مجتمع

800 حالة باليوم.. هل يُنهي تأهيل الأزواج شبح الطلاق؟

800 حالة باليوم.. هل يُنهي تأهيل الأزواج شبح الطلاق؟

في السنوات القليلة الماضية، يشهد المغرب ارتفاعا في حالات الطلاق، سيما سنة 2021 التي سجلت أكبر عدد في حالات الطلاق منذ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ سنة 2004. فأصبحت منذ جائحة كورونا ملفات الطلاق تتصدر رفوف المحاكم، وتتربص بالأسر المغربية لتهدد استقرارهم وتحصد المزيد منهم.

الأسباب عديدة، يصعب حصرها، لكن إهمال الأسرة والعنف وحالات التبليغ عنه من طرف النساء، إضافة‭ ‬إلى حالات أخرى يتم فيها طرد الزوجات من بيوتهن، كانت من أبرز الأسباب التي أفصحت عنها الإحصائيات الأخيرة لوزارة العدل.

الشقاق.. “تسونامي” الطلاق

عمر الداودي، الحقوقي والمحامي بهيئة الرباط، أكد أن مسطرة طلاق الشقاق لاقت استحسانا كبيرا في البداية من طرف منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، لكن مع مرور الوقت أسيء تطبيق هذه المسطرة من طرف العديد من الأزواج من الناحية القانونية، مما تسبب في الكثير من الحالات الموجهة للقضاء لأتفه الأسباب.

وأضاف الداودي في حديثه لـ”مدار21″، أن هذه المسطرة أصبحت “أسهل بكثير في القانون المغربي من جميع أنواع المساطر الموجودة في فرنسا، لا من حيث السرعة أو التكلفة أو الحيز الزمني”، مضيفا أن أحكام هذه المسطرة في فرنسا تستغرق وقتا كبيرا قد يستمر إلى سنتين أو ثلاث حتى يتمكن الأزواج من الطلاق عكس المغرب، التي تتسم فيه المسطرة بالسرعة، مما رشح حصيلة الطلاق إلى الارتفاع.

وأشار إلى أن 99 في المئة من المساطر أو المقالات أو الدعوات المرفوعة التي تتعلق بطلاق الشقاق “قد تحصل فيها نسبة قليلة تتعلق بالتراجع عن الطلاق، خاصة عند معرفة الزوج بالتكاليف المالية التي تنتظره بعد الطلاق”.

وأوضح الحقوقي أن “الغاية المنشودة من الزواج هي الحفاظ على رباط الزوجية، والأسرة بشكل عام، لكن هذه الغاية لم يتم تحقيقها من المدونة الحالية، ولتحقيق هذه الغاية لن نكون في الطريق الصحيح إن لم يشمل تعديل المدونة قوانين صارمة في باب الطلاق”.

800 حالة طلاق يوميا

بعدما كان الزواج مؤشرا اجتماعيا قويا يعبر عن مدى تماسك العلاقات الأسرية وبالتالي متانة واستقرار النسيج الاجتماعي، أصبح الطلاق يسير في منحى مختلف، حيت رصدت الإحصائيات الأخيرة أرقاما “مخيفة” أكدت الارتفاع المهول لعدد الحالات.

التقرير الرسمي الذي صدر مؤخرا عن المندوبية السامية للتخطيط، أوضح أن محاكم المغرب شهدت أكثر من 60 ألف حالة من “طلاق الشقاق” في سنة واحدة، لافتا إلى أن “الانفصال للضرر شكّل نحو 99 بالمئة من تلك الحالات”.

وذكر التقرير الذي نشرته المندوبية السامية للتخطيط تحت عنوان “المرأة المغربية في أرقام”، أن العام المنصرم شهد 60.592 قضية “طلاق شقاق” من بين 61.147 قضية جرى صدور أحكام فيها، مضيفا أن ارتفاع نسبة حالات الطلاق إلى أكثر من 800 حالة في اليوم الواحد، يعتبر رقمًا غير مسبوق مقارنةً بالسنوات السابقة.

من جهة ثانية، سجلت الإحصائيات الرسمية لوزارة العدل مؤخرا بعض الملاحظات التي توضح أن نسبة الطلاق الاتفاقي أيضا ارتفعت وأصبحت هي الأخرى صاحبة الأرقام القياسية، كما أكدت أن ذلك نوع من غياب التفاهم والقدرة على حل المشاكل والتحمل اللذان يسمحان للأسرة بالاستقرار.

دورات التأهيل هي الحل!

وكشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في وقت سابق عن خطة للتقليل من ارتفاع نسب الطلاق، إذ دعا إلى ضرورة إخضاع الأزواج لدورات “تأهيل”، من أجل تهييئهم للحياة الزوجية والتربية الجنسية والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.

وكان قد كشف عن هذه الخطة خلال حفل توقيع اتفاقيتين، الأولى بين الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة والهيئة الوطنية للعدول في المغرب، والثانية بين الهيئة ذاتها وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وهي الفكرة التي ثمنها علماء النفس في ظل غياب التواصل بين الأزواج بسبب الثقافة السائدة، وغياب الاعتراف بالمساواة بين الرجل والمرأة.

ويذكر أن توجيهات الملك محمد السادس، كانت قد أكدت في وقت سابق ضرورة تعديل مدونة الأسرة، مؤكدة أن المدونة، “ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة؛ وإنما هي مدونة للأسرة كلها؛ فالمدونة تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال”.

ويشار إلى أن الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة تواصل استقبالها للهيئات والجمعيات للاستماع إلى مقترحاتها بشأن تعديل المدونة، والتي يرتقب أن يتم الانتهاء من صياغة مسوّدتها الأولى بعد ثلاثة شهور، حيث حُدد أجل ستة أشهر للهيئة المكلفة بمراجعتها لإنهاء عملها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News