سياسة

المدونة.. رحاب ترفض الترهيب ولي ذراع الدولة وتشرح مذكرة الاتحاديات

المدونة.. رحاب ترفض الترهيب ولي ذراع الدولة وتشرح مذكرة الاتحاديات

بعد الجدل الذي أثارته مذكرة النساء الاتحاديات وبعض القوى اليسارية بخصوص تعديلات مدونة الأسرة، وردود الفعل حولها خاصة من حزب العدالة والتنمية وأمينه العام عبد الإله ابن كيران، رفضت حنان رحاب، الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات، “الترهيب الفكري والسياسي” من طرف المحافظين، مؤكدة توافق التعديلات مع الاتفاقيات الدولية ومقاصد الشريعة الإسلامية.

وقالت رحاب، في تصريح توصلت به جريدة “مدار21″، إن مقاربة منظمة النساء الاتحاديات لقضايا النساء هي “مقاربة حقوقية بالأساس، تعتمد المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، وخاصة الاتفاقيات الدولية التي تعنى بحقوق المرأة”، مؤكدة أنها تتبنى “الرؤية التقاطعية التي لا تفصل حقوق وحريات النساء عن واجهات النضال الأخرى المرتبطة بالحريات العامة والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والمجالية”.

وانتقدت رحاب “خرجات بعض القوى المحافظة، والتي حاولت بناء استقطابات وهمية على قاعدة سؤال مغلوط “من الأكثر دفاعا عن الدين وهوية المغاربة؟”، وببث إشعاعات تساهم في التضليل”، معتبرة ذلك “نوعا من الترهيب الفكري والسياسي، ومحاولة للي ذراع الدولة، وتوهم دفعها لاختيارات لا تناسب تطور المجتمع المغربي”.

وذّكرت بأن مذكرة النساء الاتحاديات “زاوجت بين مرجعيتها الحقوقية الكونية، وبين الاجتهادات الفقهية المعاصرة المستمدة من مقاصد الشريعة وروح الإسلامي الوسطي المعتدل، المنفتح على إنجازات العقل باعتباره كسبا إنسانيا مشتركا، وهذه المزاوجة هي نفسها المعتمدة في الدستور المغربي الذي يعد أسمى وثيقة قانونية، وصوت عليه المغاربة بمختلف مرجعياتهم”.

وأوردت رحاب أمثلة من التعديلات التي ضمتها مذكرة النساء الاتحاديات، منها “تجريم تزويج القصر (إناثا وذكورا) لما فيه من ضرب لحقوق الطفل، وجعل الخبرة الجينية أساسا لإثبات النسب، تحقيقا لغاية حفظ النسب ولحق الطفل في إلحاقه بأبيه البيولوجي معا، وجعل الولاية على الأبناء بعد الطلاق حقا وواجبا مشتركا على كلا الوالدين، ومنع طرد الأم والأبناء من بيت الزوجية سواء بعد الطلاق أو بعد وفاة الأب، وإلغاء التعصيب في قضايا الإرث”.

واعتبرت الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات أن هذه القضايا “إذا وضعناها على مقياس مقاصد الشريعة الإسلامية سنجد أنها تحقق غايات العدل والإنصاف، وإذا وضعناها على ميزان المرجعية الحقوقية فإنها ستساهم لا محالة في التأسيس لمجتمع الحقوق والحريات”.

واسترسلت المتحدثة نفسها في السياق نفسها “غير أننا لا نفصل قضية المدونة على باقي القضايا، فمقاربتنا هي مقاربة تقاطعية، ولذلك فإننا نعتبر أن كل تقدم على مستوى المدونة، سيبقى ناقصا إذا لم تعضده سياسات وقوانين منصفة للنساء، وتساهم في التمكين الاقتصادي والسياسي لهن”.

