بيئة | سياسة

إشكالية الماء.. جفاف تواصلي لوزارة بركة لمواجهة أزمة العطش

إشكالية الماء.. جفاف تواصلي لوزارة بركة لمواجهة أزمة العطش

إذا كانت إشكالية الماء، ولوقت قريب تشكل هاجسا لدول بعينها، فإنها تحولت في الأعوام الأخيرة لهاجس جماعي لم تسلم منه دول المعمور قاطبة، وأضحت واحدة من بين أهم أولويات البرامج الحكومية، تكشف مستجداتها، تتواصل مع المواطنين حولها، بل تعتمد عليها لتتبث أنها كانت الأحق بتفضيل صناديق الاقتراع.

الحكومة المغربية أيضا ومنذ تنصيبها أكدت أن إشكالية الماء، التي تحظى بمتابعة وإشراف الملك محمد السادس بشكل شخصي، واحدة من أولويات برنامجها، بل بسطت تفاصيل طموحات وحلول ومشاريع تسعى فيها لمواجهة شح المياه بعد سنوات متعاقبة من الجفاف.

نزار بركة، وزير الماء في الحكومة المغربية، ورغم أن القطاع تتقاسمه معه وزارات أخرى، إلى أنه أضحى “المسؤول” الأول عن تدبير الأزمة، خاصة فيما يتعلق بالتواصل حولها، ونقل الرسالة للمواطنين، خاصة البسطاء منهم الذين لا يتقنون قراءة ما وراء سطور التقارير البرلمانية ولا بلاغات الوزارة التي تنطق بلغة الأرقام والمفردات الأكاديمية.

ورغم تأكيد من تواصلت معهم جريدة “مدار21” الإلكترونية، جدية بركة في التعامل مع إشكالية الماء، إلا أنهم أجمعوا أن نقطة ضعف الوزير “التواصل مع المغاربة”، وهو أمر وجب عليه تداركه لأن الأزمة التي يعيشها المغرب لن تواجه بإجراءات “على الورق” بل بمخاطبة وعي ساكنة هذه المملكة وإقناعهم بخطورة الوضع والانضمام لرحلة “ترشيد الاستهلاك” التي لا يعرف موعدا لنهايتها، بحسب الدراسات البيئية والمناخية.

القطع مع سياسة الطمأنة

بغية تقييم موضوعي لتواصل وزارة التجهيز والماء، فضلت سليمة بلمقدم، رئيسة حركة بيئة 2025، الاعتماد على مؤشرات وقياس أثرها، معتبرة أن حضور نزار بركة “ظاهر” في وسائل الإعلام، سواء المكتوبة أو المسموعة أو المقروءة طيلة هذه الفترة، لكن وحين بلغت حقينة السدود الحالية أقل من 23 في المئة و”سد المسيرة اللي نشف وتراوحت حقينتن ما بين 0.2 و0.3 في المائة “كان يجب على الوزير أن يخرج ويعلن حالة طوارئ”.

واستشهدت بلمقدم بخطة الحكومة الإسبانية لمواجهة الجفاف، حيث أعلنت حالة الطوارئ أولا، وذلك بهدف أن يفهم وعي المجتمع “وتدخل للدماغ”، بما فيها الشركات والجماعات الترابية وغيرها من المصالح، أن الوضع خطير، وذلك بحسبها لن يتم إلا بالتواصل والحملات التحسيسية الجادة، معتبرة أنه وبالرغم من مجهودات الوزارة “لكن عليها أن تفعل أكثر من ذلك، فالتواصل لا يجب أن يقتصر على خرجات إعلامية محدودة، بل يجب أن نرى حملة وطنية، والتي للأسف لا توجد لحد الساعة”.

