فن

خبير نفسي وفنانان يناقشون اقتحام مشاهير “السوشل ميديا” لعالم الفن

خبير نفسي وفنانان يناقشون اقتحام مشاهير “السوشل ميديا” لعالم الفن

طفت على السطح، في الآونة الأخيرة، ظاهرة اقتحام ثلة من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، مجال الغناء، من خلال طرح مجموعة من الأغاني على قنواتهم الخاصة على موقع رفع الفيديوهات يوتيوب.

وتلقى العديد من هؤلاء سيلا من الانتقادات، من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ويصل الأمر إلى حد السخرية منهم، حيث إنهم، وفق قولهم، يفتقدون لمقومات الغناء وشروطه، من قبيل انتقاء الكلمات والألحان المتميزة، بالإضافة إلى الصوت الجيد.

شهرة مؤقتة

وللخوض في هذا الشأن، لا بد من الرجوع إلى أهل الميدان. وهذا الصدد، تواصلت جريدة مدار21 مع الفنان المغربي محمد الغاوي لاستقاء رأيه في الموضوع، حيث إنه قال “إن الشيء الوحيد الذي لا يقبل المجاملة ولا تستخدم فيه لغة الخشب والوساطة هو الفن، شأنه شأن مجال الرياضة، فالذي يمتلك الموهبة والمؤهلات، التي تخوله الدخول إلى المجال الفني يحتضنه الجمهور ويشجعه، والذي لا يستوفي الشروط الأساسية لا يمكنه تأسيس قاعدة جماهرية”.

وأوضح الغاوي، في اتصال هاتفي مع جريدة مدار21: “أعتقد أن الأشخاص الذين يقتحمون المجال الفني من أجل الشهرة فقط وبدون موهبة، يصنعون شهرة مؤقتة، سرعان ما تنتهي وتزول لأن الكلمة الفاصلة تبقى للجمهور”، مشيرا إلى أن “الجمهور ذواق ومتتبع ومهتم، يميز بين ما هو جيد وما هو رديئ، وبالتالي لا يمكن لأي شخص أن يقتحم المجال الفني بدون موهبة ومؤهلات ومواصفات تضعه ضمن قائمة الفنانين”.

وحول حصول هؤلاء الأشخاص على عدد مشاهدات عالية في مواقع التواصل الاجتماعي، أرجع الغاوي ذلك إلى شراء نسب المشاهدات، واصفا إيها بـ”العملية المفضوحة”، إذ إن أي شخص أراد الآن الحصول على ملايين المشاهدات يكفيه أن يدفع أموالا مقابل ذلك، فأصبحت بذلك المسألة تجارية، مبرزا أنه لا بد وأن يترك الأمر للجمهور، لأن النجاح الحقيقي لا تعكسه الأرقام بل يكون طواعية، دون تزوير المشاهدات، ولكن عموما يمكن القول إن البقاء للأصلح، والجمهور المغربي يميز بين الصالح من الطالح، يضيف الغاوي.

أغاني تافهة

وفي السياق نفسه، عد الفنان الشعبي عبد العزيز الستاتي أغاني بعض هؤلاء “تفاهة” هدفها، حسب رأيه، خلق الحدث من أجل ” البوز” وتحقيق الربح المادي فقط، حيث إنها تمس بالمجتمع لتضمنها على كلمات “نابية” لا يمكن الاستماع إليها وسط العائلة، مشيرا إلى أن هؤلاء الذين يقتحمون مجال الغناء يشكلون خطورة كبيرة على المجتمع، لأنها تستهدف القاصرين وتستغلهم وتشجعهم على تعاطي المخدرات والقيام بالممارسات غير القانونية”

وأضاف الستاتي أن بعض هذه الأغاني يشكل أيضا تحريضا صريحا ومباشرا على ارتكاب أفعال إجرامية داخل المجتمع الذي نسعى إلى بنائه وإنتاج أبناء صالحين يحملون المشعل ويقودون المغرب نحو الازدهار، مؤكدا ضرورة تدخل الجهات المعنية لتوقيف هؤلاء الأشخاص الدخلاء ومنعهم من اقتحام هذا المجال، الذي يجهلون قواعده الأساسية.

شهرة يغذيها الفضول

ولمعرفة رأي الطب النفسي في هوس بعض المشاهير بـ”السوشل ميديا”، تواصلنا مع الأخصائي والمعالج النفسي فيصل طهاري، الذي تساءل قائلا: “لا ندري بالفعل هل هم مشاهير أم لا؟، فالجميع أصبح يبحث عن الشهرة ويسعى إليها، حتى وإن كانت سلبية وبسلوكات ربما لا تليق بمجتمعنا وأخلاقنا، حيث إن هذا الهوس مادي، لأن المشاهدات وعدد المتابعات كلها لها مردودية مادية يسعى إليها هؤلاء الأشخاص”.

وحسب طهاري، فإن هذا السلوك هو وظيفة الانسان الكسول، الذي لا يريد العمل والاجتهاد أو الدراسة فيلجأ إلى الربح السريع، إذ يعتقد البعض أن مشاركتهم لحياتهم الخاصة أو بث فيديوهات مثيرة جدا، كظاهرة روتيني اليومي على سبيل المثال، فنجد نساء أنشأن قنوات في اليوتيوب بدون محتوى هادف، بل بغاية استعراض أجسامهن وإظهار مناطق حساسة في أجسادهن، مشيرا إلى أن هذا يدخل في إطار ما سماه “الدعارة الرقمية”، ويظهر بشكلي جلي أن الإشكال مادي، وأن الهدف هو البحث عن الربح السريع.

وأكد المتحدث نفسه، أن من يعرض جسمه أو خصوصيته على مواقع التواصل الاجتماعي فقط ليرفع من عدد المشاهدات، يعطينا استنتاجا واحدا يفيد بأن هؤلاء الأشخاص ليسوا أسوياء في نفوسهم وغير متوازنين في شخصياتهم.

وعن انتقاد المغاربة لهاته المحتويات، وفي الوقت نفسه حصولها على مشاهدات عالية، قال طهاري: “للأسف هو فخ يقع فيه الكثير من الشباب، ربما الفضول الذي يقودهم للمشاهدة، فنجد فيديوهات مخلة بالحياء وتافهة جدا تحصد آلاف المشاهدات ومثلها من التعليقات”.

واختتم طهاري حديثه قائلا: “مع الأسف حتى بعض العقلاء من الذين كنا نحسبهم فنانين، التحقوا بهذه الموجة وأصبحوا يخلقون أخبارا زائفة فقط من أجل الترويج لأعمالهم أو لشخصهم حتى لا ينساهم الجمهور، فوجدنا فنانا ينشر خبر وفاته بنفسه من باب الإشاعة لكي تسلط عليه الأضواء، وهذا يدخل كله ضمن سيكولوجية الجماهير أو ما يحبه المشاهد، فيتم إشباع رغباتهم ويكون بذلك تخليا كليا عن منظومة القيم والأخلاق داخل المجتمع، مبرزا أن المتضررين من هذا الأمر هم الأطفال والمراهقين، لكونهم الفئة الأكثر استهلاكا لمواقع التواصل الاجتماعي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News