صحة

“الترمضينة”..خبير يبرئ الشهر الفضيل ويُحذر من مخاطر إجهاد الدماغ

“الترمضينة”..خبير يبرئ الشهر الفضيل ويُحذر من مخاطر إجهاد الدماغ

بالرغم من أن الصيام في شهر رمضان المبارك يتميز بالعديد من المزايا التي تساعد الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق والأرق، وتساهم في إيصالهم إلى حالة من الهدوء، إلا أن ازدياد معدل الإصابات، والقضايا الجنائية الناجمة عن المشاجرات في شهر رمضان، وخصوصاً في الأيام الأولى من الشهر الفضيل، يثير كثيرا من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء عصبية الصائمين، وكيفية التغلب عليها.

ياسين إيشو، طبيب وباحث في العلوم العصبية والسلوك البيولوجي وجراحة الدماغ الوظيفي بجامعة “باريس ساكلي”، أكد أن الصيام يؤدي إلى تغيرات مهمة في الجسم تؤثر على النظام العصبي، وأضاف أن هذه التغيرات تشمل انخفاض مستويات السكر في الدم، ما يسبب توتراً ميتابوليكياً يإمكانه أن يؤدي إلى سرعة الإنفعال والغضب.

وأوضح  الدكتور إيشو في تصريح لجريدة “مدار 21” الإلكترونية، أن العصبية خلال رمضان تتضمن مجموعة من التغيرات في نظام الأكل والشرب ونقص النوم والتوتر المرتبط بالحياة اليومية، مؤكدا أن الغضب والانفعال يمكن أن يؤثرا سلباً على الأعصاب، مما يتسبب في زيادة في التوتر والقلق، وقد يؤديان إلى مشاكل صحية مزمنة إذا لم يتم التعامل معهما بشكل صحيح.

ولفت المصدر ذاته، بأنه من الناحية “النيوروبيولوجية”، يؤدي هذا الإجهاد “الميتابوليكي “إلى تفعيل مسارات الإجهاد في الدماغ، والتي يمكن أن تؤثر على المزاج والسلوك، مشيرا إلى أن الدماغ بإمكانه التكيف مع هذه التغيرات من خلال تعزيز النشاط العصبي في مناطق معينة، مثل القشرة الأمامية، التي تلعب دوراً في التحكم في الانفعالات واتخاذ القرارا.

و بخصوص الحديث عما قد يسبب التوتر والعصبية، وما يعرف في الشارع المغربي بـ”الترمضينة”، أوضح الخبير المغربي، أن نقص الطاقة يمكن أن يؤدي إلى زيادة في نشاط اللوزة الدماغية أثناء الصيام (الجزء من الدماغ المسؤول عن معالجة العواطف)، ما قد يسبب الشعور بالتوتر والعصبية. لافتا بأن ذلك يساعد الإطار الروحي والتأمل الذي يمارسه الكثيرون خلال رمضان في تعزيز نشاط القشرة الأمامية، التي تساعد على التحكم في هذه الاستجابات العاطفية وتعزز الشعور بالسكينة والتركيز.

ونبه ياسين إيشو، الطبيب والباحث في العلوم العصبية، إلى أن ما يتعلق بالقشرة الأمامية للدماغ، أو ما نسميه بالجهاز العصبي الأمامي،  تعتبر المركز الإدراكي الذي يدير القرارات المعقدة، (التخطيط، التفكير المنطقي، والسيطرة على الدوافع)، مسجلا  أن اضطراب عادات النوم في رمضان يمكنه أيضا أن يؤثر بشكل كبير على الصحة العقلية، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالإرهاق والتوتر.

وللغوص أكثر في هذه الخصوصيات، أكد طبيب الجهاز العصبي أن اللوزة الدماغية، أو “الأميغدالا”، تمثل الجزء الأكثر بدائية في دماغنا وتتعامل مع الاستجابات العاطفية والغرائزية مثل الخوف والغضب.

وكشف أنه خلال فترات الصيام، يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات السكر في الدم، أو الهبوط السكري، إلى تنشيط الجزء البدائي من دماغنا، ما يعرف بـ”النظام اللمفاوي”، ويشمل “الأميغدالا”، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الاستجابات الغريزية والعاطفية مثل الغضب والانفعال في الأساس،  مضيفا أن “هذا الهبوط في نسبة السكري ينشط الجانب “الحيواني” من طبيعتنا،  يجعل التحكم في الانفعالات والغضب أكثر صعوبة.

وأردف المتحدث ذاته، أن الدماغ مزود بآليات تساعد على التوازن والتحكم في هذه الاستجابات، بحيث أن القشرة الأمامية للدماغ، بقدرتها على التفكير المنطقي والتحكم في الدوافع، يمكن أن تساعد في تهدئة هذه الاستجابات العاطفية الشديدة التي تولدها “الأميغدالا”، النشاط الروحي والتأملي خلال رمضان، كالصلاة وقراءة القرآن، كما يمكن أن تعزز  حسبه وظائف القشرة الأمامية، مما يساعد في التغلب على التحديات النيوروبيولوجية التي يواجهها الصائمون.

وللتغلب على هذه التحديات، عدّد إيشو مجموعة من الحلول والنصائح التي تعود في مجملها إلى الحفاظ على نظام غذائي متوازن عند الإفطار والسحور، و تناول الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات المعقدة والبروتينات للحفاظ على مستويات الطاقة، بالإضافة إلى التأمل الذي يساعد على تقليل التوتر وتحسين التحكم في العواطف.

وذكر إيشو، أن ممارسة التمارين الخفيفة أثناء الصيام يساعد على تحسين المزاج والحد من الشعور بالتوتر،  بالإضافة إلى تنظيم أوقات النوم في رمضان، و تجنب الكافيين في الليل، وتحديد وقت ثابت للنوم والاستيقاظ، والحرص على الاسترخاء قبل النوم، مشددا على  ضرورة إظهار التعاطف والفهم عند التعامل مع شخص عصبي، في محاولة الاستماع إليهم دون الحكم أو التسرع في الرد، إلى جانب التحلي بالصبر وعدم الانجراف وراء الغضب.

وخلص ياسين إيشو، طبيب وباحث في العلوم العصبية، إلى أنه باتباع هذه الإرشادات وتطبيق نهج شامل للعناية بالجسم والروح، يمكننا الاستفادة القصوى من رمضان كفرصة للنمو الروحي والجسدي مع الحفاظ على صحتنا العقلية والنفسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News