وطالبت بلمقدم، والتي تعتبر واحدة من بين نشطاء البيئة الأكثر شهرة بالمملكة، بالقطع مع سياسية طمأنة المجتمع تجنبا “للصداع”، موضحة أن المغاربة يمكنهم وبعد تساقط الأمطار “أن يحمدوا الله ويعتبروا أن الأزمة انقضت و”يبردو”، ولا يمكننا أن نسمح بأن يكون هناك برود، لأن المغرب يواجه أزمة الجفاف منذ ست سنوات، ووجب علينا أن “نبقاو شاعلين الضوء الأحمر” طيلة السنوات المقبلة، حتى إن تساقطت الأمطار وارتفعت حقينة السدود”.

رئيسة حركة مغرب البيئة 2025، قالت إن الحكومة لديها سياسة توازي الاستراتيجية الوطنية للماء في أفق 2050، والتي تنبني أساسا على المشاريع الهيدروليكية الكبيرة (السدود، محطات التحلية ماء البحر)، مشددة  في المقابل وإلى جانب كل هذا، على ضرورة التركيز على محطات تطهير المياه العادمة، “وهو خيار أضحى إجباريا في جميع البلدان حيث تمكننا من السقي، ولو فقط المساحات الخضراء بالمجال الحضري، لأنها مهمة جدا للإنسان”.

وأشارت إلى أن محطات تطهير المياه العادمة بالبلاد، نصفها أو أغلبيتها لا تشتغل بشكل جيد، مسجلة أن التركيز على المشاريع الهيدروليكية الكبيرة له تكلفة باهظة على اقتصاد البلاد، مؤكدة أن الإجراءات يجب أن تستهدف حماية المصدر الرئيسي للماء عوض قرارات عاملية تركز على الحمامات وسقي الفضاءات الخضراء ومغاسل لسيارات، “لأن المشكل الذي نواجهه هو تجفيف الفرش المائية بسبب فلاحة مكثفة ومعظمها موجه للتصدير، وهذا ما يجب أن يتخذ في حقه إجراءات حاسمة أو يمكننا القول ثورة فلاحية”.

سياسات عمومية غير ملائمة

وتشير معطيات وزارة التجهيز والماء إلى أن المملكة سجلت عجزا في التساقطات المطرية خلال الموسم الزراعي الجاري بنسبة 70 في المئة مقارنة مع المعدل، كما تراجعت نسبة ملء السدود إلى 23.2 في المئة مقابل 31.5 بالمئة، بينما تراجعت حصة الفرد من الموارد المائية من 2560 متر مكعب سنويا في سنة 1960 إلى 620 متر مكعب في سنة 2020.

وبحسب شرفات أفيلال، الوزيرة المكلفة بالماء السابقة، الحكومة الحالية ولحد الساعة وخلال الأشهر الفارطة، تقوم بالواجب فيما يخص تدبير أزمة الماء، “ولا يمكننا أن نقول إنها لا تعي أو لا تستشعر خطورة المرحلة”، مسجلة أن وزارة نزار بركة تتوفر على برنامج جد مهم وأخرجت مشاريع في زمن قياسي “ولا يمكننا أن ننتقدها لممارسة المعارضة من أجل المعارضة”.

وأكدت أن التتبع والإشراف الشخصي من طرف الملك محمد السادس، من خلال الاجتماعات الدورية التي يعقدها مع الأطراف المعنية، يوضح جدية تعامل المغرب مع إشكالية الماء، مبرزة أن المواطن العادي حاليا أضحى يستشعر أيضا خطورة الأزمة “لأنه ست سنوات ماشافش الشتا والكل يدعو بالرحمة ويقول توحشنا الشتا”، وذلك نتيجة الحملات التواصلية التي تقوم بها عدة أطراف معنية “وبالتالي أصبح الوعي ينضج شيئا فشيئا”.

