سياسة

أكادير.. صدام انتخابي بين “البيجيدي” و”الأحرار” لاستعادة وهج جوهرة سوس

أكادير.. صدام انتخابي بين “البيجيدي” و”الأحرار” لاستعادة وهج جوهرة سوس

بدأ العدُّ التنازلي، للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، التي ستفرز حكومة جديدة ومنتخبين جُدد يقرر المواطنون هويتهم يوم الاقتراع وفقا لمعيار الثقة في تنزيل البرنامج الانتخابي الذي وجدوه أكثر إقناعا وإغراء وأهمية، سواء وطنيا أو محليا، على غرار مدينة أكادير “الوسط الحقيقي للمملكة” كما وصفها الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء، والتي اشتد وطيس التنافس فيها بين الأحزاب السياسية، لعل أبرزهم حزب العدالة والتنمية من جهة وحزب التجمع الوطني للأحرار في الجهة المقابلة.

وكان الملك محمد السادس، قد انتقد بشكل حاد ضُعف تنمية جهة سوس ماسة مشدّدا على أن خريطة المملكة قد تغيرت “ولم نستوعب بعد بأن الرباط صارت في أقصى الشمال، وأكادير هي الوسط الحقيقي للبلاد” على حد تعبيره.

ونبّه عاهل البلاد، في خطاب عام 2019، المنتخبين إلى أن “المسافة بين أكادير وطنجة، هي تقريبا المسافة نفسها التي تفصلها عن الأقاليم الصحراوية، وبالتالي ليس من المعقول أن تكون جهة سوس ماسة في وسط المغرب، وبعض البنيات التحتية الأساسية تتوقف في مراكش، رغم ما تتوفر عليه المنطقة من طاقات وإمكانات.”

وعدم رضى الملك محمد السادس عن تدبير المنتخبين لأكادير في العقدين الأخيرين، ترجمته أيضا مجموعة من المعطيات الرقمية التي أدلت بها المندوبية السامية للتخطيط مرارا عندما صنفت جهة سوس ماسة ضمن أكثر الجهات معاناة من البطالة، بحلولها ثالثة بنسبة 11.7 في المائة خلف جهات الجنوب التي سجلت النسبة الأعلى بـ15.5 في المائة والجهة الشرقية التي تصل معدلات البطالة فيها إلى 14.2 في المائة، وقبل جهة طنجة-تطوان-الحسيمة التي سجلت نسبة 11.2 في المائة.

وتموقعت جهة سوس ماسة أيضا ضمن لائحة الجهات الست التي تضم أكبر عدد من العاطلين بنسبة إجمالية بلغت 79.2 في المائة، إذ تضم هذه الجهة وحدها 9.4 في المائة من العاطلين.

وفضلا عما سبق، تعيش المدينة على وقْع كسادٍ اقتصادي شبه تام، بعدما توقّف ضخ الروح في قطاع السياحة الذي يعدّ عَصَبها المحرّك، وهو الوضع الذي لا تتمّل جائحة كورونا وحدها وِزره، وإنما تشتكي الساكنة والمهنيون منذ سنوات تسبق انتشار الجائحة مما اعتبروه “سوء تدبير وتهميش” طال مدينتهم وأفقدها بريقها وسيّاحها وريادتها الاقتصادية، وهو ما يفسره أيضا إغلاق العشرات من الفنادق، البزارات ومزارات السياحة قبيل ظهور الوباء، الأمر الذي وصفه رئيس المجلس السياحي للمدينة، رشيد دهماز، بـ”الوضع الكارثي”.

دهماز، وفي تصريح لـ”مدار21″، لم يخف أسفه عن الوضع الذي آلت إليه عاصمة سوس والجهة عموما، مشيرا إلى أن الأزمة تعمقت على مستوى عدة أصعدة سواء في مراكز الإيواء أو الترويج، الطيران، أو ضعف الطاقة الإيوائية، ما يعني بالمُجمل أن المنتوج ككل في أكادير يعاني.

