تربية وتعليم

تصنيف متدني للجامعات المغربية.. خبير يفكك الأسباب ويسائل دور الإصلاح الجامعي الجديد

تصنيف متدني للجامعات المغربية.. خبير يفكك الأسباب ويسائل دور الإصلاح الجامعي الجديد

احتلت الجامعات المغربية مراتب متدنية ضمن تصنيف مجلة “التايمز” للتعليم العالي لأفضل الجامعات برسم سنة 2024، بعد غيابه عن المراتب الألف الأولى، عكس جامعات عربية وإفريقية، مما يسائل أسباب هذا التراجع، وما إن كان الإصلاح الذي تباشره وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار سينعكس إيجابا على تحسين تصنيفها مستقبلا.

ومن بين الجامعات المغربية، حافظت جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس على ريادتها وطنيا للسنة السادسة تواليا، غير أنها جاءت ضمن الجامعات المصنفة في 1001-1200، محتلة الرتبة 1163، بينما صُنفت جامعة محمد الخامس بالرباط في الرتبة 1301.

وحول أهمية هذا التصنيف، أكد عبد الناصر الناجي، رئيس مؤسسة أماكن لجودة التربية والتعليم، أن هذا التصنيف من بين أهم التصنيفات الدولية وله سمعة عالمية، وهو من أقدم التصنيفات إلى جانب تصنيف شنغاي، وتصدر مجلة “التايمز” بالاعتماد على مجموعة من المعايير، والمغرب يشارك ضمنه منذ 2015، ومشاركة الجامعات به تبقى تطوعية.

وقال الناجي، في تصريح لجريدة “مدار21” إن الجامعات التي تستجيب لبعض المعايير الدنيا تدخل في التصنيف والتي لا تستجيب لا تصنف، موضحا أن جامعات مغربية تشارك لكنها لا تصنف، مثل الجامعة الدولية للرباط والجامعة الدولية لأكادير وجامعة الأخوين، التي لم تصنف نظرا لعدم استجابتها لمعيار البحث العلمي الأساسي بهذا التصنيف.

وأفاد بأن المجلة المصنفة تشترط أن يكون عدد البحوث المنشورة ضمن المجلات المفهرسة 1000 بحث خلال خمس سنوات، بمعدل 200 بحث سنويا، لافتا إلى أن هذا الرقم “لا تحققه جامعات مغربية مما لا يسعفها للدخول إلى هذا التصنيف”.

أسباب التصنيف المتدني

وحول تصنيف “التايمز” الأخير لاحظ الخبير التربوي بأن الجامعات المغربية تصنف ما بعد الألف، رغم أنها كانت في بعض السنوات ما بين 600 إلى 700، غير أنها تراجعت في السنوات الأخيرة نظرا لعدد الجامعات المشاركة والتي تجاوزت 2000 جامعة.

وسجل الناجي أنه من بين الأمور الإيجابية هذه السنة هو “دخول 11 جامعة عمومية لهذا التصنيف، وبقيت فقط جامعة ابن زهر بأكادير التي لم تدخل التصنيف، وهذا مؤشر إيجابي على أن الجامعات المغربية يمكن أن تكون حاضرة ضمن التصنيفات الدولية، ولكن تحتاج إلى الاجتهاد أكثر، لتتقدم في التصنيف مثل جامعات عربية وإفريقية تصنف ضمن الرتب ما بين 200 و400.

وأكد أن النقط التي تحصل عليها الجامعات المغربية تبقى متدنية، ذلك أن المغرب يحصل على متوسط 22 نقطة من أصل 100، “وهو ما يجعلنا لا نصل حتى إلى المعدل الدولي المقدر في 50 نقطة”.

وأبرز أن جامعة سيدي محمد بن عبد الله يسجل لها استمرارها في الريادة الوطنية للسنة السادسة تواليا، “لكن ينبغي لها أن تجتهد خاصة في معياري التدريس وبيئة البحث”، مضيفا أنها “تجاوزت المعدل الدولي بخصوص معيار جودة البحث، وممكن أن يكون تصنيفها ضمن 600 جامعة الأولى عالميا لو أنها سجلت نفس عدد النقط في باقي المعايير”.