وحثّ الملك في أكثر من خطاب، الحكومة على التدبير الأمثل للموارد المائية في ظل الوضعية الحرجة التي يعيشها المغرب بسبب استمرار مواسم الجفاف، مؤكدا ضرورة التعامل بجدية ويقظة مع هذا المورد الحيوي الثمين، مشددا على عدم التساهل مع أي شكل من أشكال سوء الحكامة والتدبير والاستعمال الفوضوي واللامسؤول للماء، اعتبارا للإجهاد المائي الذي يعرفه المغرب منذ سنوات.

وطالبت شرفات أفيلال، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن تكون هذه الأزمة عبرة ودرسا من أجل إعادة النظر في بعض الاختيارات السياسات العمومية التي أصبحت غير ملائمة لهذا الإجهاد المائي الذي يعرفه المغرب.

محاولات تواصلية محتشمة لأزمة مخيفة

محمد ملال، رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، أكد أن فريق التقدم والاشتراكية يلاحظ منذ تولي الحكومة للمسؤولية “ضعف تواصلها”، مؤكدا في المقابل أن وزارة التجهيز والماء “من بين الوزارات التي تبذل مجهودات كبيرا، خاصة فيما يتعلق بالتواصل وعلاقتها مع البرلمان بشكل عام ومع اللجنة التي يرأسها بشكل خاص.

واسترسل ملال في تصريح لجريدة “مدار21″ الإلكترونية :”لم نصادف أي مشكل مع الوزير نزار بركة سواء في الحضور لاجتماعات اللجنة أو خلال تنظيم اليوم الدراسي حول الماء الذي تم تنظيمه سابقا، ولا شك أن الوزير يحاول”.

لكن وبحسب المتحدث ذاته، ونظرا لخطورة أزمة المياه في البلاد، والإشكالات المرتبطة بها، سواء تلك التي لها علاقة بوزارة بركة أو التي لها علاقة بقطاعات أخرى، لأن قطاع الماء ليس قطاعا خاصا بوزارة معينة بل قطاع أفقي تتداخل فيه مسؤوليات وزارة الفلاحة والداخلية والسياحة، “التواصل مع المواطنين مازال ضعيفا ولا يرقى للمستوى المطلوب”.

ونبه إلى أن التدبير التواصلي للأزمة المرتبطة بالماء “لا يمكننا أن نحسبه فقط على وزارة بركة، لكننا يمكن أن نؤكد أن المحاولات مازالت ضعيفة على المستوى الإعلامي أو على المستويات المحلية والإقليمية والجهوية، لأن هذا ليس موضوعا سهلا بل معقد، ووجب تدبير التواصل فيه بذكاء”.

وطالب بأن تكون كذلك إجراءات على مستوى التعليم والفلاحة، مشيرا إلى أن هناك بعض الإجراءات التي تم اتخاذها من طرف الحكومة الحالية من أجل منع بعض الزراعات المستنزفة “لكن وقعها لا زال لم يرق إلى مستوى الإكراه ولا لخطورة الوضع الذي نعيشه اليوم والمتبث بالأرقام”.

ووصف رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، تواصل الحكومة فيما يخص إشكالية الماء بـ”المتوسط جدا” وتواصل وزارة التجهيز سواء مع البرلمان أو خارج البرلمان بـ”المتوسط”، معتبرا أن المحاولات المبذولة فيما يتعلق بالتواصل مع المغاربة لحدود الساعة “غير كافية” خاصة أن التواصل مع المؤسسة التشريعية، سواء في الجلسات العامة أو داخل اللجان، تكون المواكبة الإعلامية لها محتشمة والوقت المخصص لها محدودا، وبالتالي لا تصل تفاصيلها للمواطنين.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. ليست هناك أية أزمة جفاف،هناك أزمة كذب وبهتان وتضليل للشعب لسرقة أمواله.لقد رأينا كيف فضحتهم موريتانيا برفع رسوم الصادرات المغربية فصارت خيرات الشعب في المتناول بعد أن اشتعلت اسعارها!!!!في على ذلك الماء والكهرباء و…و….كفى كذبا على الشعب المقهور المستضعف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News