سياسة

غموض مصير لاسامير يُثير الشكوك والمعارضة تلقي حجرا ثقيلا في مياه التدبير الحكومي

غموض مصير لاسامير يُثير الشكوك والمعارضة تلقي حجرا ثقيلا في مياه التدبير الحكومي

ألقى حزب التقدم والاشتراكية بحجر ثقيل في ملف تدبير مصفاة لاسامير، الذي بات يلفه غموض كبير في أعقاب توقف النقاش عنه من طرف الدوائر الحكومية، مطالبا بإعادة الملف إلى طاولة النقاش العمومي للوقوف عند الجدوى الاقتصادية والاجتماعية والمالية من صناعة تكرير البترول، مع كل ما يرتبط به فيما يتعلق بوضعية المصفاة التي لطالما لعبت أدواراً أساسية في تعزيز الأمن الطاقي بالمملكة.

ودعا رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب الحكومة إلى الخروج عن صمتها والكشف عن وجود ترابطات بين وضعية شركة لاسامير وشبهات التفاهمات غير المشروعة في أسعار المحروقات منذ تحرير أسعارها، وسُبُل إخراج شركة لاسامير من وضعية الجمود الحالية ذات الأبعاد المتعددة، ومنها البُعد القانوني والبعد القضائي.

ونبه حموني ضمن لقاء دراسي بمجلس النواب حول المحروقات، إلى تقديم مقترحيْ قانون لهما صلة بالأهمية الاستراتيجية لصناعة تكرير البترول في تعزيز الأمن الطاقي ومعالجة اختلالات سوق المحروقات، ويتعلق الأمر بمقترح قانون حول تنظيم أسعار المحروقات، ومقترح قانون حول تفويت أصول الشركة المغربية لصناعة التكرير “سامير” لحساب الدولة.

غياب الإرادة

وأضاف أن فريقه النيابي بادر إلى تقديم عدد من المقترحات البرلمانية من باب المسؤولية الوطنية وفق الآليات الدستورية المتاحة آخرها تشكيل لجنة تقصي الحقائق بشأن ملف الغاز الروسي، لكن هذا الطلب لم يتم التعامل معه بالإيجاب، مسجلا “غياب إرادة سياسية من أجل كشف المستور بشأن ما راج عن استيراد النفط الروسي، حيث عورضت لجنة تقصي الحقائق بشدة من طرف نواب الأغلبية”.

وتابع: “نادينا بدراسة إمكانية إنشاء مصفاة أخرى وقدمنا أسئلة شفهية وكتابية وتدخلات داخل الجلسات العامة واللجن البرلمانية، لإثارة الانتباه لهذا الموضوع الذي له تأثير مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، لكن الأسف الشديد لم نلتق أي جواب من طرف الحكومة التي تواصل التعتيم على الملف”.

وأكد رئيس الفريق التقدمي، أن الحكومة تصم آذانها وتصر على تجاهل نداءاتنا على غرار مطالب عدد من الهيئات السياسية والمدنية، مع تسجيل تضارب وتناقض التصريحات الحكومية فيما يتعلق بأسعار المحروقات في ارتباط باستئناف أنشطة لاسامير.

انتظار الحلول

وتعتبر الحكومة أن مناقشة ملف لاسامير تتطلب الهدوء لأن الأمر يتعلق بمصالح كبرى للدولة ومجموعة من العاملين والاختيارات الاستراتيجية للمملكة، مؤكدة أن القرار الذي أصدرته المحكمة التجارية في وقت سابق، جاء من أجل ضمان نوع من الاستمرارية في ضمان حقوق الموظفين والمشتغلين بمصفاة لاسامير.

وأوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة والوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، أنه لمعالجة هذا الموضوع يتعين دائما استحضار أن هناك تحكيما دوليا وأن هناك مديونية، إضافة إلى وجود صعوبات مالية خارجية، مسجلا أن الحكومة منكبة على هذا الموضوع، لكن “باش نلقوا حل سريع ومباشر بجرة قلم واهم من يقول ذلك”.

