تربية وتعليم

الانتقادات تطارد الميراوي بسبب المسالك الجديدة وغياب التواصل وإغفال المشاكل الحقيقية للجامعة

الانتقادات تطارد الميراوي بسبب المسالك الجديدة وغياب التواصل وإغفال المشاكل الحقيقية للجامعة

تتواصل الانتقادات لمضامين الإصلاح الجديد الذي يباشر عبد اللطيف الميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، تنزيله خلال الدخول الجامعي الحالي، وأبرزها ما يتعلق بإغفال مشاكل الجامعة، والارتباك الذي يطرحه تنزيل الإصلاح دون تواصل وفي غياب ملاءمة التخصصات مع سوق الشغل.

وفي هذا السياق أوضح أمين السعيد أستاذ القانون الدستوري بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار تعتزم إصلاح منظومات أسلاك الإجازة والماستر والدكتوراه، ما جعل الدخول الجامعي الحالي يواجه العديد من التحديات المرتبطة بإصلاح دفتر الضوابط البيداغوجية لسلك الإجازة الذي هم مجموعة من النقاط دون أن يراعي المشاكل الرئيسية التي تعاني منها الجامعة العمومية.

وأثار أمين السعيد، في حوار مصور مع جريدة “مدار21″، ما جاء به الإصلاح الجديد من حدف للإجازة المهنية وتغييرها بإجازة التميز، موضحا أن “هذا التغيير يهم فقط التسمية وليس المضمون، ذلك أن الإجازتين معا تعتمدان مسطرة الانتقاء نفسها؛ المتعلقة بالانتقاء الأولي ثم الاختبار الكتابي والشفوي، ما يطرح غياب تغيير حقيقي على مستوى المضمون”.

خطأ إلغاء البحث والتخصصات الجديدة

وأبرز السعيد أن الإصلاح المتعلق بإلغاء مشروع البحث لنهاية التخرج “PFE” فيه مشاكل، “أولها يتعلق بأن الوزارة حافظت على بقاء المشروع بالنسبة لمؤسسات التعليم العالي الخصوصي وألغته بالنسبة للمؤسسات الجامعية التابعة للتعليم العمومية، بحجة أن نسبة التأطير الموجودة في التعليم العمومي أقل من النسبة الموجودة في القطاع الخاص”.

وحول النقطة نفسها، يشدد السعيد أن هذا الإلغاء “لم ينطلق من تقييم حقيقي”، مفيدا أن مشروع نهاية البحث “وحدة أساسية يتكون فيها الطالب وتنتج طالبا باحثا يستعد للسلك العالي، سواء على مستوى الماستر أو الدكتوراه”.

واستحضر أستاذ التعليم العالي نفسه خطورة انطلاق التخصص بالجامعات مع حصول التلميذ على شهادة البكالوريا وارتباطها بأزمة التوجيه بالمغرب، مشيرا إلى أنه في النظام القديم كان الطالب يدرس السنة الأولى والثانية ثم يختار التخصص في السنة الثالثة، “بينما أصبح اليوم التلميذ ملزما بالاختيار منذ السنة الأولى التخصص الذي سيدرسه دون أن يعرف الخيارات ومستقبل هذه التخصصات ودون أن تكون له مرجعية صلبة لاختيار التخصص”.

واعتبر السعيد أن “مسألة اختيار التخصص منذ السنة الأولى بعد البكالوريا خطأ كبيرا لأن التلاميذ في ظل غياب التوجيه لا يعرفون التوجهات الكبرى على مستوى الكليات”، مضيفا أنه رغم قول الوزارة بأنها ستحافظ على تغيير المسارات أو التخصصات لكن هذا سيخلق إشكالات على المستوى العملي وعلى مستوى الإدارة.

الاكتظاظ وغياب العدالة

وتابع السعيد أن الإصلاح الجامعي عليه أن يمس نقطتين أساسيتين، أولها مشكلة الاكتظاظ التي تعاني من الجامعة العمومية المغربية، ذلك أنه من بين 442 مؤسسة جامعية تشمل الكليات والمعاهد والمدارس بالقطاع الخاص والقطاع العام هناك 70 مؤسسة فقط ذات الاستقطاب المفتوح، وهي تستقبل أكثر من 85 في المئة من الحاصلين على شواهد البكالوريا.

وتوقف السعيد أمام هذه الأرقام عند مسألة غياب العدالة التوزيعية، مضيفا أن 372 مؤسسة جامعية ذات الاستقطاب المحدود تستقبل فقط 15 في المئة من التلاميذ، متسائلا حول كيفية الحصول على تعليم ذي جودة داخل مؤسسات الاستقطاب المفتوح في ظل معاناة الاكتظاظ.