وسجلت حنان رحاب أن “الفجوة لا زالت قائمة بين النساء والرجال في سوق الشغل”، مستحضرة معطيات تقرير المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، بخصوص معدل الأجور سواء في الوظيفة العمومية أو في القطاع الخاص الذي  “لا زال يميل لصالح الرجال”، واتساع الهوة على مستوى شغر الوظائف والمناصب العليا بشكل كبير، كما أن بعض القطاعات مثل الفلاحة تعرف نسبة أكبر للنساء في المهن الأكثر عرضة للخطر، أو المهن الشاقة، فيما بعض المهن لا يتم فيها تطبيق القانون، وغير خاضعة لأي مراقبة.

وتعتبر النساء، وفق رحاب، “الأكثر انتهاكا لحقوقهن فيها، من مثل “خادمات المنازل”، حيث لا يستفدن من حقهن في العطل، ولا يحصلن في أغلب الحالات على الحد الأدنى للأجور، ولا يتم التصريح بهن لدى مؤسسات الضمان الاجتماعي، كما يتعرضن لأشكال مختلفة من العنف والتحرش الجنسي”.

وتابعت بأن انتهاكات حقوق النساء تتعمق أكثر في المناطق الصعبة والمعزولة، وفي ضواحي المدن الكبرى، وفي البوادي “حيث تدفع النساء ثمن التهميش مضاعفا، إذ يعانين من صعوبة الولوج إلى الخدمات الصحية المتناسبة مع نوعهن الاجتماعي، ويكن أكثر عرضة للأمية أو للهدر المدرسي، ويزاولن أشغالا شاقة، وتتعمق أكثر أشكال اللامساواة في صفوفهن”.

ومن الشواهد على ذلك، تضيف رحاب، ما تعانيه النساء في المناطق التي تعرضت للزلزال، مسجلة أن “تغييب مقاربة النوع الاجتماعي في التدخلات.. أضر كثيرا بالنساء، وخاصة في احتياجاتهن الأساسية، كما أنه بسبب أن هذه المناطق تعرف ارتفاعا لظاهرة هجرة الرجال نحو المدن من أجل العمل، مما يجعل النساء هن المكلفات وحدهن بالقيام بشؤون الأسرة والأرض معا، فإن هذه المعاناة تعمقت بفعل تداعيات الزلزال، والتي زادت في الأعباء الملقاة على كاهلن”.

وأشارت إلى أن الجرائم والاعتداءات الجنسية لازالت تطال النساء، “بحيث ارتفعت التبليغات عن جرائم التحرش والتغرير بالقاصرات والاغتصاب والاتجار في البشر، والتي كما تعبر عن تقدم ولو طفيف في التوجه نحو القضاء، فإنها كذلك تبين أن القوانين والتدابير الحالية لا تساعد على الحد من الاعتداءات الجنسية على النساء، وخصوصا الجرائم الجنسية الإلكترونية”.

وأوردت أنه “ورغم أن مشاركة النساء في العمل السياسي قد عرفت تطورا في السنوات الأخيرة قياس إلى الوضع في المحيط الإقليمي، فإننا مع ذلك لازلنا نشهد أن أغلب المؤسسات الحزبية والجماعات الترابية ومكتبي مجلسي النواب والمستشارين واللجان البرلمانية، تعرف هيمنة للرجال في المستويات العليا لتدبيرها، مما يتنافى مع المبدأ الدستوري الداعي لإعمال المناصفة، كما لاحظنا أن الكثير من المستشارات الجماعيات يتعرضن لأشكال مختلفة من التضييق والإقصاء والعنف الرمزي”.

وخلصت رحاب إلى أن “بلادنا قد قطعت أشواطا مهمة على درب إنصاف النساء والنهوض بأوضاعهن، بسبب الفلسفة الملكية في الحكم والتي تنتصر للحقوق والحريات، وتؤمن أن لا تقدم بدون إنصاف النساء وبفضل نضالات الحركة النسائية من جهة أخرى، دون أن ننس التطورات الإيجابية في الوعي المجتمعي، إلا أن هذه المسيرة الإيجابية تعرف كذلك التعثر والبطء ومقاومات من جهات مختلفة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News