رياضة

خبراء يُفككون تنامي شغب الملاعب.. تصحّر ثقافي يُغذيه فراغ قانوني

خبراء يُفككون تنامي شغب الملاعب.. تصحّر ثقافي يُغذيه فراغ قانوني

انتشرت مساء أمس السبت العديد من الفيديوهات والصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، توثق لأعمال العنف و الشغب، على هامش المقابلة التي جمعت ما بين فريقي الرجاء البيضاوي والمغرب التطواني.ويأتي ذلك حسب مصادر أمنية بعد محاولة “محسوبون على جمهور الرجاء البيضاوي” الولوج بالقوة لمدرجات الملعب، بسبب تجاوز الطاقة الاستيعابية له، حيث عمدوا إلى ارتكاب أعمال شغب وعرضوا أمن المنشأة الرياضية والجمهور للخطر.

التدخلات الأمنية التي باشرتها مصالح ولاية أمن تطوان، أسفرت عن توقيف أربعة قاصرين، وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب أعمال العنف المرتبط بالشغب الرياضي وإلحاق خسائر مادية بممتلكات عمومية والعنف في حق موظفين عموميين أثناء أداء واجبهم.

وجرى إلقاء القبض على المشتبه فيهم بعد تورطهم في التخريب العمدي لمركبات تابعة للأمن الوطني، وقيام البعض منهم بالرشق بالحجارة مما تسبب في إصابة 20 عنصرا من القوات العمومية بجروح، علاوة على تورط مجموعة من بينهم في ارتكاب جرائم مختلفة كالتخدير وحيازة أسلحة بيضاء وأدوات راضة وعدم الامتثال.

وقال الخبير في علوم الرياضة، زكريا الحرش، إن ما نشاهده اليوم من عنف، تجاوز ملاعب كرة القدم وانتقل إلى الأحياء والمدن، يدفع المقاربة الأمنية إلى العمل على التطبيق الجيد للنصوص القانونية في مجموعة القانون الجنائي استنادا الى المحيط الذي تجري فيه هذه الأحداث واستنادا أيضا الى القانون 09-09 المتعلق بالشغب الجاري به العمل.

و عزا الخبير الرياضي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أسباب شغب الفصائل الرياضية، إلى التأثر بما يقع من أنشطة داخل المجموعات “الإلترات” خاصة وأن معظم المرتكبين لأعمال العنف هم بالأساس قاصرون.

وأوضح المهتم بالشأن الرياضي، أن الفراغ الثقافي والرياضي الذي يعاني منه عدد كبيرا من الشباب والقاصرين، عامل آخر لإحداث الشغب، منبها في نفس الوقت إلى خطورة تواجد عدد كبير من القاصرين الذين ليسوا بالضرورة أعضاء داخل المجموعات الرياضية.

ولفت إلى أن انعدام الأنشطة الرياضية بالمؤسسات التعليمية خاصة منها المدارس الابتدائية، تساهم هي الأخرى في تتأجيج مظاهر الشغب والعنف داخل وخارج الملاعب الرياضية.

وأوضح الخبير الرياضي، أن الأنشطة الرياضية بالمدارس الابتدائية، “تكاد تكون منعدمة، إذ بسبب هذه العدمية تتأجج مظاهر الشغب والعنف، دون إغفال الأسباب الأخرى الاقتصادية والأزمات المتتالية التي تثقل كاهل الأسر المغربية في تأدية أدوارها في التنشئة الاجتماعية السليمة، مشيرا إلى أن هذه المشاكل الاجتماعية المتمثلة في تعدد مظاهر العنف في المجتمع المغربي، تنضاف إلى ما هو رياضي وتنظيمي لتكون النتيجة هكذا.

وسجل الخبير الرياضي تعدد مظاهر العنف في المجتمع المغربي، بسبب تأثير المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تحول دون قيام الأسر بأدوارها في التنشئة الاجتماعية السليمة، مشيرا إلى أن هذه المشاكل الاجتماعية تنضاف إلى ما هو رياضي وتنظيمي وتطرح لنا النتيجة: “شعب الملاعب”.

وخلص إلى ضرورة تحديث النصوص القانونية المؤطرة لشغب الملاعب، بشكل يتماشى و التحولات التي تعرفها الأنشطة التشجيعية سواء داخل أو خارج الملعب.

من جانب آخر، أكد رشيد الحمداوي، دكتور في الحقوق، وعضو سابق لعصبة جهة الشرق لكرة القدم، على الفراغ الذي يعتري النصوص التشريعية المتعلقة بشغب الملاعب، موضحا أن تدخل القضاء في مجال عنف الملاعب يظل “ضيقا”، و”محدودا”خاصة عندما يتعلق الأمر بجناية، مقارنة مع النيابة العامة.

وأوضح في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن النيابة العامة تتدخل في محاولة التوسع في الصلاحيات المخولة لها في النشاط الرياضي، وذلك عبر إخلاء  سبيل الأشخاص الذين يقدمون لوكيل الملك خاصة منهم القاصرين والتلاميذ، مردفا: “متابعة هؤولاء القاصرين الذين يتراوح سنهم ما بين 12 و17 جنائيا يترتب عنه تبعات اجتماعية وكوارث أسرية”.

وتابع العضو السابق لعصبة الشرق لكرة القدم، أن القضاء يلجأ إلى تطبيق القواعد القانونية المتعلقة بالعنف منها قانون شغب الملاعب 09.00، معتبرا أنها جاءت لتتميم مقتضيات القانون الجنائي بالقانون المذكور، لمنح الاهتمام بالجرائم الرياضية والأفعال الناجمة عنها.

وسجل المتحدث ذاته في إطار حديثه عن العقوبات الجنائية في مجال كرة القدم، أن القانون يطبق بصفة عامة على الفعل الجرمي، ولا يهمه أين وقع، وكيف وقع، مشددا على  أن المواكبة القانونية والقضائية لعنف الملاعب عبر التشديد في العقوبات لن تمحي الشغب عن الوجود بصفة نهائية، نظرا لاستمراريته في صفوف الشباب خاصة في الآونة الأخيرة.

هذا، وعجل توالي حالات الشغب بالملاعب وخارجها، بمصادقة الحكومة على مشروع المرسوم رقم 2.23.155 الذي يتعلق بإحداث لجان محلية لمكافحة العنف بالملاعب الرياضية، قدمه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى.

هذا المشروع الذي يندرج في إطار تفعيل أحكام الفصل 19-308 من القانون رقم 09.09 المتعلق بتتميم مجموعة القانون الجنائي، الذي ينص على أن يعهد إلى السلطة الحكومية المكلفة بالرياضة والجامعات والأندية الرياضية واللجنة المحلية لمكافحة العنف بالملاعب الرياضية المحدثة بنص خاص والسلطات والقوات العمومية وضباط الشرطة القضائية-كل في ما يخصه- بتنفيذ المقررات الصادرة عن المحكمة بالمنع من حضور المباريات أو التظاهرات الرياضية.

وتأتي من بين أهدافه ضمان التنسيق بين مختلف الفاعلين في مجال مكافحة العنف بالملاعب الرياضية على المستوى الترابي؛ وتحديد تركيبة اللجنة المحلية لمكافحة العنف بالملاعب الرياضية، التي تضم الممثلين الإقليميين للسلطات الحكومية المعنية والجهات المتدخلة في عملية مكافحة العنف بالملاعب الرياضية؛ مع التنصيص على الاختصاصات المسندة للجنة المذكورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News