الاكتظاظ وضعف التمويل

وأوضح الخبير أن “معيار التدريس لا يساعد الجامعات المغربية عموما على التفوق، وذلك بسبب ضعف نسبة التأطير، نظرا للاكتظاظ الموجود بالجامعات ذات الاستقطاب المفتوح، والذي يصل تقريبا إلى 150 طالبا لكل أستاذ في حين أن الجامعات الدولية تكون بها نسبة التأطير أفضل، في حدود 40 إلى 80 طالب لكل أستاذ، وهذا لا يساعد على التأطير الجيد”.

وأشار عبد الناصر الناجي أيضا إلى “ضعف الإمكانات المالية المخصصة للبحث بالجامعات المغربية، وعدم توجيهها للبحث الفعال المساعد على الحضور دوليا، الذي يتم من الاقتباسات والاستشهادات، هذه الأخيرة التي تكون فقط عند البحوث التي لها قيمة على المستوى الدولي”.

وتأسف الناجي لعدم توفر المغرب على سياسة واضحة لتوزيع الموارد المالية، التي هي أصلا ضئيلة، لتوجيهها نحو مجالات البحث ذات الأولوية، مضيفا أن جميع مختبرات البحث تكاد تكون على نفس المستوى، مما لا يساعد على تطوير البحث العلمي داخل هذ الجامعات”.

بعد البحوث عن “الصناعة”

وتابع الخبير ذاته أن “هناك معيار آخر ضعيف بالنسبة للمغرب، وهو معيار الصناعة، الذي يهتم بالعلاقة ما بين الجامعة والمحيط الاقتصادي ومدى استفادة هذا الأخير من الجامعة، خاصة من خلال الكفاءات الجامعية وأيضا البحوث وبراءات الاختراع التي تنتجها الجامعات في هذه المجالات”.

وفي هذا الصدد، يشير الناجي إلى ترتيب أول جامعة مغربية بالنسبة للدول التي يمكن اعتبارها اقتصاديا مثل المغرب أو أقل منه، يعكس مدى التأخر الموجود في الجامعات المغربية.

ودعا رئيس مؤسسة أماكن إلى ضرورة “التركيز على هذه التصنيفات للاستفادة من الدروس التي تقدمها وتحليل هذه النتائج، وأن لا نظل فقط متفرجين أو ألا يكون تحليل عميق لهذه النتائج، لمعرفة نقط الضعف والقوة بهذه الجامعات لنتحسن كل سنة ونرتقي ضمن التصنيفات العالمية”.

الإصلاح الجديد

وبخصوص ما إن كان الإصلاح الجديد التي تباشره وزارة التعليم العالي يمكن أن يحسن هذه التصنيفات، تساءل الناجي حول ما إذا كانت الوزارة تقوم بتحليل هذه النتائج لمعرفة نقاط الضعف وبالتالي بناء الإصلاحات على ضوئها.

وأوضح أن ربط الإصلاح بالمعايير التي تعتمد عليها التصنيفات، يؤكد “استمرار مشكل التأطير، ومشكل البحث العلمي وتمويله والرفع منه، رغم وجود نقطة إيجابية ضمن الإصلاح الذي يمكن أن يرفع من تصنيف المغرب خاصة معيار بيئة البحث وجودته، وهي المتعلقة بما أسمته الوزارة الأقطاب الموضوعاتية للبحث”.

وأفاد أن هذه الأقطاب “لو تم الاشتغال عليها بالجدية المطلوبة يمكن أن تساهم في تطوير أقطاب للبحث بالجامعة المغربية موجهة نحو أولويات البحث، إذ يمكن أن يكون لهذا الأخير وقع وتأثير أكبر ما يمكن ان يرفع النقاط لتكون أفضل”.

ولفت الخبير إلى أنه من بين الأمور التي يمكن أن لا تكون مساعدة على الرقي أكثر بالجامعات هي تركيز هذا الإصلاح على سمي بمهارات القوة واللغات على حساب الكفايات التخصصية، مما سيؤثر على فعالية وكفاءة خريجي الجامعات المغربية في مجال تخصصهم، مما سينعكس على مردوديتهم البحثية وعلى نشر بحوثهم في المجلات المفهرسة والمتخصصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News