشكل عنيف أفلاما أخرى لا تستهدف ذكاءه بقدر ما تستهدف جيبه”.

وبخصوص خصوصية فيلمه “العبد”، لفت إلى أنه “اشتغل فيه على موضوع يتناول قضية فكرية، وهي ثنائية الحرية والعبودية، وهي فكرة لم يتم تناولها لا في السينما المغربية ولا في السينما الدولية، وقد صنعته بكثير من الحب والتدقيق في اختيار فضاء التصوير والممثلين الذين قدموا الأدور، لأن نجاح أي فيلم لا يرتبط فقط بالإخراج والسيناريو، لكن أيضا باختيار الفضاءات التي ستصور فيها، واختيار الممثلين الذين سيؤدون شخصيات الفيلم، إذ إن كل هذه العوامل جعلت من فيلم العبد فيلما يتميز ويراهن على العين ولا يقطع صلته بالأذن ويرضي النقاد والمختصين ويثير اهتمام الجمهور الواسع كذلك”.

وأكد أنه لم يكن يتوقع نجاح الفيلم جماهيريا خاصة وأنه فيلم يشتغل على موضوع فكري يتطلب من المشاهد المعرفة والكثير من المرجعيات الثقافية، معتبرا أن “نجاح الفيلم نتيجة طبيعية لكونه صنع بكثير من الحب والدقة وكان وفيا لثقافتنا المغربية، لأن الفيلم حينما يكون أصيلا يحقق النجاح داخل بلده وخارجه وهذا ما وقع مع فيلم العبد، الذي حقق نجاحات في مهرجانات دولية عديدة ولا زال يتجول فيها، والآن يحقق نجاحا داخل المغرب مع الجمهور المغربي”.

واسترسل قائلا: “أتمنى أن تحقق أفلامي الأخرى نفس النتائج بنفس الروح والعزيمة، وأن تكون أفلاما وفية للوطن ووفية لقضيانا ووفية للإرادة الملكية التي تسعى إلى أن يكون المغرب دائما في المقدمة”.

وعن كواليس الاشتغال على فيلم “العبد”، كشف الجوهري في حديثه للجريدة أنها تتلخص بالأساس في الأماكن التي صور فيها بمدينتي فجيج ووجدة، عادّا أن هذه الفضاءات أعطت قوة للفليم، لأن أغلب الأفلام تصور في مناطق معروفة في الدار البيضاء والرباط ومراكش أو ورزازات.

وأضاف: “فجيج منطقة جميلة، أعتبرها بمثابة استوديو مفتوح، وساكنتها كانت متعاونة جدا، إلى جانب غنى التراث بها، هي عوامل ساهمت في نجاح الفليم، وجعلته يتحقق بأقل جهد وبإمكانيات عادية، ويعطي نتائج مبهرة”.

وأشار الجوهري إلى أنه حينما بدأ التصوير “تفاجأ” برفض بطل العمل سعد موفق الاستمرار فيه لاعتراضه على الطرح الديني في الفيلم، وعدم تمكنه من أن يتوحد مع الشخصية، لأن الحوار كان حوارا فكريا فيه الكثير مما يسمى بـ”الخرطقة الدينية”، مردفا: “لذلك احتجت الوقت لإقناعه بأنه على الممثل أن يؤدي كل الأدوار، وقد يكون في هذا الفيلم مؤمنا وفي فيلم آخر كافر، وقد لمس الجمهور نتيجة الإقناع، إذ نال سعد العديد من الجوائز الوطنية والدولية”.

ويسافر فيلم “العبد” بالمشاهد في رحلة مدتها 100 دقيقة، تغوص في عالم شاب يُدعى “إبراهيم” يدفعه الشعور بـ”عدم الرضا” إلى البحث عن العبودية في قالب فلسفي يعكس “سلب الحرية” و”القمع” و”الخضوع للغير”، وذلك في إطار المنافسة الرسمية للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة.

ويرصد فيلم “العبد”، تخبط إبراهيم بين الحرية والعبودية في آن واحد، بحثا عن الخلاص من الشعور بعدم الرضا والطمأنينة، في إشارة إلى أن الإنسان المعاصر ليس حرا كما يعتقد، إنما تحكمه مجموعة من الضوابط والقواعد والقوانين التي تسلبه حريته أمام مجموعة من الالتزامات المفروضة عليه بشكل يومي سواء في العمل أو الشارع أو في علاقته مع لآخر.

الشعور بـ”القيود” وعدم التمتع بـ”الحرية” سيدفع إبراهيم إلى عرض نفسه للبيع، والمطالبة باشتغاله عبدا لدى الغير في سوق شعبي، وسط استغراب المارة.

ويعيش إبراهيم بين الحاضر الذي تغيب فيه الطمأنينة والاستقرار، والماضي الذي ظل عالقا في ذاكرته، ويسحبه إلى مشاهد “القمع” و”كبح حريته” في طفولته من قبل والدته.

ويظهر الفيلم أن إبراهيم يلجأ إلى رجل أعمال من الطبقة الغنية، ليصبح عبدا لديه، ظنا منه أن خضوعه له سيشعره بالطمأنينة، بعدما قطع علاقته مع الله وفقد إيمانه، وفق تصور الفيلم.

ويصُور الفيلم مشاهد “العبودية” في عصرنا الحالي، عبر مجموعة من العمال الخاضعين لرب العمل الذي يتحكم في مصيرهم، بسبب التزاماتهم وقروضهم البنكية.

ويحمل الفيلم رسالة في نهايته تشير إلى أن الحب والخير هما مصدرا السلام والحرية والطمأنينة، من خلال مشهد يوثق “وقوع إبراهيم في حب ابنة رجل الأعمال (بنعمر) واقتناعه بأن حبه لها أعاده إلى الحياة من جديد ومنحه الحرية التي ظل يبحث عنها لسنوات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News