تربية وتعليم

“إرث ثقافي” بائد أم “تأديب واجب”.. العقاب البدني للتلاميذ يقسم تفسيرات الخبراء للظاهرة

“إرث ثقافي” بائد أم “تأديب واجب”.. العقاب البدني للتلاميذ يقسم تفسيرات الخبراء للظاهرة

27.6 بالمئة من تلاميذ المدارس الابتدائية بالمغرب تعرضوا للعقاب البدني خلال العام الدراسي الحالي، بحسب ما أفاد به بحث ميداني أنجزه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بشراكة مع “اليونسيف”. وكشفت الدراسة أن العقاب البدني ما زال مستمرا في المؤسسات التعليمية المغربية، إذ لا يزال يمارس في المدارس الابتدائية بأشكال متعددة يتباين تواترها تبعا للوسط والجنس والقطاع والمؤسسة.

إرث ثقافي بائد

محمد حبيب، مختص نفسي تربوي، يرى أن “العقاب البدني هو إرث ثقافي لمجموعة من المؤسسات التعليمية ومجموعة من المدرِّسين”، موضحا أن “المسألة مرتبطة بتراث ثقافي وعقليات لازالت متشبتة بهذه الأساليب الرديئة في التعامل”.

وأضاف الخبير، في حديث لجريدة “مدار21″ الإلكترونية، تعليقا على هذا الرقم الذي كشفه المجلس الأعلى للتربية والتكوين، أن هذه الأرقام تظهر عجزا على مستوى الأدوات والآليات البيداغوجية والتربوية لدى الأطقم التربوية بالمؤسسات التعليمية، التي ترى في العقاب حلا وحيدا أمامها”.

وأشار حبيب إلى أن “العديد من الآباء والأمهات لازالوا يتشبتون بالعقاب باعتباره حلا مناسبا وسهلا بالمؤسسات التعليمية”، مؤكدا على “ضرورة القطع والحسم مع هذا الأسلوب، من خلال تجنيد الأطقم التربوية بمجموعة من الآليات والأدوات والبيداغوجيات التربوية التي تنبني على اللاعنف واللاعقاب لتعزيز أسلوب الحوار والتواصل البناء بين الأستاذ والتلميذ”.

وشدد المختص النفسي والتربوي على “ضرورة التوجيه الأنسب للأطر التعليمية من أجل تربية فعالة وناجعة ومفعمة بروح التواصل الإيجابي بين الأستاذ والتلميذ وتعزيز روح العملية التعليمية التعلُمية بين الطفل والأستاذ والمؤسسة التعليمية لتوفير جو إيجابي وفضاء مريح بالنسبة للأطفال بدون خوف أو ترهيب أو تهديد”.

تأديب وليس عقاب
من جهته، يرى المستشار الأسري حامد الإدريسي أن “كلمة العقاب البدني هي كلمة غير دقيقة في وصف ما يحدث عادة بين المعلم والتلميذ أو ما يحدث بين الأب والأبناء، فهذا يسمى تأديبا، والمعلم يسمى مؤدبا، وعليه فالتأديب ينبغي أن يكون حاضرا في أي منظومة تربوية أو تعليمية، لكن بشروطه وظروفه وأساليبه الحضارية التي تقيم منظومة متكاملة فيها الترغيب وفيها الترهيب”.

وتعليقا على الدراسة التي نشرها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، قال الإدريسي في تصريحه لجريدة “مدار 21” الإلكترونية إنه “ينبغي النظر في مثل هذه التقارير بعين النقد لا بعين التسليم، لأن المنطلقات التي تنطلق منها قد تكون منطلقات بعيدة عن بيئتنا وتقاليدنا، خصوصا أننا ندرك وجود بعض الجهات المغرضة التي تستهدف المغرب وتستهدف صورته أمام العالم”.

وتابع المتحدث ذاته قائلا: “فيمكن أن تكون بعض هذه التقارير قابلة للنظر من قبل المختصين ويجب أيضا الاستماع للطرف الآخر الذي هو المدرس الذي تدفعه عادة غريزته في الحرص على الطلاب إلى الخروج عن أسلوب الترغيب إلى أسلوب الترهيب، خصوصا أن بعض الطلاب قد يستغل تساهل المدرس لإحداث فوضى وإفساد العملية التعليمية، لذلك ينبغي الاستماع للمدرس هو الآخر وإيجاد أساليب أكثر فعالية في تحقيق التوازن داخل الفصل الدراسي”.

ويعتبر المستشار الأسري أن “كلنا تربينا على يد أساتذة حريصين، وكلنا قد أخذ نصيبه من التأديب، لكن ذلك لم يكن يحدث لدينا أي مشاعر سلبية، فقد كانت العلاقة مع المدرس محاطة بتلك الهيبة التي تجعله في مقام الأب، وعليه ينبغي قراءة منظومتنا القيمية والتربوية قراءة أكاديمية لاستخلاص نموذج خاص بنا يتوافق مع احتياجاتنا وظروفنا المرحلية”.

واستدرك المتحدث عينه قائلا: “أما تنزيل نظريات غريبة وتحكيم المجتمع إلى تلك النظريات والمعايير فهذا يعطي عادة نتائج غير دقيقة، فلكل بيئة خصائصها التي تؤطر النظريات التعليمية”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News