جهويات

فن النحاسيات.. حرفة تقاوم الاندثار بتاردوانت في زمن الصناعات الجاهزة والمستوردة

فن النحاسيات.. حرفة تقاوم الاندثار بتاردوانت في زمن الصناعات الجاهزة والمستوردة

داخل ورشته بالمركب المندمج للصناعة التقليدية بمدخل مدينة تارودانت، يجلس الصانع التلقيدي، نادر شالاح، مختص في النحاسيات والمعادن والديكور، وسط صفائح نحاسية تنتظر دورها لتحولها أنامله إلى لوحة فنية.

باستخدام أقلام نقش فولاذية تسمى “الماعون”، يرسم هذا الفنان المولع بالنحاسيات زخرفات هندسية على مسارات خطها مسبقا بالاستعانة بمسطرة وبركار أو الفرجار (آلة يدوية صغيرة ذات ساقين تستعمل لرسم الدائرة أو أجزاء منها).

يقول شالاح وكله فخر بعراقة الصناعة التقليدية المغربية إن “حرفة نقش الأواني النحاسية والفضية تحقق إشعاعا وطنيا، وتساهم في جذب السياح”، مضيفا أنه يعمل على النحاس أو القزدير، حيث يصنع ديكورات أو أكسسوارات، خصوصا منها التي تكون في المطابخ و الصالونات والحمامات.

وعن طريقة النقش، أوضح الحرفي، أن الأمر يختلف بحسب نوع المنتج النحاسي المراد صناعته، “سواء كان صينية أم برادا أم صحنا للديكور”، مشيرا إلى أن “المرحلة الموازية لمراحل الإنتاج هي تلميع النحاسيات وتحديد شكلها النهائي بالاستعانة بآلة يدوية”.

أما الآلات والأدوات والمواد المستعملة في هذه الحرفة عديدة ومتنوعة، ذكر منها آلة الطور (Tour) ويحتوي على مرابع النكالس، الكرة، أما التلحيم فتستعمل فيه “السبيكة” وتضاف لها نسبة من الرصاص، وكذلك هناك ما يعرف عند الصناع بالشيفون، هذا بالنسبة لعملية “البوليساج”.

وبالنسبة لما يسمى بين الصناع “الزواق المطلوق” ويهم غالبا الصينية، التربيعة، فيتم بواسطة لمزيرة، المطرقة، أضفاري، الماعون مرشوق، المثقب، “ازواق لمعلق” يهم البراد، الطاس، اطبق، البابور، ويتم استعمال “اشكاطة” وهي وسيلة تأخذ شكل البراد (إبريق الشاي).

وقبل دخول الآلة كان العمل بهذا القطاع شاقا، حيث كان الصانع التقليدي يقضي ثلاثة أيام تقريبا لصنع “براد” واحد، أما اليوم ومع إقحام بعض الآلات كالطور “Tour” والبوليساج “Polissage” في هذه الصنعة، سهل العمل بها مع زيادة ملحوظة في معدل الإنتاج.

أما المدة التي تستغرقها صناعة منتج نحاسي ما، ترتبط بنوعية الجودة المطلوبة، إذ يمكن أن يأخذ النقش على صينية أو براد مدة ساعة، كما يمكن أن تنخفض المدة أربع مرات أو حتى خمس.

تحتل صناعة “النحاسيات” بمدينة تارودانت مكانة مرموقة بين باقي الحرف التقليدية التي تزخر بها منذ القدم، إذ تحافظ الحرفة على هويتها كإحدى أبرز المهن اليدوية التقليدية وأكثرها جمالا وعراقة.

وللمنتجات النحاسية مكانة رمزية مهمة لدى ساكنة المدينة الذين يستعملونها في أواني البيت، لا سيما تلك المخصصة لاستقبال الضيوف وفي الأعياد والمناسبات، كما تساهم زخرفة تلك المنتجات ونقشها الفريد في إضفاء جمال على البيوت الرودانية عموما، والمائدة خصوصا، لكنها تقاوم الاندثار في زمن الصناعات الجاهزة أو المستوردة.

وفي هذا الصدد، قال نائب رئيس الغرفة الجهوية للصناعة التقليدية بجهة سوس ماسة، سمير الشهيب، إن حرفة صناعة النحاسيات، هي حرف من بين الحرف المهددة بالإندثار، لكن بالتظافر مع مجموعة من المتداخلين “نحاول أن تبقى هذه الحرف على قيد الحياة، رغم مجموعة من الإكراهات التي تعرفها ارتفاع الأسعار المواد الأولية”.

وأكد، أن القطاع بدأ يعرف إنتعاشة بفعل مجموعة من الاستثمارات السياحية التي لها علاقة بهذه المنتوجات، و”اليوم تارودانت تتميز على مستوى الجهة بتواجد مجموعة من الصناع المختصين في صناعة النحاسيات”.

وتعتبر صناعة النحاس من أبرز الفنون الحرفية في المغرب، كما أنها من أكثر الحرف اليدوية التقليدية التي تحتاج إلى حرفيين حقيقيين متمرسين في الحرفة حتى تخرج القطعة من بين أيديهم تحفة فنية تثير الإعجاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News