سياسة

بنعبد الله: اليسار فقد بريقه وأهم مكوناته توجد اليوم خارج جدرانه وجهات صنعت مشهدا سياسيا مغيبا

بنعبد الله: اليسار فقد بريقه وأهم مكوناته توجد اليوم خارج جدرانه وجهات صنعت مشهدا سياسيا مغيبا

قال محمد بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والإشتراكية، إن أهم ما يشكل اليسار من مبادئ وأفكار وطاقات يوجد اليوم خارج جدرانه، مشيرا إلى أن مستواه تراجع كثيرا، ما أصبح يقتضي ضرورة تكثيف الجهود لاستعادة توهجه وقوته في الساحة الوطنية.

وأضاف بنعد الله في مداخلة له خلال “الجامعة السنوية التي عقدها حزب التقدم والاشتراكية تحت شعار: اليسار بين الوفاء والتجديد”، أن حزب التقدم والإشتراكية يتطلع في إطار انتمائه إلى منظمة اليسار إلى توحيد صفوفه والرقي بدوره ومكانته وتأثيره وقدرته على قيادة مسلسل التغيير والتقدم خدمة للمصالح العليا للوطن والشعب.

وأفصح بنعبد الله بأن استرجاع وهج اليسار وقوته وتصدره المشهد السياسي الوطني من جديد يتطلب العودة إلى فضاء المثقفين في الحقل الجامعي، وفضاء التربية، والفضاءات المهنية والحرفية، ومواكبة الأحداث الراهنة على رأسها أزمة التعليم التي أخرجت الأساتذة في احتجاجات، مردفا: “علينا الاستقاظ من أجل بلدنا ووطننا وشعبنا واليسار والمثل العليا التي دافعنا عليها”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أنه كان لليسار المغربي بمختلف تلويناته الفضل في حمل أفكار ومبادئ الاستقلال الوطني والديمقراطي والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، والرقي بالاقتصاد الوطني، والتطور والتنوع الثقافي وغيرها من القيم الكبرى التي ناضل من أجلها وأصبحت متداولة في الحقل السياسي الوطني اليوم.

وأبرز أن ترسيخ هذه القيم والمبادئ دفع اليسار إلى تقديم تضحيات جسام في ساحات النضال، مخلفا آلاف الشهداء والمعتقلين، مشددا على أن اليسار بصم بشكل أساسي التاريخ المعاصر للمغرب.

وأكد بنعد الله أن كل الإصلاحات الكبرى التي عرفها المغرب، هي إصلاحات  دافع عنها وناشد بها اليسار لمدة عقود من الزمن، منها مطلب الإصلاح الدستوري القائم على نظام الملكية البرلمانية، وتوسيع مجال القانون من أجل دولة مؤسسات فعلية، والاعتماد على الدولة في قيادة الاقتصاد الوطني والمجهود الاستثماري إلى جانب وجود القطاع الخصوصي، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان، وتطوير ثقافة المساواة بين المرأة والرجل، وتشييد البنيات التحتية الأساسية، وحمل فكر العدالة الاجتماعية في المقاربة التنموية.

وتحدث الأمين العام لحزب التقدم والإشتراكية عن تراجع مستوى اليسار، مستحضرا الهفوات والإخفاقات والسلبيات، التي تجلت أهمها في عدم القدرة على توحيد الصفوف والاشتغال الفعلي معا من أجل أن يكون اليسار المغربي قوة دافعة أساسية للمشروع الإصلاحي الوطني، مما سمح ببروز تبرز قوى أخرى وأوساط ضغط أثرت في المسار العام للمملكة.

وأشار بنعبد الله إلى ضرورة استعادة وهج اليسار واسترجاع نفوذه وعنصر الثقة به، في ظل وجود “أزمة السياسي” التي يعد اليسار جزءا منها، موضحا أن “جهات معينة أرادت أن يكون المشهد السياسي جامدا وأن تغيب أدوار الأحزاب السياسية الفعلية الحاملة لمشروع التغيير، والتي من شأنها أن تتنافس وتختلف فيما بينها وتبني بشكل أو بآخر المشروع الإصلاحي أو التنموي الوطني”.

وقال اليساري محمد بنعبد الله إن مشروع النموذج التنموي ينقصه البعد السياسي، عادّا أنه لا يوجد مشروع إصلاح دون حضور قوى سياسية قوية قادرة على حمل هذا المشروع الإصلاحي، وليس هناك إصلاح بدون بعد سياسي.

وأردف أن اليسار يتحمل المسؤولية في خلق مشهد سياسي حقيقي قوي بكل ما يستلزمه ذلك من إصلاحات للنظام الانتخابي ودوره إلى جانب الأحزاب والمؤسسات.

وواصل حديثه قائلا: “إن التغلب على هذه الأزمة والانفصام بين الشارع والأحزاب السياسية، يقتضي القيام بتقويم موضوعي لما يجري في الساحة الوطنية، ومساهمة كل فصائل اليسار في إيجاد صيغ مشتركة للعمل على تجاوز مجموعة من مخلفات الماضي والقدرة على تجاوز الجدران الحالية للأحزاب السياسية”.

وأوضح أن المغرب حقق أهم المكتسبات انطلاقا من وحدة القوى الوطنية الديمقراطية التي كانت تتآزر فيما بينها، وتحمل مشروعا وتلتقي في نقطة مشتركة، داعيا إلى النضال من أجل الحريات الفردية والجماعية في ظل إصلاح مدونة الإسرة والقانون الجنائي.

وشدد على ضرورة توحد المواقف من أجل الدفاع عن مشروع انتخابي مغاير تماما قبل حلول سنة 2026، الذي من شأنه أن يحارب كل مصادر الفساد واستعمال المال ويتيح الإمكانية لإفراز طاقات حقيقية قادرة على تدبير شؤون البلاد من الجماعة إلى الحكومة مرورا بالبرلمان.

وتحدث عن ضرورة الدفاع عن مشروع اقتصادي متجدد، إلى جانب دعم القطاع الخصوصي والمقاولة المغربية المواطنة القادرة على إحداث شروط التنافس الجديد، وإحداث فضاء جديد لشفافية المعاملات في المجال الاقتصادي.

وعلق بنعبد الله على أحداث غزة قائلا: “علينا أن نكون واعين تماما بما يجري اليوم في فلسطين وعلى اليسار بمختلف مكوناته في المغرب، أن يرد ويدعم الشعب الفلسطيني ويستنكر هذا العدوان الوحشي الهمجي، ويطالب بوقف إطلاق النار ووقف هذه الحرب القذرة في أقرب وقت ممكن”.

وأضاف أن ما تشهده فلسطين من حرب إبادة وتطهير عرقي وهجوم على المنازل والمنشآت والمستشفيات بتواطئ غربي مكشوف واستمرار هذه الآلة الصهيونية الوحشية لمحاولة القضاء على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة والوصول إلى أهداف وهمية لا يمكن أبدا الوصول إليها، يعد كارثة إنسانية حقيقية، مبرزا أن “ما يناهز 11 ألف شهيد أزيد من نصفهم هم من الأطفال والنساء، إضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى والخراب الذي ناهز 150 ألف سكن وبناية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News