فن

فيلم “العبد”.. سفر فلسفي وغوص في رحلة التخبط بين ثنائية “الحرية والعبودية”

فيلم “العبد”.. سفر فلسفي وغوص في رحلة التخبط بين ثنائية “الحرية والعبودية”

سافر فيلم “العبد” للمخرج عبد الإله الجوهري بالمشاهد في رحلة مدتها 100 دقيقة، تغوص في عالم شاب يُدعى “إبراهيم” يدفعه الشعور بـ”عدم الرضا” إلى البحث عن العبودية في قالب فلسفي يعكس “سلب الحرية” و”القمع” و”الخضوع للغير”، وذلك في إطار المنافسة الرسمية للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة.

ويرصد فيلم “العبد”، تخبط إبراهيم بين الحرية والعبودية في آن واحد، بحثا عن الخلاص من الشعور بعدم الرضا والطمأنينة، في إشارة إلى أن الإنسان المعاصر ليس حرا كما يعتقد، إنما تحكمه مجموعة من الضوابط والقواعد والقوانين التي تسلبه حريته أمام مجموعة من الالتزامات المفروضة عليه بشكل يومي سواء في العمل أو الشارع أو في علاقته مع لآخر.

الشعور بـ”القيود” وعدم التمتع بـ”الحرية” سيدفع إبراهيم إلى عرض نفسه للبيع، والمطالبة باشتغاله عبدا لدى الغير في سوق شعبي، وسط استغراب المارة.

ويعيش إبراهيم بين الحاضر الذي تغيب فيه الطمأنينة والاستقرار، والماضي الذي ظل عالقا في ذاكرته، ويسحبه إلى مشاهد “القمع” و”كبح حريته” في طفولته من قبل والدته.

ويظهر الفيلم أن إبراهيم يلجأ إلى رجل أعمال من الطبقة الغنية، ليصبح عبدا لديه، ظنا منه أن خضوعه له سيشعره بالطمأنينة، بعدما قطع علاقته مع الله وفقد إيمانه، وفق تصور الفيلم.

ويصُور الفيلم مشاهد “العبودية” في عصرنا الحالي، عبر مجموعة من العمال الخاضعين لرب العمل الذي يتحكم في مصيرهم، بسبب التزاماتهم وقروضهم البنكية.

ويحمل الفيلم رسالة في نهايته تشير إلى أن الحب والخير هما مصدرا السلام والحرية والطمأنينة، من خلال مشهد يوثق “وقوع إبراهيم في حب ابنة رجل الأعمال (بنعمر) واقتناعه بأن حبه لها أعاده إلى الحياة من جديد ومنحه الحرية التي ظل يبحث عنها لسنوات”.

وفي السياق ذاته، مخرج الفيلم عبد الإله الجهري صرح لجريدة “مدار21” بأن رسالة العمل تكمن في كون “سعادة الإنسان وحريته تتجلى في فعل الخير، وأهم ما يمكن أن يجمع الإنسانية بعيدا عن الجنس والعرق والدين هو الحب”.

وعن توظيف الدين في فيلمه عبر مشهد “فقدان إبراهيم إيمانه في الله”، أوضح الجوهري أن “الدين يعد جزءا من هويتنا أحببنا أم كرهنا ويدخل في منظومتنا الهوياتية، ولا يمكن الاستغناء عنه، لكن البطل في الفيلم لم يجد ما كان يبحث عنه في الدين، ولدى والديه، أو الغير (السيد) إلى أن يجدهما في المرأة”.

ويرى الجوهري أن العبودية ما تزال قائمة في قالب “مقنع”، عادّا أن “الإنسان يتطور والرأسمالية بدورها تتطور بشكل متوحش وتجعل من الإنسان مجرد آلة”.

وقارن الجوهري في حديثه للجريدة بين “العبودية” قديما وحديثا قائلا: “كان العبد قديما ملك سيده، الذي كان مسؤولا عنه في السكن والتغذية والتطبيب ويدافع عنه كي لا يتعرض لظلم من جهة ثانية، بينما اليوم يظهر أن الإنسان حصل على حريته لكنه في العمق بقي عبدا تحت مسمى “الوظيفة” و”العمل”، إذ يشتغل لساعات طويلة ويقوم بالمهمة نفسها تحت مظلة رب العمل الذي يتحكم فيه وفي مصيره”.

وبخصوص معالجته مفهوم “العبودية” في شكلها الفلسفي والعميق بمقاربة بسيطة، أكد المتحدث ذاته: “تعلمت من كتاب “الأفكار والأسلوب” أن وضوح الأسلوب يكمن في وضوح الفكرة. كلما كانت لديك فكرة واضحة في ذهنك ستعبر عنها بسلاسة وسهولة، أما إذا كانت لديك فكرة مضببة فلن تُعبر عنها إلا بشكل مدبر”.

وأضاف في السياق ذاته: “في بعض الأحيان نجد بعض المخرجين يختارون مواضيع أكبر منهم دون أن يفهموا عمقها، ما يقوده إلى صناعة فيلم بمطبات فيها صعود ونزول”.

وأكد الجوهري أنه يكتب سيناريوهات الأفلام التي أشتغل عليها بنفسه، مردفا: “أكتب ما أؤمن به وما أفهمه وما أعرفه، وحاولت أن أضع موضوع الفيلم رغم عمقه في قالب بسيط بخاتمة واضحة تفيد بضرورة التمسك بالحب والخير، وبأن ملخص الحب والخير هما المرأة.

بدوره سعد موفق أكد أنه بذل مجهودا كبيرا في استيعاب الشخصية، وفهم خطابها الذي وصفه بـ”الثقيل”، حتى يتمكن من نقل أفكارها إلى المشاهد.

وأضاف موفق في تصريحه للجريدة أنه يختلف مع شخصية إبراهيم في طريقة تفكيره بشأن الحياة، وتفكيره الوجودي وعلاقته بالله، مشددا على أنه “كسعد ألجأ إلى الله في حالة الضيق،بخلاف إبراهيم الذي فقد الإيمان بالله، وربما إيمانه سيعود بعدما يستقر نفسيا”.

وعن مشاركته في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، قال سعد موفق: “أشارك في هذا المهرجان أول مرة عبر فيلمي السينمائي الأول، وأعتبره عرست سينمائيا وفرصة لمشاهدة أعمالنا السينمائية التي نفتخر بها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News