مجتمع

حقوقيون ينتقدون تبرير الجزائر  قتلها مغاربة: “رواية مهزوزة ومضللة لتجنب المساءلة الدوليةّ”

حقوقيون ينتقدون تبرير الجزائر  قتلها مغاربة: “رواية مهزوزة ومضللة لتجنب المساءلة الدوليةّ”

لم تكتف الجزائر فقط بتسخير قواتها البحرية لإطلاق الرصاص الحي وقتل مغربيين والحكم على ثالث بالسجن 18 شهرا بعد دخولهم عن طريق الخطأ إلى مياهها الإقليمية، بل خرجت بعد صمت دام أياما برواية “مهزوزة ومضللة” للتغطية على جريمة بشعة بكل المعايير الدولية، ما دفع حقوقيين إلى الرد عليها وكشف تناقضاتها.

ويرى المحام والحقوقي محمد الغلوسي أن تأليف نظام العسكر الجزائرية لرواية مضللة، بعد سكوت طويل، لتبرير مقتل شابين على يد ضباط البحرية الجزائرية، حدث “بعدما تبين له أن ما أقدم عليه يشكل خرقا سافرا وانتهاكا واضحا  لكل القوانين والأعراف الدولية”.

وأفاد الغلوسي، في تدوينى على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك)، أن النظام الجزائري ولكي يضفي “صبغة الشرعية على سلوك وفعل إجرامي متكامل الأركان، واستباقا منه لأية مساءلة دولية محتملة وتجنب ردود الأفعال المنددة بهذا السلوك الأرعن، فإنه عمد إلى توليف رواية مهزوزة صاغتها وزارة الدفاع الجزائرية تفيد من خلالها “أن قواتها البحرية وجهت تحذيرا وإنذارا لهؤلاء الشباب الذين لم يعيروا  أي اهتمام لذلك بل وأنهم قاموا بمناورات خطيرة ..”.

ووصف المحام هذه الرواية بأنها “مضللة ومتهافتة تسعى إلى تبرير الجريمة وتوفير الحماية للجناة وبناء أدلة مفبركة”، مشددا على أنها “رواية تحمل في صلبها أسباب انهيارها، ذلك أن هناك ناج من الحادث حكى بتفصيل ما وقع لرفاقه، في تصريحات منسجمة وعفوية توضح وجود نية مبيتة للإنتقام من شبان عزل دون أن يشكلوا أية خطورة”.

وتابع المتحدث نفسه أن “ما يفيد أيضا أن الرواية مفبركة وتهدف إلى طمس الحقيقة وتبييض سلوك إجرامي، خلافا للإدعاءات المزيفة لعسكر الجزائر، هو ارتكابه في أوقات سابقة لأفعال مماثلة وبشكل متواتر، كما أن استعمال الشباب لوسيلة “جيتسكي” وظهورهم بملابس السباحة وعدم حملهم لأي سلاح وبوجوه مكشوفة وقبل غروب الشمس تفيد أن الأمر لا يتعلق بأي هجوم أو عمل يمكن أن يشكل خطورة ما”.

وأكد الحقوقي نفسه أن “رواية وزارة الدفاع الجزائرية لم تصدر إلا بعد تفكير عميق وحبك سيناريو إخراجها من أجل إضفاء الشرعية على جريمة نكراء”، مشيرا إلى أنه “حتى نظرية الدفاع الشرعي لايمكن أن تسعف عسكر الجزائر في هذه الحالة لكون الأمر لا يتعلق بأي هجوم وإنما بحالة تيه شباب وسط البحر”.

وواصل محمد الغلوسي تعرية رواية الجزائر موضحا أن “هؤلاء الشباب لا يحملون أي سلاح يمكن أن يشكل خطرا على البحرية الجزائرية مما يجعل التناسب منعدم بين شباب مسالم وضباط جزائريين مسلحين ونصبح بذلك أمام عمل إجرامي يتطلب المساءلة القانونية ومعاقبة الجناة حتى لاتتكرر مثل هذه الحوادث المأساوية”.

وتكشف تصريحات أحد الناجين من الرصاص الجزائري وأخ الشاب المتوفي زيف الرواية الجزائرية حول الفاجعة.

وقالت وزارة الدفاع الوطني الجزائرية أنه “خلال دورية تأمين ومراقبة بمياهنا الإقليمية، اعترضت وحدة من حرس السواحل تابعة للواجهة البحرية الغربية بالناحية العسكرية الثانية أمسية يوم الثلاثاء 29 أوت 2023، في حدود الساعة 19:47، ثلاثة (03) دراجات مائية قامت باختراق مياهنا الإقليمية”.

وأضافت الوزارة أنه “بعد إطلاق تحذير صوتي وأمرهم بالتوقف عدة مرات، الذي قوبل بالرفض بل وقيام أصحاب الدراجات المائية بمناورات خطـيرة”، وهي الرواية التي سبق أن فندتها رواية الناجي من الفاجعة.

وتابعت أنه “بالنظر إلى أن هذه المنطقة البحرية الحدودية تعرف نشاطا مكثفا لعصابات تهريب المخـدرات والجريمة المنظمة، وأمام تعنت أصحاب هذه الدراجات المائية قام أفراد حرس السواحل بإطلاق عيارات نارية تحذيرية وبعد عدة محاولات تم اللجوء إلى إطلاق النار على دراجة مائية مما أدى إلى توقف سائقها، فيما قام الآخران بالفرار”.

وأدان المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في بلاغ صحفي، “استعمال الرصاص الحي من طرف قوات خفر السواحل الجزائرية بالمياه الإقليمية الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط، تجاه مواطنين مغاربة عزل، عوض المبادرة، كما هو متعارف عليه عالميا، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم، في انتهاك جسيم للمعايير الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.

وتساءل المجلس عن أسباب “لجوء السلطات البحرية الجزائرية إلى استخدام الرصاص والذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين، لا يشكلون أي خطر أو تهديد وشيك للحياة”، مؤكدا أن ما تعرض له الضحايا “يعد انتهاكاً جسيما لحقوق الإنسان وحرماناً تعسفياً من الحق في الحياة، وهو حق مطلق، يتوجب حمايته، مهما كانت الظروف والأسباب والملابسات والحيثيات، خاصة أن الضحايا كانوا في خط حدودي غير واضح، وفي منطقة بحرية غير متنازع عليها”.

وعدّ المصدر ذاته أن الفعل الذي ارتكبته قوات خفر السواحل الجزائرية “انتهاك خطير للمعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار لا سيما منها، مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر المعتمدة، فاتح نونبر سنة 1974 والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار المعتمدة في 27 أبريل 1979 كما تم تعديلها في 2004 وخاصة الفصول 1 و 2 و3 من مرفق هذه الاتفاقية، فضلا عن خرقها الصريح للمادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المعتمدة في 10 دجنبر 1982”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News