سياسة

المنصوري.. “ابنة الباشا” التي تقترب من قيادة جرار “البام”

المنصوري.. “ابنة الباشا” التي تقترب من قيادة جرار “البام”

بينما يتجه حزب الأصالة والمعاصرة إلى مؤتمره الوطني الخامس بمدينة بوزنيقة أيام 9 و10 و11 فبراير المقبل، تحت تأثير تسارع مجموعة من الأحداث، أبرزها تفجر قضية “إسكوبار الصحراء” التي أسقطت وجوه سياسية بارزة من “الجرار”، وسلسلة هفوات الأمين العام عبد اللطيف وهبي، يبدو أن الأمانة العامة نضجت بالقدر الكافي لتسقط في سلة فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مدينة مراكش والوزيرة بحكومة عزيز أخنوش.

مؤشرات عديدة تؤكدة أن “بنت الباشا” تمضي بهدوء إلى انتزاع مقواد “الجرار” من وهبي الذي أرهق الحزب بمعارك جانبية وبتصريحات غير محسوبة، في وقت تُظهر المنصوري في كل مناسبة أنها الشخص المناسب، سيما والإجماع الكبير الذي يَحفها به أعضاء الحزب إلى درجة جعلت البعض يسميها أمينة عامة فعلية للبام، مستبقا تقديم ترشيحها الرسمي.

ومن الواضح أن المحامية والسياسية المغربية، التي تعد أول امرأة تترأس مجلس مدينة مراكش، وتسير لتكون قائدة لأحد أبرز الأحزاب، تجيد تدبير مستقبلها السياسي، بما يجعلها تتعامل مع اللحظة الحالية دون مزايدات ولا مجازفات، رغم صعود أسهمها داخل الحزب، والضغط الممارس من طرف أعضاء رافضون لاستمرار وهبي لولاية ثانية.

حضور تواصلي مهم

المتتبع لمسار فاطمة الزهراء المنصوري السياسي يُدرك أن سيدة مراكش تُجيد لعبة الحضور والغياب في التواصل السياسي، وتعرف متى تنحني للرياح، ومتى تظهر لتفرض حضورها، وهذه حسنة تُحسب للوزيرة والعمدة، خاصة وأنها حافظت على مسافة معتبرة من ساحة الجدل، سواء بقضايا الحزب الداخلية أو بقضايا المدينة أو القطاعات الوزارية التي تشرف عليها.

ولم تظهر المنصوري بكثرة فيما يخص أزمات الحزب الداخلية، أو على الأقل لم تخرج بمواقف متنشجة، ما يُصنفها ضمن السياسيين الذين يجيدون تدبير الخلافات ضمن الكواليس وبلعبة التوافقات، هي مزّية ما أحوج حزب “البام” إليها، خاصة وأن أغلب محنه تأتي من الداخل، في ظل انعدام التوافق حول شخصيات الحزب.

وأبانت المنصوري عن قدرات تواصلية مهمة، بالبرلمان وهي تجيب وتتفاعل مع أسئلة نواب الأمة المتعلقة بقطاعات الوزارة، وأيضا فيما يتعلق بالأزمات، ولعل ذلك ما تأكد خلال زلزال الحوز، حيث كانت الوزيرة أول من يزور المناطق المتضررة وتتواصل لشرح إجراءات الدولة وسط تجمعات من المواطنين، إضافة إلى استخدامها وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع المواطنين عبر فيديوهات قصيرة لتقديم شروحات حول مشروع دعم السكن.

وينضاف إلى ذلك قدرة الوزيرة على تدبير العلاقة مع شركائها الاجتماعيين، إذ نجحت في امتصاص غضب الموظفين في أكثر من مناسبة، وفي الاستجابة لمطالبهم، ما يجعل الحقيبة التي ترأسها من بين الحقائب المستقرة اجتماعيا.

مكانة حزبية بارزة

في أكثر من مناسبة أبرزت المنصوري مكانتها القوية داخل الحزب الذي تقود مجلسه الوطني، ذلك أنها من القيادات الحزبية القوية التي تحظى بالتفاف واضح من طرف أعضاء الحزب، حتى أنها سرقت الأضواء في أكثر من مناسبة من الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي.

وأخذت المنصوري في أكثر من مناسبة زمام المبادرة وأصبحت تلعب دورا يتجاوز حدود رئاسة المجلس الوطني إلى درجة جعلت وهبي يتراجع إلى الخلف في لقاءات حزبية وفي اجتماعات داخلية مهمة، بسبب دوامات الجدل التي أدخل بها الحزب، إضافة إلى خلفاته التي لا تنتهي مع قيادات بارزة بالحزب، ما يجعله مفتقرا للإجماع الكافي لتوحيد كلمة الحزب.

“إسكوبار الصحراء”

خلف تفجر قضية “إسكوبار الصحراء” التي أسقطت سعيد الناصيري وعبد النبي بعيوي، الوجهين البارزين، صدمة قوية لحزب “البام” الذي دخل دوامة شبهات حول مصداقية قياداته السياسية، قبل أن يستبق المجلس الوطني، برئاسة فاطمة الزهراء المنصوري، ليضع مسافة بين الحزب والشبهات.

وبينما توارى عبد اللطيف وهبي، عبر المكتب السياسي، عن الأنظار، ورفض إصدار بيان في البداية، موسعا بذلك مساحة الغموض بشأن رعاية الحزب لمتورطين بقضايا فساد، خرج المجلس الوطني للحزب ليقطع حبل الشك، مؤكدا أن الصفة الحزبية أو الانتدابية لا تمنح أي امتياز ولا تخول أي حصانة من المتابعة أو ترتيب المسؤولية.

الموقف الأخير كان حزب الأصالة والمعاصرة بحاجة إليه لإخلاء ذمته من كل ما قد يعلق بها من شبهات “سياسيين فاسدين” تجري متابعتهم أمام القضاء، وهي الخطوة التي تُحسب لرئيسة المجلس الوطني للحزب التي أبعدت الشكوك عن “البام”، وأثبتت قدرة المنصوري مرة أخرى على الظهور في اللحظة المناسبة.

غياب المنافسة

عامل آخر يضيف نقاط قوة لملف المنصوري؛ هو غياب شخصية منافسة تحظى بإجماع مماثل لذلك الذي تحوزه رئيسة المجلس الوطني للحزب، سيما مع ضعف وهبي بعد الضربات المتتالية التي تسبب بها لنفسه داخليا وخارجيا، ما يجعله غير قادر على خوض منافسة متكافئة مع المنصوري.

وبينما يروج اسم الوزير محمد المهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل داخل الحزب، فإن الإجماع الحاصل حول المنصوري، باعتبارها شخصية المرحلة، يجعله أقرب إلى رئاسة المجلس الوطني للحزب منه إلى قيادة الأمانة العامة لحزب “البام”، وهو ما يشير إلى إمكانية إخلائه المجال لزميلته بالحزب.

ورغم أن وقت تقديم الترشيحات بات قريبا إلا أن المنصوري لا تبرز نوايا واضحة لرغبتها بقيادة “البام”، في حين لا يبدو أن المنافسة ستكون قوية بينها وبين أحد المرشحين المحتملين.

تعليقات الزوار ( 1 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News