وبالرغم من إقراره بالوضع المأساوي للمدينة، إلا أن المسؤول في القطاع السياحي، لم يخف أيضا أمله في الغد وفي انتخابات 2021، مشدّدا في تصريحه للجريدة على أن أكادير “ستتغير بصفة كاملة، ستتجدّد وتُظهر نفسها من جديد، سواء من ناحية الطرقات، أو الحدائق، الإنارة، الأنشطة الثقافية والسياحية أو التكوين”.

ويُرجع متحدثنا إيمانه هذا استنادا إلى مجموعة من المشاريع الملكية التي دخلت حيّز التنفيذ، في قوله “كما نشهد اليوم، أكادير تتغير بصفة جذرية، وهذا الصيف زوّار أكادير سيُلاحظون هذا التغيير، وفي الشتاء المقبل تنتهي الأشغال بصفة نهائية، والصيف المقبل سيُعاد لأكادير بهاؤها وتعود لسابق عهدها رائعة كما الزمن الجميل”.

وفي سياق الورش الكبير الذي أعلنه الملك محمد السادس على مستوى أكادير، تحوّلت المدينة إلى قطب سياسي للصدام الانتخابي يُغري الأحزاب؛ خاصة العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار، اللذين يحظيان بقاعدة انتخابية مهمة في المنطقة، خاصة وأن أغلب قيادات الحزبين تنتمي إلى هذه الجهة، وعلى رأسهم الأمينيين العامين، عزيز أخنوش؛ من بلدة تافراوت الجبلية والذي قرّر الترشح للظفر بعمادة أكادير، فيما سعد الدين العثماني، ابن إنزكان، قرّر الترشح على مستوى دائرة الرباط المحيط، أما محمد أمكراز فترشح على مستوى دائرة تيزنيت؛ مسقط رأسه، وعبد الجبار القسطلاني، مرشح على مستوى جهة سوس ماسة والمنتمي لنفس المنطقة، وأدراق أحمد، المرشح على مستوى جماعة آيت ملول..

وكانت الانتخابات السابقة قد شهدت إحراز حزب العدالة والتنمية للأغلبية بـ33 مقعدا، ليفوز بمقعدين في البرلمان، محتلا المركز الأول في عدد المستشارين في مجلس الجهة، وعلى هذا الأساس يعوّل “البيجيدي” على المحامي محمد بنفقيه، وهو عضو في المجلس الجماعي الحالي، لتسلم ولاية ثالثة على رأس الجماعة، فيما حزب التجمع الوطني للأحرار خلق المفاجأة بترشيح رئيسه ووزير الفلاحة ورجل الأعمال، عزيز أخنوش، الذي عبّر عن أصيل رغبته في عمادة أكادير لارتباطه العاطفي بها، واستعداده لـ “تنزيل برنامج يراه الأنسب لتحريك عجلة التنمية بالمنطقة التي عانت ركودا ونقصا على جميع المستويات في السنوات العشر الأخيرة” على حد تعبيره.

ويعوّل حزب “العدالة والتنمية”، الذي كان قد اكتسح نتائج الانتخابات السابقة الجماعية لعام 2015 والتشريعية لعام 2016، على خلفية العشر سنوات الأخيرة وإنجازاته المحققة، من أجل الظفر بولاية ثالثة على رأس المدينة لتدبير شؤونها في مرحلة ما بعد “كوفيد-19″، وتزامنا مع إطلاق المشروع الملكي الرامي إلى النهوض بالتنمية والاستثمار على مستوى الجهة.

وبهذا الخصوص، قال محمد باكيري، الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية في تصريح لـ”مدار21″، إن حزبه يعتز بثقة المواطنين وطنيا وإقليميا، “وهي الثقة الغالية التي مكنته من الحرص على تدبير فترة (2015-2022) ليكون الحزب عند حسن الظن ووفيا لبرامجه الانتخابية”.

