سياسة

هل أثر الجمع بين المنصب الوزاري وتدبير الشأن المحلي على إدارة أزمة الزلزال؟

هل أثر الجمع بين المنصب الوزاري وتدبير الشأن المحلي على إدارة أزمة الزلزال؟

من النقاشات القانونية والسياسية التي أعاد زلزال الحوز طرحها من جديد، مسألة الجمع بين المنصب الوزاري وتدبير الشأن العام على مستوى الجماعات الترابية، خاصة مع الملاحظات التي أثيرت بخصوص حضور فاعلين سياسيين على مستوى تدبير كارثة الزلزال، خاصة مع تحملهم مسؤولية حقائق وزارية.

ومن بين الأقاليم التي ضربها الزلزال، وخلف بها خسائر بشرية ومادية هائلة، توجد كل من جماعة تارودانت التي يرأسها مجلسها الجماعي عبد اللطيف وهبي الذي يشغل كذلك مهمة وزير العدل، إضافة إلى عمدة مدينة مراكش فاطمة الزهراء المنصوري التي تحمل هي الأخرى حقيبة وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة.

وبغض النظر عن الحضور المتفاوت الذي بصم عليه الوزيران خلال تدبير كارثة الزلزال، إلا أن الفاجعة أعادت نقاش توسيع حالات التنافي بين المسؤولية الحكومية ورئاسة الجماعات الترابية، لا سيما وأن تأثير الجمع بين المسؤوليتين لا يمكن حجبه، سواء تعلق الأمر بالأوقات العادية وما تطرحه من رهانات تنموية أو في أوقات الأزمة.

في هذا الصدد يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، الحبيب استاتي زين الدين، أن “التأثير وارد، وبالقدر نفسه إمكانية النجاح في الجمع بينهما واردة، وإلا لما وُصفت السياسة بأنها فن تدبير الممكن إذا ارتبطت على نحو وثيق بمبادئ الحكامة.

وقبل حسم مسألة التأثير، أشار استاتي في تصريح لجريدة “مدار21” أنه “قانونيا، فُوّتت الفرصة عام 2015، وتحديدا أثناء إعداد مشاريع القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية، لتوسيع حالات التنافي لتشمل المسؤولية الحكومية ورئاسة الجماعات لاعتبارات حزبية ضيقة رجحتها الأغلبية الحكومية آنذاك على ما ينبغي أن يكون”.

وتابع “لن أضيف جديدا إذ ذكرت بأن المادة 15 من القانون التنظيمي 113.14 الخاص بالجماعات لم تقض بتنافي -كما كان منتظرا- مهام رئيس مجلس الجماعة مع المسؤولية الحكومية. لكن عمليا وأخلاقيا ثانيا، وخصوصا إذا استحضرنا إكراهات المسؤوليتين والوقت الذي يتطلبانه للوفاء بالتزاماتهما، لن نجد ربما أفضل من التفرغ التام لأحدهما حلا ضروريا لتعزيز الثقة في الممارسة السياسية حاضرا ومستقبلا”.

وأضاف أنه “بين المسألتين، وبصرف النظر عن خصوصيات إدارة الكوارث والأزمات كما هو الشأن بالنسبة لحالة الزلزال وقبله حالة الطوارئ الصحية بسبب فيروس كورونا، تظل جدلية الجمع بين المسؤوليات قائمة في الحالات العادية والاستثنائية”.

وأبرز أستاذ العلوم السياسية أن “الفارق البارز بينهما، وهذه من ميزات النظام السياسي المغربي، أنه في الحالات الطارئة بشكل خاص تتموضع المؤسسة الملكية بحمولتها التاريخية والدستورية والدينية في قلب الفضاء العمومي، مجسدة ومؤكدة وحدة الدولة وسيادتها، ووفي الوقت ذاته فعلية القرار العمومي وشموليته، وأيضا قاطعة الطريق أمام تجار الأزمات وأيّ توظيف أو استغلال سياسي للتضامن والمساعدات”.

وأكد استاتي أن “هذا التموضع والدروس المستخصلة منه-على اختلاف مستوياتها- قد يرجئ التساؤل مؤقتا عن حدود الجمع بين المسؤوليات إلى حين جبر الأضرار النفسية والمادية لضحايا هذه الفاجعة، لكنه لن يحجب على الدوام، بغض النظر عن بعض المبادرات المتخذة من قبل المسؤولين الجماعيين المعنيين، ضرورة التفكير الجاد والمسؤول في إقرار التنافي في الحالة قيد الإشارة”.

ولفت المتحدث ذاته إلى ضرورة هذا التفكير على “اعتبار أيضا جسامة مسؤولية تسيير الجماعات، والاختصاصات التي أصبحت موكولة لها، والتي تستلزم تفرغا تاما وحكامة تتلاءم والمبادئ المنصوص عليها في الدستور والقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News