وشدد المسؤول الحكومي، على أنه “لا بد من التريث وانتظار الحلول، خاصة أنه في نهاية المطاف هذه أموال إذا أردنا معالجة المشكل، فإن ذلك يتطلب أخذ إمكانيات الدولة، وتسخيرها لهذا الموضوع وهو الأمر الذي يخضع للاختيارات”.

وقال حموني “من موقعنا كمعارضة وطنية، ما كانشيروش بالحجر ولا ندعي أننا نملك الحقيقة كاملة، ولكن نطالب الحكومة بالخروج من دائرة الغموض وتنوير البرلمان ومن خلاله الرأي العام، وهل فعلا مسألة توقف تكرير البترول لها وقع على أثمنة بيع الوقود بالمغرب أم أن الحديث عن استئناف أنشطة التكرير أصبح متجاوزا؟”.

وشد حموني على تشبث حزبه المعارضة بمواقفه المبدئية لإعادة فتح المنشأة ومراجعة تدبير ملف المحروقات بصفة عامة، معتبرا أن “تعتيم” الحكومة عن الملف يطرح سؤال قدرتها السياسية والتواصلية التي تظهر عجزها في الدفاع عن مواقفها وتوجهاتها وضعف قدرتها في الترافع عن تدبير ملف لاسامير.

قرار سياسي

من جانبه، اعتبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد الله، أن استئناف نشاط لاسامير، يحتاج إلى قرار سياسي سيادي واضح من أجل أن نعلم إلى أين نسير بالنسبة للأمن الطاقي، مسجلا أن من المقومات الأساسية التي ركّز عليها المغرب عند حصوله على الاستقلال هو أن يتمكن من امتلاك قوة ضاربة على المستوى الطاقي خصوصا تدبير ملف المحروقات، حيث جاءت المبادرة من أجل إحداث شركة لاسامير لضمان السيادة الطاقية.

وشدد بنعبد الله ضمن نفس اللقاء الدراسي، الذي عرف مشاركة عددٍ من الفاعلين المؤسساتيين والسياسيين والاجتماعيين والأكاديميين، على أنه يتعين أن تمتلك الدولة أدوات من أجل أن تراقب ما يحدث على مستوى الطاقة عموما سواء تعلق الأمر بالكهرباء أو بموارد طاقية أخرى سيما في ظل وضعية لاسامير، التي لعبت دورا أساسيا سواء تعلق الأمر بتكريرها أو باستياردها أ وتوزيعها بالسوق الوطنية وما لذلك من قيمة مضافة.

وسجل أن الحكومة مطالبة بأن “تخرج لكي تقول بالواضح بأننا مجانبون للصواب وتقدم الدليل والبرهان بدل أن نستمع إلى التصريح والتصريح المضاد على هذا المستوى من قبل الحكومة، التي تصرح تارة بأن العملية انتهت وأنه لم نعد في حاجة إلى مصفاة لاسامير وتارة أخرى أن هناك نقاشا مفتوحا حول الشركة ويحتاج إلى الهدود بعيدا عن الشوشرة”.

وانتقد زعيم التقدميين أحجام الحكومة في التعبير عن إرادة واضحة من أجل استئناف أنشطة لاسامير، وتقديم التفسيرات اللازمة لذلك، معتبرا أن الغموض يطرح الكثير من الأسئلة خاصة ما يتعلق بالشفافية والمنافسة والأسعار، مع ما يقتضيه ذلك من ضرورة الفصل بين مستويات التدخل، لأنه لا يمكن أن تكون نفس الأطراف الموجودة في بداية المسلسل أن تكون في نهايته.

وخلص بنعبد الله إلى أنه “يتعين أكثر من أي وقت مضى أن تعود لاسامير إلى الإنتاج وإيجاد الحلول المناسبة وأن الدولة المغربية مطالبة ببذل مجهود أكبر على هذا المستوى لضمان سيادة لتكرير البترول، بما ما ينعكس على الأسعار الوقود على مستوى السوق الوطنية، عبر استغلال القدرات المعطلة، خاصة ونحن نعلم أن المملكة تتوفر على قدرات كفاءات وأطر إدارية قادرة على حل مثل هذه المعضلة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News