وشدّد المتحدث على أن العدالة والتنمية يدخل الانتخابات الجماعية “بثقة تامة في المواطن الذي يثق بدوره في الحزب، وبحصيلة إنجاز مهمة، ومشاريع على أرض الواقع”.

وردا عن سؤال هل حصيلة الحزب جماعيا ستسهم في تجديد الثقة لولاية ثالثة في “البيجيدي”، قال القيادي في حزب العدالة والتنمية: “حصيلتنا سيكون لها صدى لدى المواطن، خاصة وأن اشتغالنا يكون طيلة السنة وليس فقط في مرحلة الحملة الانتخابية”، مضيفا: “وهذا يعطي مصداقية لحزب العدالة والتنمية فهو أمر مركزي بالنسبة لنا على مستوى الإقليم، إذ يوجد اشتغال حثيث وخطة وإجراءات مهمة نرمي إلى تنزيلها بعد الثامن من 8 شتنبر”.

وعلى غرار “المصباح” يطمح حزب “الحمامة” أيضا إلى “تحسين المعيش اليومي لساكنة أكادير وتقديم إضافة نوعية للنهوض بالتنمية بالمدينة، والتي تمر عبر تنفيذ الأوراش الكبرى للملك محمد السادس وكذا السهر على تطبيق التزامات البرنامج المحلي للأحرار والذي سيقدم إجابات لأولويات الساكنة،” بحسب رئيس التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، الذي يُراهن هو الآخر على ثقة المواطنين وذكائهم.

وبهذا الخصوص، قال سرود عبد الرحمان، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، إن حزبه يعتبر مدينة أكادير “قوّة مقبورة”، ذلك أنها تمتلك “مجموعة من المؤهلات الاقتصادية الكبيرة جدا والتي لم تُستَثمر أبدا، سواء على المستوى الاقتصادي، التجارة والصناعة، السياحة، الصيد البحري، ومجموعة من الخدمات التي تغري المستثمرين، هذا طبعا إلى جانب مؤهلاتها البشرية من خريجي الجامعات والكليات والمعاهد الخاصة من الطاقات الشابة، وكذا مؤهلات مناخية مرتبطة بالسياحة وما إلى ذلك”.

وتأسّف القيادي في حزب “الحمامة”، على الوضع الذي آلت إليه أكادير في السنوات الأخيرة، معتبرا أنها “عرفت تدهورا كبيرا بسبب سوء التسيير والتدبير للمجلس الحالي”.

ويتهم حزب “الحمامة” المجلس الحالي بـ”قهقرة الوضع في أكادير إلى 10 سنوات”، وهي المدة التي تولى فيها “البيجيدي” عمادة المدينة وتدبيرها.

وشدّد سرود في تصريحه لـ”مدار21″، أن هذا ليس موقف الحزب بل هو “ما يعبر عنه المواطنون كما السيّاح وزوّار المدينة ممّن استنكروا مآل المدينة وحالها في العقدين الأخيرين، مع غياب أبسط متطلبات الساكنة”، مردفا: “أكادير فقدت جاذبيتها التي كانت تشدّ السياح سواء المغاربة أو الأجانب من روسيا أوكرانيا أو غيرها ممّن لم يعودوا يروْن في أكادير زخمها الجذّاب والخاص الذي كانت تتميز به قبل عشر سنوات'”.

وتابع المتحدث: “اليوم أكادير بدون روح وبدون أساسيات العيش الكريم ولا بنيات تحتية ولا ملاعب قرب أو مراكز رياضة بشكل مجاني، أو آليات الخدمات المجانية التابعة للدولة، ومن خلال لقاءاتنا مع الساكنة منذ عام ونصف، جعلتنا نبلور استراتيجية وأهداف وجب تحقيقها، ونحن نعرف الأهداف التي سطرناها وسننجحها وفقا لحاجيات المواطن، ولدينا تصوّر في جميع الميادين بهذا الخصوص”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News