وأشار في السياق نفسه إلى أن كلية الحقوق بفاس وصل عدد الطلبة المسجلين بها سنة 2023 إلى ما يناهز 40 ألف طالب، ولكن إذا تم مقارنتها مع المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير سطات ذات الاستقطاب المحدود فهي تضم 4 ألاف طالب وتتوفر على بنية إدارية قوية وتمويل كبير وعدد مهم من الأساتذة ونسبة قليلة من التأطير، ولذلك لا يمكن أن يكون المنتوج نفسه.

وأوضح في السياق ذاته أن كليات الحقوق والآداب تستقطب جيوش كبيرة من التلاميذ، في حين أن نسبة الأساتذة قليلة والتمويل ضعيف وكذلك البنية الإدارية والمدرجات، مضيفا أنه لا يمكن تطبيق إصلاح في ظل ظاهرة الاكتظاظ وغياب العدالة على مستوى الخريطة الجامعية.

عدم مراعاة سوق الشغل

وبخصوص الإشكال الثاني الذي يواجهه إصلاح دفتر الضوابط البيداغوجية لسلك الإجازة، أفاد السعيد أنه أعطى تخصصات جديدة، مستحضرا أنه على مستوى كليات الحقوق مثلا هناك أربع تخصصات ثابتة، اثنان منها على مستوى القانون الخاص وهي تهم المهن القانونية والقضائية وقانون المال والأعمال، وعلى مستوى القانون العام هناك الدراسات الإدارية والمالية وتخصص الدراسات السياسية والمالية.

وتساءل حول ما إن كانت هذه التخصصات بناء على قراءة لسوق الشغل، لأنه قبل بناء التخصصات ينبغي النظر إلى القطاعات الوزارية الموجودة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وغيرها من مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص لتشخيص حاجياتها فيما يتعلق بكليات الحقوق، وأن يتم بناء على الحاجيات التقرير في التخصصات، وهذا ما ينسجم مع روح النموذج التنموي الجديد، وما قيل على كليات الحقوق يقال عن كليات الآداب، يشدد أمين السعيد.

وتأسف المتحدث نفسه لرسم وزارة التعليم العالي والبحث هذه التخصصات الجديدة بدون أي ملاءمة أو مواءمة مع حاجيات سوق الشغل.

انعدام التواصل

وأثار أستاذ التعليم العالي نفسه إشكالية غياب التواصل من طرف الوزارة والجامعات حول مقتضيات الإصلاح الجديد، مؤكدا أنه “حينما يغيب التوجيه ويغيب التواصل فالنتيجة ستكون سلبية”، مضيفا أنه بغض النظر عن ملاحظات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول هذا الإصلاح وملاحظات بعض الأساتذة، فإن هذا الإصلاح بسلبياته سيتم تطبيقه بدون تواصل.

وقال السعيد أن منصات التواصل الاجتماعي اليوم تعج بالمغالطات حول الدخول الجامعي المقبل، مسجلا أن الطلبة لا يعرفون التخصصات وهناك من يعتقد أن إجازة التميز ستذهب بخريجيها مباشرة إلى سوق الشغل وأن الامتحان بالنسبة لسلك الماستر سيتم إلغاؤه، مضيفا أن الوزارة كان عليها أن تبدل مجهود تواصلي أكبر وأن يكون تواصل أكبر على مستوى الجامعات.

وأفاد في هذا الإطار أن هناك أساتذة جامعيين تطرح عيلهم أسئلة دون أن يجدوا لها أجوبة، ومنها ما إن كان الطلبة الذين يدرسون في السنة الثانية سيطبق عليهم النظام الجديد أم النظام القديم، مؤكدا أن غياب التواصل يطرح مشاكل كبيرة، مشددا كذلك على أهمية التوجيه.

تكرار أخطاء “البكالوريوس”

وأفاد أمين السعيد أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار تكرر نفس أخطاء نظام البكالوريوس السابق، وذلك لغياب مقاربة تشاركية حقيقية باستثناء بعض اللقاءات التشاورية، مضيفا أن الأمر يتطلب مقاربة تشاركية حقيقية يكون فيها الطالب الذي هو محور الإصلاح وتضم كذلك الأساتذة وجمعيات الأباء والأساتذة والقطاع الخاص.

وسجل السعيد أن هناك سرعة في تنزيل هذا الإصلاح ولا نعرف رهانات الوزارة من خلال هذا تسريع هذا الإصلاح الذي يحتاج إلى حوار عمومي واسع وكبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News