إعادة الإعمار.. مبادرة ملكية بعد زالزال الحوز بدفتر تحملات واحترام هندسي للمنطقة

في وقت تتواصل فيه الجهود لاسترجاع بعض من مظاهر الحياة العادية بالمناطق التي ضربها الزلزال الذي خلف آلاف الضحايا من الموتى والمصابين، يتجه التركيز نحو عملية إعادة الإعمار على خلفية هذه الفاجعة، حيث ترأس الملك محمد السادس، يوم الخميس 14 شتنبر الجاري، اجتماع عمل لتفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا.
هذه الخطوة تم استشعار أثرها عبر المملكة، حيث لاقت استحسان المتضررين وعامة الشعب على حد سواء، الذين رأوا فيها تذكيرا بالعناية المولوية التي يوليها الملك محمد السادس لرعاياه.
ويدخل هذا الاجتماع ضمن استمرارية التعليمات الملكية التي أعقبت الهزة الأرضية والتي حرصت على تعبئة كافة الإمكانيات ليتم إنقاذ ومساعدة الأسر والأفراد المتضررين. وقد خصص هذا الاجتماع من أجل إعطاء الانطلاقة لبرنامج إعادة الإيواء الذي يهم المساكن التي انهارت كليا أو جزئيا بالأقاليم المتضررة، إضافة إلى مبادرة للإيواء المؤقت تأخذ بعين الاعتبار الظروف المناخية المرتقبة.
ويرتكز البرامج متعددة الأبعاد “على أساس دفتر للتحملات، وبإشراف تقني وهندسي بانسجام مع تراث المنطقة والذي يحترم الخصائص المعمارية المتفردة،” ولن تقتصر على إصلاح الأضرار التي خلفها الزلزال فقط، بل ستروم أيضا إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة بشكل عام.
وقد أكد الملك في هذا الاجتماع تعليماته بأن تكون الاستجابة سريعة وناجعة واستباقية مع الحرص على احترام كرامة الساكنة.
وفي هذا الصدد، أولى العاهل المغربي أهمية كبرى أيضا لموضوع الأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم جراء الزلزال، حيث أعطى أوامره بإحصاء هؤلاء الأطفال ومنحهم صفة مكفولي الأمة.
هذا الاجتماع وغيره من الجهود التي تم تسخيرها ومنذ الساعات الأولى التي أعقبت الزلزال، شاهد على قدرة المغرب بجميع مكوناته على الصمود في وجه الأزمات وتجاوزها، بفضل القيادة الرشيدة والمتبصرة للملك، وتلاحم جميع مكونات المملكة.
ومن المسلم به اليوم، بعد الدمار الذي خلفه “زلزال الحوز”، أن إجراءات إعادة الإعمار يجب أن تراعي إجراءات عديدة لتحسين مقاومة المباني للهزات الأرضية، سيما المباني المرتكزة في عملية البناء على مواد مثل الطين والقش والطوب والخشب، وذلك بوضع تصاميم بناء تراعي الكوارث الطبيعية الممكن أن تضرب المنطقة على غرار الزلازل والفيضانات والرياح القوية.
ويؤكد خبراء ضرورة تعزيز المباني بهيكل مصنوع من مواد مرنة مثل الخيزران أو الفولاذ القادر على الانحناء بشكل كبير قبل أن يتحطم، ما يمنح المباني قدرة كبيرة على مقاومة اهتزاز الأرض، علما أن العديد من الدول المعروفة بالنشاط الزلزالي الكثيف، على غرار اليابان، تعتمد الفولاذ في البناء لقدرته على الصمود أمام الزلازل القوية.
خطة الإعمار تحتاج تمويلا، لذلك طفت إلى السطح تساؤلات في الفترة الأخيرة حول تكلفة خطة بناء المنازل والمباني المدمرة وترميم المنهارة منها بشكل جزئي. وأعلن الملك محمد السادس عن عن إحداث الصندوق رقم 126 الخاص بتدبير الآثار المترتبة عن الزلزال، وشهد تبرع العاهل المغربي بـ100 مليار سنتيم، قبل أن تتوالى التبرعات من مختلف المؤسسات الحكومية وبالقطاع الخاص.
وأوضح بلاغ للديوان الملكي الخميس الماضي أن البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من زلزال الحوز سيعبئ أساسا الوسائل المالية الخاصة للدولة والمؤسسات العمومية، وسيكون أيضا مفتوحا للمساهمات الواردة من الفاعلين الخواص والجمعويين، وكذا الدول الشقيقة والصديقة، التي ترغب في ذلك.
ومن المؤكد أن تكون خطة إعادة الإعمار مرتكزة على نوع جديد من المباني والمنازل يحترم المرسوم الضابط لـ”البناء المضاد للزلازل المطبق على المباني المنجزة بالطين”، الذي يلزم المهندسين والتقنيين المكلفين بتصميم البنايات الطينية وفق ضوابط تراعي مقاومة الزلازل.
ومنع المرسوم رقم 2.12.666، الذي يهدف إلى تحسين فعالية البنايات المنجزة بالطين تجاه الزلازل لتأمين سلامة المواطنين والممتلكات عند حدوث هزة أرضية وضمان استمرارية الخدمات الأساسية، تشييد المباني بالطين على أراض رخوة، أو قابلة للتمدد، أو في مستنقعات معرضة للفيضانات، أو معرضة لخطر الانزلاق، أو عند وجود مياه جوفية سطحية أو على مسافة تقلّ عن كيلومترين من تصدعات جيولوجية نشطة معروفة.