سياسة

ضريف: وثيقة العدل والإحسان لم تأت بجديد والجماعة باتت تقبل بشروط السلطة

ضريف: وثيقة العدل والإحسان لم تأت بجديد والجماعة باتت تقبل بشروط السلطة

أكد محمد ضريف أستاذ القانون الدستوري، والمتخصص في الحركات الإسلامية، أن “الوثيقة السياسية” الجديدة التي قدمتها جماعة العدل والإحسان، “قد لا تكتسي أي أهمية، بالنظر إلى أن هذه الوثيقة تأتي بعد صدور العديد من الوثائق من قبيل ” حلف الإخاء” في سنة 2007 و”جميعا من أجل الخلاص” و”رسالة إلى من يهمه” الأمر إضافة إلى وثائق أخرى  الوثيقة.

وأعلنت جماعة العدل والإحسان الإسلامية، عن وثيقة رسمية أسمتها ب”الوثيقة السياسية”،والتي استعرضت من خلالها مجموعة من المحاور التي تهم قضايا الشأن السياسي والدستوري والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وكل المجالات.

وقال ضريف ضمن حلوله ضيفا على برنامج “مع يسوف بلهيسي” بث على منصات ” مدار 21″، إن هذه الوثيقة “لم تأت بشيء جديد من حيث التصور العام”، وأورد: “ربما تتضمن بعض التفاصيل التي لم ترق إلى برنامج انتخابي رغم كونها تشترك مع كل البرامج الانتخابية التي تعدها الأحزاب السياسية”، مضيفا أن الوثيقة  “تذكر بمواقف سابقة للجماعة ربما فُهمت خطأ أو أحيانا دُفِع بها بالجماعة إلى أن تُفهم مواقفها بشكل خاطئ”.

وأوضح الأمين العام لحزب الديمقراطيون الجدد، أنه فيما يتعلق بتبيان الموقف من الخلافة الذي تعتبره الجماعة اطارا استراتيجيا، كان الكل يعتقد بأنه يقصد بها إقامة دولة الخلافة بالمغرب، في حين عبد السلام يسين كان يتحدث دائما عن الخلافة باعتبارها تجميعا لإمارات قطرية لا تعني المغرب.

وأشار ضريف إلى أنه نبه ضمن كتابه الذي أصدره سنة 1995 تحت عنوان” جماعة العدل والإحسان قراءة في المسارات” إلى هاته المسألة، وقال: مع الأسف من دفع الآخرين إلى الاعتقاد بأن الجماعة تقصد بدولة الخلافة أنها مرتبطة بالمغرب هم قادة الجماعة نفسها”، مسجلا أن الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان لم تأت بأي مستجد وإنما تذكر فقط بالموقف الأصلي لعبد السلام ياسين

ولفت أستاذ القانون الدستوري، إلى أن الجماعة طرحت في السابق فكرة تأسيس حزب سياسي خاصة بعد تأسيس الدائرة السياسية في سنة 1998 بمراكش، وكان الهدف حينها هو تأسيس إطار سياسي يتعاطى مع الشأن السياسي بمعزل عن الشأن الدعوي أو الديني، قبل أن يستدرك ” لكن تبين فيما بعد أن الدولة لها خيارات استراتيجية يمكن تسمح لجماعة بتأسيس حزب سياسي، ولكن ليس بتحويل تلك الجماعة إلى حزب، بل عبر الالتحاق بحزب آخر

وأفاد ضريف المتخصص في الحركات الإسلامية، “ربما أن الجماعة تريد أن تؤسس حزبا سياسيا بالتلويح على استعدادها للقبول بشروط السلطة لأن تبرير هذا الرفض كان يرتبط دائها  بأنها لا توافق على شروط اللعبة السياسية”، مسجلا أن “الجماعة أصبحت مقتنعة بقبول شروط السلطة باعتبار أن خلفاء السلطة الذين يتعاطون للشأن السياسي يقبلون بها بمعنى آخر أن الجماعة لا تقبل بشروط السلطة و التلويح بتأسيس حزب سياسي لكن تعتبر نفسها أنها فاعل ضمن فاعلين آخرين”.

وأشار ضريف إلى أن تقديم الوثيقة السياسية، شهد حضور الكثير من وجوه اليسار، “بمعنى أن خطاب العدل والإحسان، موجه أيضا لجميع الفاعلين السياسيين، وأن الجماعة  أصبحت لا تقدم نفسها بديلا عن الأطراف الأخرى وإنما هي جزء من المشهد السياسي بشكل عام”، مضيفا لا ينبغي أن نكتفي بتصريحات بعض رموز القيادة بكونهم لا يرغبون في التفاوض مع السلطة، لكون هذا الأمر هو جزء من أساليب التفاوض وفرض الشروط، وبالتالي يتعين أن تنتظر رد فعل السلطة

وشدد الأستاذ الجامعي، على أنه ليس هناك تغييب للمؤسسة الملكية ضمن الوثيقة السياسية التي قدمتها العدل والإحسان، وأوضح أنه في المحور السياسي تحدثت الوثيقة عن الدولة و عن السلطة القضائية والسلطة التشريعية والتنفيذية وعن الأحزاب وعن ربط السلطة التنفيذية بالحكومة دون غيرها وجعل اختيار الوزراء وإعفائهم من اختصاص رئيس الحكومة.

واعتبر ضريف أن ذلك يعني أن الجماعة تتجه لتعبيد الطريق أمام نظام سياسي برلماني وهو مطمح قد تلجأ الجماعة إلى التفاوض عنه باسم الخصوصية المغربية وشرعية المؤسسة الانتخابية، مؤكدا أنه لا يجب أن ننسى بأن كثيرا من المنظمات اليسارية في المغرب كانت تطالب بنظام سياسي برلماني من قبيل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في لحظة تأسيسيه ومنظمة العمل الديمقراطي”.

وذهب ظريف إلى أن جماعة العدل والإحسان، تريد أن تُبعد الملك عن الصراع السياسي الموجود حاليا لأن أهم الدول المستقرة في أوروبا هي الملكيات البرلمانية، حيث يسود الملك ولا يحكم، ومن يحكم هو رئيس الحكومة المنتخب، موضحا أنه “حتى تبقى منسجمة مع نفسها ينبغي أن يكون الملك لاسيما أن النظام البرلماني لا ينبغي أن تغيب فيه مؤسسة رئيس الدولة سواء كان ملكا أو رئيس جمهورية، لكن السكوت عن الملكية لا يعني أن الجماعة تُغيب المؤسسة الملكية”.

وتابع الأستاذ المتخصص في الحركات الإسلامية، “ربما الجماعة تحاول أن ترفع السقف عاليا لتحسين شروط التفاوض، قبل أن يستدرك “لكن الدولة لن تنصاع بهذه السرعة لأن المسألة تحتاج إلى ثورة ثقافية وتحتاج إلى  تبني فلسفة حكم جديدة، لذلك لا يمكن أن نقول بأننا نريد أن نعيد انتاج النظام البريطاني أو الاسباني باعتبارها أنظمة ملكية برلمانية”

وخلص ضريف إلى أن هناك خياران لتعامل الدولة مع الوثيقة السياسية الجديدة لجماعة العدل والإحسان، يتمثل الأول منهما في أن الدولة ستتجاهل هذه الوثيقة ما داما أن الجماعة أعدتها بدون طلب أو تفاوض مع السلطة، ويتمثل الثاني في أن الدولة ستحاول ما أمكن أن تمارس ضغوطا على الجماعة من أجل تقديم الكثير من التنازلات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News